فضفضة مونديالية: دومينيك والإستقـــرار الممـــــل ..! - Goal.com

دائماً نحكم نحن معشر العرب على الأمور بسرعة وبطريقة إنفعالية وبدون تفكير كثير .. نرجع هذا الأمر إلى أننا شعوب "عاطفية" –رغم أنني لا أعرف كيف نكون عاطفيين ونحن نشاهد كوارث تحدث في بلادنا بدون أن تتحرك مشاعرنا- والصحيح أننا شعوب متعجلة لا تدرس الأمور بعناية قبل أن تتخذ القرار وإنما تتخذ القرار وتبدأ في معرفة من اتخذه ويستمر الأمر مدة حتى ننسى الأمر برمته وتتوه الحقيقة ويختفي المذنب.

الكثيرون سخروا من الألمان والإسبان بعد خسارتهم لمباراتهما أمام صربيا وسويسرا بالترتيب وعلق كثيرون بالقول إن ألمانيا ظهر وجهها الحقيقي وسخر كثيرون من الإسبان بتعليقات من نوعية "هل هذا هو المرشح الأكبر؟ " وعلى هذا الطريقة سارت أغلب التعليقات.

لكني أختلف مع هذه التعليقات جملة وتفصيلاً، فالألمان قدموا عرضاً رائعاً أمام الأستراليين ولم يقدموا ذاك العرض السيء أمام صربياً.. أولاً هم واجهوا منتخباً قوياً تصدر مجموعته في التصفيات ويريد الإستفاقة بعد هزيمته المفاجئة وثانياً لعبوا منقوصين العدد في لقاء بدني من الدرجة الأولى.

رغم ذلك لم نشعر أن الألمان يلعبون بـ10 لاعبين، ولم نشعر في نهايات المباراة أن معدل اللياقة البدنية قد انخفض كثيراً بل إن الناسيونال مانشافت تفوق في أغلب فترات المباراة وأضاع العديد من الأهداف في مقدمتها بطبيعة الحال ركلة الجزاء، على عكس كل الفرق التي لعبت منقوصة.. كلها تراجعت للدفاع ولم تستطع مجاراة من يلعب أمامها

المنتخب الألماني لم تظهر عليه علامات التعب إلا في الـ5 دقائق الأخيرة خصوصاً بعد أن دفع رادومير أنتيتش بمهاجم جديد ليحاول فك الضغط الألماني الذي كان عنيفاً خصوصاً في بدايات الشوط الثاني، ووقتها ظهرت المساحات في دفاع الناسيونال مانشافت فقط لأن بيير ميرتساكر تلقى تعليمات من لوف بالتقدم للأمام للإستفادة من طوله الفارع وإجادته للكرات الرأسية.

أخطاء لوف لم تكن في إدارته للمباراة نفسها وفي نهج الفريق بقدر ما كانت أخطاؤه في التغييرات، بعد أن أبقى على لوكاس بودولسكي الذي خرج من اللعبة تماماً بعد أن أضاع فرصتين في بداية الشوط الثاني ثم أكملهما بركلة الجزاء المهدرة فتحول إلى "وحش فوضوي" لا يهمه سوى تعويض الفرص وبالتالي أضاع غيرها ولاحظنا أن كثيراً من هجمات الألمان كانت تتكسر عند مهاجم كولن الذي كان يسدد بدلاً من أن يمرر في أوقات كثيرة يُفضَّل فيها التمرير.. كان يجب على لوف سحب بودولسكي بدلاً من إخراج من كانا متميزين فعلاً وهما مسعود أوزيل وتوماس مولر خصوصاً الأخير.

الخطأ الثاني في التغييرات كانت في إشراك ماركو مارين .. الموهوب الألماني يتمتع بقدرات مبهرة لكنه يظل صغير الحجم والقوة غير قادر على إحداث الفارق في لقاء بدني كهذا وخصوصاً في ظل لعبه على الناحية اليمنى التي يقبع بها مدافع صلد جداً اسمه إيفانوفيتش.

من هذا المنطلق، أرى أن هزيمة ألمانيا كانت هزيمة عابرة لا تعكس قوة المنتخب الألماني الذي أراه متكاملاً جداً خصوصاً في هجومه، ورغم أنني أتمنى التوفيق للمنتخب الغاني من واقع "أفريقيتي" إلا أنني لا أتوقع أن يصمد "البلاك ستارز" في وجه المانشافت وإن كان ممكناً صعودهما معاً في حالة فوز أستراليا أو تعادلها مع صربيا.

بالفعل هي أفضل ما يمكن أن يحدث للإسبان .. علموا أنهم قد يتعرضوا لسيناريو الولايات المتحدة في كأس القارات لكن السيناريو حدث في الدور الأول وبالتالي بات من الممكن إصلاحه.. أرى الماتادور قادراً تماماً على إصلاحه وأن ما حدث مجرد كبوة.

بل إن مباراة سويسرا كشفت لديل بوسكي سوء إختياره لطريقة لعب المنتخب الإسباني والمبالغة في وضع لاعبي وسط دفاعي متشابهي المهام بجانب القرار الخاطئ تماماً بتقديم تشافي ليلعب صانع ألعاب متقدم ليقتل دافيد سيلفا تقريباً ويقلل من تأثير تشافي الذي يعتمد بشكل واضح على التأخر بعض الشيء للخلف لكشف أكبر قدر ممكن من الملعب وتنفيذ تمريرته القاتلة.

على ديل بوسكي أن يتفادى الدخول في التفكير في رضاء ريال مدريد وبرشلونة عليه، فهذا كفيل بتدمير أحلام الفيوريا روخا .. رأيت هذا واضحاً تماماً في إشتراك بيدرو رودريجيز وخيسوس نافاس .. الأول يلعب في برشلونة والثاني مرشح للإنضمام للريال..

شخصياً كنت لأختار الدفع بخوان ماتا لسبب واضح .. أن الأخير يستطيع اللعب لداخل الملعب وهو ما يفتقده نافاس الذي انشغل بالعرضيات –المهمة الرئيسية للجناح- لفرناندو توريس ومن الواضح أنها كانت تعليمات من ديل بوسكي واستراتيجية منه بالدفع بتوريس ونافاس في نفس الوقت، لكنها كانت استراتيجية خاطئة تماماً مع منتخب كسويسرا، فإن كنت تستطيع مضايقة دفاع دولة الحياد بالتمريرات الأرضية، فلن تستطيع أبداً فعل ذلك مع منتخب لا يقل طول مدافعيه المتوسط عن 1,85 سم.

أما سبب تفضيل ماتا على بيدرو هو أن الأخير متفاهم جداً مع دافيد فيا بسبب الزمالة في فالنسيا -التي ستنتهي بينهما الموسم القادم- كما أن اللاعب الأعسر يملك خبرة دولية أكبر من بيدرو الذي مازال يحبو دولياً وإن كان إشراكه ليس بالأمر السيء إذا كان ماتا في الملعب من الأساس.

خلاصة القول أن إسبانيا تعلمت الدرس جيداً، والدليل تحرك ديل بوسكي للتعديل في تشكيلته رغم أنني أشفق عليه من هذا الكم من النجوم الذين يسببون الحيرة لأي شخص، وأن الخسارة من سويسرا لا تعني أن إسبانيا لم تعد مرشحة بل العكس، باتت مرشح حذر لا يركن لفكرة أنه مرشح وهي الفكرة التي دمرت فرقاً كثيرة من قبل.