منتديات بني بحير بلقرن - رحل أبو باسم وكلنا مرتحل

الحمد الله الحي القيوم الذي لا يموت .. غافر الذنب وقابل التوب ذي الطول شديد العقاب ..
والصلاة والسلام على الرسول المصطفى الأمين .. رسولنا وقدوتنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
وبعد :
بعد انقطاع تام عن المنتدى دام ما يقارب ثلاثة أسابيع لا أدخل الشبكة تماماً .. إلا للبحث عن معلومة منهجية أو ما شابهها .. وبعد انقضاء ساعات الإختبارات التي دامت قرابة أسبوعين .. أعود لكم
وكنت مؤملاً أن أسطر بياض الصفحات .. بكلمات تحمل في ثناياها البهجة والسرور والفرح والفلاح .. لمن يتصفح حروفها ..
ولكنني غيرت رأيي بعد ساعة فقط من وصولي إلى الديرة مساء أمس .. بعد أن فجعت بخبر وفاة الأخ العزيز والزميل الوفي .. الأخ .. أبو باسم
استغرب البعض عندما نبأتهم أنني لم أعلم بالخبر من قبل .. وشرقت في ريقي وأنا أرفع جوالي أعزي الأخ الفاضل الأستاذ عوض علي .. في وفاة خاله ..
ما أدري ماذا حدث ؟
لكنني بالفعل استغربت كيف أن الخبر لم يصل إلي .. وصلتني رسائل في مكة عن وفاة العم علي بن عالي وعن وفاة زوجة أحد زملائنا بمدرسة التحفيظ .. لكن أبا باسم سكتت عنه الألسنة .
إني والله لمؤمن بالقضاء والقدر.. لكنني حزنت مساء أمس حزناً عظيماً على الأخ أبي باسم رحمه الله .. ومكمن السر في ذلك أنه قبل سفري .. أدخل التنويم بمستشفى الباحة ولم أعلم عن ذلك إلا على قرب خروجه وقرب سفري إلى مكة لأني كنت مشغولاً بالإختبارات ، فما استطعت أن أزوره لا في المستشفى ولا في البيت .. وقلت في نفسي .. إذا رجعت من الاختبارات أعوده وأزوره .. وكنت قد حدثت الأستاذ عوض بظروف سفري حتى يبلغه عني السلام ...
إني اكتب اليوم لكم هذه الحروف عن هذا الرجل .. الذي قد لا يعرفه الكثير .. فما هو بذلك الرجل المشهور .. وما هو بصاحب مال ولا هو من أهل المناصب والجاه ..
لكنه والله قد أسر القلوب بحبه ..
رجل خدوم بكل ما تعنيه الكلمة .. رجل لا تفارق الإبتسامة شفتيه .. رجل يحمل عزة نفس لا تجدها عند أكثر الناس في هذا الزمان .. وهذه من الأسرار التي قد لا يعلمها إلا القليل وأظن الأستاذ علي معيض لو قرأ مقالي هذا لعلم ما هو السبب الذي جعلني أصفه بعزة النفس الرفيعة .
مات أبو باسم ووسد التراب .. ورحل عن عالم الأحياء .. تاركاً خلفه أسره كبيرة .. قهرتها ظروف الحياة ومستلزماتها ومتطلباتها ...
أبو باسم كابد الحاجة والفاقة طوال السنين الماضية .. براتب شهري قد لا يفي بحاجة نفرين أو ثلاثة .. فما ظنكم بمن يملك أسرة كبيرة كأبي باسم .. أبو باسم طول حياته التي عرفناها .. ما مد يده لأحد .. وما تشفع بأحد كما يفعل ضعاف النفوس ... عرفنا هذا أيام عملنا بالمستودع الخيري وجميعة البر الخيرية ...
رحل أبو باسم تاركاً مجلسه اليومي الذي طالما وجدته عليه بجوار بقالة " عفاس " ينتظر سيارة تقله إلى عمله ..
رحل أبو باسم يحمل في صدره هموم أطفال يتثاغون .. وزوجة تفرقت بها السبل وضاقت بها الحيل ، بين هم التربية وهم الفقر والحاجة وألم الرحيل المر.
رحل أبو باسم لأن الله تعالى قد كتب الرحيل على كل الخلق ، وهو أعلم وأرحم بعباده منهم .
لست فيلسوفاً .. ولا عربيد بديع الكلام والألفاظ .
لكنني رجل أحمل قلب كغيري يحترق ألماً عندما يرى حاجة وفاقة مثل هؤلاء ... ويرى غفلتنا عنهم .
رحل أبو باسم أيها الأحباب .. ولا أحد لذريته من خلفه إلا الله تعالى ثم عطفكم وحنوكم ... رحل أبو باسم تاركاً خلفه جلة من الزملاء طالما قدم لهم خدمات جليلة ، وحان الوقت .. لمن أراد أن يرد الجميل مبتغياً الأجر من الله تعالى ..
رحل أبو باسم تاركاً أهل قريته على علم ويقين بحاجة أهل بيته وحرقة ألم الفراق وسخيمة العوز ...
فما عسانا فاعلون ..
نداء صادق أتقرب به إلى الله تعالى لكل جار أو صديق أو زميل .. لأبي باسم ... أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً .. فيا من تريد مرافقة نبي الإنسانية ، هذه فرصة عظيمة لكفالة يتيم أو البذل لأرملة .
رحل أبو باسم ولسان حاله يلهج لنا بالقول السديد " رحلت عنكم وكلكم مرتحل "
فيا من غفل عن الموت ، هب نفسك أبا باسم ، وترقب ساعة الرحيل ، فإنها إن لم تكن اليوم ، فلا غرو في غدٍ ، وإن غداً لناظره قريب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم : م ح البحيري