الا نشاد الدنيا وحب الرحة الإنشاد للدنيا ، و حب الراحة : كلنا يعلم بأن من طبيعة الإنسان ؛ أنه يحب الحياة ، و يتشبث بها ، و يبحث عن الراحة بأيّ ثمن كان ، أما التضحية فلا يقدم عليها إلا من استلذ طعمها ، و من هنا يبدأ الصراع بين نفس الإنسان الراغبة في الحياة ، و بين روح التضحية ، فإن كان الإنسان عميق الإيمان ، متشبعا برؤى صحيحة ، و أفكار متينة ، تغلّب على سلبيات نفسه ، وذلل جميع الصعاب من أجل تفعيل الحياة ، والتخلص من دائرة المجرورات و المضافات إلى صرح الحضارات ،، لكن حلاوة الدنيا و اخضرارها لم تدع له مجالا للتفكير، و التخلص من حلاقاتها المحكمة ، إلا من أبصر حقيقتها في مرآة نفسه كما أبصرها عليُ ـ ض ـ حين قام ذات ليلة يبكي فيها كالوالهة الثكلى التي فقدت حبيبها ويقول للدنيا : " ألي تشوقتي ، ألي تزينتي ، إليك عني ، فلقد بتتتك ثلاثا فغري غيري " , و لهذا فإن الحرب النفسية تستعمل هذا الجانب بقوة لأنها تدرك مطالب النفس و ضروراتها ، كضرورة المال ،و ضرورة الجسد وما يتبعه من لذات و غرائز معنوية و حسية ،فتارة تستعمل سلاح التخويف و الترهيب ،وتارة أخرى سلاح التجويع و قطع الأرزاق ، مدعمة بسلطة الإعلام وأجهزته الثقيلة التي سحرت أعين الكثير من الناس و استرهبتها بنظرية " جوّع كلبك يتبعك " حتى أصبحت معادلة - خوف + جوع = سكوت و إحجام- تطعم بها الشعوب قهرا . و قد تكون هذه الحرب بانفتاح زهرة الدنيا على قلوب عبّادها و طلابها ؛ فتهلكهم كما أهلكت الكثيرين من قبلهم فجعلتهم أحاديث و مزقتهم شر ممزق المفهوم الخاطىء للحياة و رسالتها يغلط الكثير من الناس في مسمى الحياة ، حيث يتصورونها بأنها التنعم بلا قيود ، و الإستمتاع بلا حدود ، و التفنن في لذة الرياسة ، و الإنسياق وراء الأهواء و الشهوات !! و لا ريب أن هذه لذة مشتركة بين السوائم ، فمن لم يكن همه إلا مشاركة السباع ، و الدواب ، و الأنعام ، فذلك ممن يُنادى عليه من مكان بعيد ! لأنه لم يفقه السر من وجوده ، و الرسالة المنوطة بعنقه . قال أحد المفكرين في كتاب " نزيف الأدمغة " : [ إن كلمة الحق أمانة في أعناق المفكرين ، و قادة الرأي ، و حين يتخلى هؤلاء عن أمانتهم و رسالتهم ، فإن الحيوان الزاحف السام الذي يزحف على بطنه ، يصبح أكثر عطاء للخير منهم ...] ،،، هذه الرؤى الصائبة و للأسف حجبتها الحروب النفسية بأساليبها البراقة ، و شعاراتها المزخرفة حتى صارت صورتها مضببة لدى جيلنا الذي أبى إلا أن يسلم المقود الحضاري لغيرنا ، لأنه "خلاص" ألف التقلب على الأسرة الفاخرة ، و تناول الأطباق الجاهزة ،،،و إليه أن يسمع و يتعلم من عدوه الصليبي "مسيو بيدو" وزير خارجية فرنسا لما زار بعض البرلمانيين الفرنسيين ، و طلبوا منه وضع حد للمعركة الدائرة في "مراكش" فاجابهم : [ إنها معركة بين الهلال و الصليب ...] ، هكذا فهموا الحياة ، فهموها على أنها فكرة و جهاد ،تضحية و عطاء ، فأما الذين لا يعيشون إلا لذواتهم فستلفظهم الحياة ، و يطويهم التاريخ في صفحات النسيان ، و لا تبكي لفقدانهم أرض و لا سماء ،،، ينتقلون من موت إلى موت أخرى و لله در القائل : استأخرت استبق الحياة فلم *** أر حياة إلا أن أتقــدما المسوغـــــــــات: أما هذا الصنف من المنهزمين ؛ فإنهم يؤمنون بالصراع الحضاري ، و سنة التدافع ، و لكنهم يبررون تقاعسهم ، و جمودهم باعذار واهية رسمت صورها في مخيلتهم ريشة الإعلام الساحرة ، فتارة تراهم يحتجون بعدم وضوح الرؤية و الهدف ، و تارة أخرى بالظروف الحرجة ، و ثالثة يلقي اللوم على اعدائه و كأن أعدءه سينصفونه ! و ما هذه الأعذار في حقيقة الأمر إلا تملصات و حيل نفسية للهروب من مواجهة الأمواج العاتية و ركوبها ، و لكن ! فليعلم هؤلاء الذين كرعوا من أكواب الهزيمة فبخلوا بأنفسهم سيقدمون يوما على مذبح الذل،،،فأما تصعيد الزفرات ، و تخريج التنهدات ليست سوى وسائل سلبية ، لا تنفض غبار و لا ترد كيد الأشرار..! و بعد ؛ فإن النفوس المنهزمة حضاريا لا تستطيع العيش إلا من فتات أعدائها ، و السير في ظلها ، و ستظل إمعة لا تملك لبنة واحدة تضعها أو تقدمها لبناء صرح الحضارة تحفظ بها ماء و جهها أمام أسيادها ، و أن الصواب في كل حين أن تسلك طريق الهمة ، فهو الطريق الوحيد في خارطتنا لا نملك سواه ، و أما الجبن ، و الإنزواء ، و التألم ، فصحاري مهلكة ، و فيافي مقفرة . أبو عبدالمحسن </b> |
رد: الا نشاد الدنيا وحب الرحة جزاك الله الجنة |
رد: الا نشاد الدنيا وحب الرحة شكرا على الموضوع جزاك الله خيرا وجعله في موازين حسناتك |
الساعة الآن 09:41 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن