منتديات بني بحير بلقرن

منتديات بني بحير بلقرن (http://www.binybohair.com/vb/)
-   السيرة النبوية (http://www.binybohair.com/vb/f68/)
-   -   لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا (http://www.binybohair.com/vb/binybohair17028/)

ابومرام 06-26-2010 06:13 PM

لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا
 
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ))[1]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ))[2]

وَوَقَعَ فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد عِنْدَ مُسْلِم سبب لهذا الحديث :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : (( بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذُوا الشَّيْطَانَ أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ ، لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا" ))[3]

وعن عَوْف بْن مَالِك قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لأَنْ يَمْتَلِئ جَوْف أَحَدكُمْ مِنْ عَانَته إِلَى لَهَاته قَيْحًا يَتَخَضْخَض خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا )) .

سَنَده حَسَن رواه الطَّحَاوِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ .

معنى (يَرِيهِ) َقَالَ أَبُو عُبَيْد : الْوَرْي هُوَ أَنْ يَأْكُل الْقَيْح جَوْفه .
وَقِيلَ : مَعْنَى قَوْله " حَتَّى يَرِيَهُ " أَيْ يُصِيب رِئَته , وَيُقَرِّب ذَلِكَ أَنَّ الرِّئَة إِذَا اِمْتَلأَتْ قَيْحًا يَحْصُل الْهَلاك .
( جَوْف أَحَدكُمْ ) فَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة :
ـ يَحْتَمِل ظَاهِره أَنْ يَكُون الْمُرَاد جَوْفه كُلّه وَمَا فِيهِ مِنْ الْقَلْب وَغَيْره .
ـ وَيَحْتَمِل أَنْ يُرِيد بِهِ الْقَلْب خَاصَّة وَهُوَ الأَظْهَر لأَنَّ أَهْل الطِّبّ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْقَيْح إِذَا وَصَلَ إِلَى الْقَلْب شَيْء مِنْهُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَإِنَّ صَاحِبه يَمُوت لا مَحَالَة , بِخِلافِ غَيْر الْقَلْب مِمَّا فِي الْجَوْف مِنْ الْكَبِد وَالرِّئَة .
قُلْت : وَيُقَوِّي الاحْتِمَال الأَوَّل رِوَايَة عَوْف بْن مَالِك (( لأَنْ يَمْتَلِئ جَوْف أَحَدكُمْ مِنْ عَانَته إِلَى لَهَاته )) ، وَتَظْهَر مُنَاسَبَته لِلثَّانِي لأَنَّ مُقَابِله - وَهُوَ الشِّعْر - مَحَلّه الْقَلْب لأَنَّهُ يَنْشَأ عَنْ الْفِكْر .

وَأَشَارَ اِبْن أَبِي جَمْرَة إِلَى عَدَم الْفَرْق فِي اِمْتِلاء الْجَوْف مِنْ الشِّعْر بَيْنَ مَنْ يُنْشِئهُ أَوْ يَتَعَانَى حِفْظه مِنْ شِعْر غَيْره وَهُوَ ظَاهِر .

وَقَوْله ( شِعْرًا ) ظَاهِره الْعُمُوم فِي كُلّ شِعْر , لَكِنَّهُ مَخْصُوص بِمَا لَمْ يَكُنْ مَدْحًا حَقًّا كَمَدْحِ اللَّه وَرَسُوله وَمَا اِشْتَمَلَ عَلَى الذِّكْر وَالزُّهْد وَسَائِر الْمَوَاعِظ مِمَّا لا إِفْرَاط فِيهِ , وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث عَمْرو بْن الشَّرِيد عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ مُسْلِم : قَالَ : (( رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : هِيهْ ، فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا ، فَقَالَ : هِيهْ ، ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا ، فَقَالَ : هِيهْ ، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ ))[4]
قَالَ اِبْن بَطَّال : ذَكَرَ بَعْضهمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْله " خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا " يَعْنِي الشِّعْر الَّذِي هُجِيَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد : وَاَلَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا الْحَدِيث غَيْر هَذَا الْقَوْل ; لأَنَّ الَّذِي هُجِيَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ شَطْر بَيْت لَكَانَ كُفْرًا , فَكَأَنَّهُ إِذَا حَمَلَ وَجْه الْحَدِيث عَلَى اِمْتِلاء الْقَلْب مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ رَخَّصَ فِي الْقَلِيل مِنْهُ .
وَلَكِنْ وَجْهه عِنْدِي أَنْ يَمْتَلِئ قَلْبه مِنْ الشِّعْر حَتَّى يَغْلِب عَلَيْهِ فَيَشْغَلهُ عَنْ الْقُرْآن وَعَنْ ذِكْر اللَّه فَيَكُون الْغَالِب عَلَيْهِ , فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقُرْآن وَالْعِلْم الْغَالِبَيْنِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ جَوْفه مُمْتَلِئًا مِنْ الشِّعْر .

وَيُؤَيِّد تَأْوِيل أَبِي عُبَيْد مَا أَخْرَجَهُ الْبَغَوِيُّ فِي " مُعْجَم الصَّحَابَة " وَالْحَسَن بْن سُفْيَان فِي مُسْنَده وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " الأَوْسَط " مِنْ حَدِيث مَالِك بْن عُمَيْر السُّلَمِيِّ :
(( أَنَّهُ شَهِدَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَتْح وَغَيْرهَا وَكَانَ شَاعِرًا فَقَالَ " يَا رَسُول اللَّه أَفْتِنِي فِي الشِّعْر " فَذَكَرَ الْحَدِيث وَزَادَ " قُلْت يَا رَسُول اللَّه اِمْسَحْ عَلَى رَأْسِي , قَالَ فَوَضَعَ يَده عَلَى رَأْسِي فَمَا قُلْت بَيْت شَعْر بَعْد " وَفِي رِوَايَة الْحَسَن بْن سُفْيَان بَعْد قَوْله " عَلَى رَأْسِي " " ثُمَّ أَمَرَّهَا عَلَى كَبِدِي وَبَطْنِي " وَزَادَ الْبَغَوِيُّ فِي رِوَايَته : " فَإِنْ رَابَك مِنْهُ شَيْء فَاشْبِبْ بِامْرَأَتِك وَامْدَحْ رَاحِلَتك "
فَلَوْ كَانَ الْمُرَاد الامْتِلاء مِنْ الشَّعْر لَمَا أَذِنَ لَهُ فِي شَيْء مِنْهُ . بَلْ دَلَّتْ الزِّيَادَة الأَخِيرَة عَلَى الإِذْن فِي الْمُبَاح مِنْهُ .
وَاسْتَدَلَّ بِتَأْوِيلِ أَبِي عُبَيْد عَلَى أَنَّ مَفْهُوم الصِّفَة ثَابِت بِاللُّغَةِ ; لأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ غَيْر الْكَثِير مِنْ الشِّعْر لَيْسَ كَالْكَثِيرِ فَخُصَّ الذَّمّ بِالْكَثِيرِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الامْتِلاء دُون الْقَلِيل مِنْهُ فَلا يَدْخُل فِي الذَّمّ . وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّ أَبَا عُبَيْد بَنَى هَذَا التَّأْوِيل عَلَى اِجْتِهَاده فَلا يَكُون نَاقِلاً لِلُّغَةِ , فَجَوَابه أَنَّهُ إِنَّمَا فَسَّرَ حَدِيث النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابه عَلَى مَا تَلَقَّفَهُ مِنْ لِسَان الْعَرَب لا عَلَى مَا يَعْرِض فِي خَاطِره لِمَا عُرِفَ مِنْ تَحَرُّزه فِي تَفْسِير الْحَدِيث النَّبَوِيّ .

وَأَلْحَقَ اِبْن أَبِي جَمْرَة بِامْتِلاءِ الْجَوْف بِالشِّعْرِ الْمَذْمُوم حَتَّى يَشْغَلهُ عَمَّا عَدَاهُ مِنْ الْوَاجِبَات وَالْمُسْتَحَبَّات الامْتِلاء مِنْ السَّجْع مَثَلاً وَمِنْ كُلّ عِلْم مَذْمُوم كَالسِّحْرِ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعُلُوم الَّتِي تُقَسِّي الْقَلْب وَتَشْغَلهُ عَنْ اللَّه تَعَالَى وَتُحْدِث الشُّكُوك فِي الاعْتِقَاد وَتُفْضِي بِهِ إِلَى التَّبَاغُض وَالتَّنَافُس .
( تَنْبِيه ) : مُنَاسَبَة هَذِهِ الْمُبَالَغَة فِي ذَمّ الشِّعْر أَنَّ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ كَانُوا فِي غَايَة الإِقْبَال عَلَيْهِ وَالاشْتِغَال بِهِ , فَزَجَرَهُمْ عَنْهُ لِيَقْبَلُوا عَلَى الْقُرْآن وَعَلَى ذِكْر اللَّه تَعَالَى وَعِبَادَته , فَمَنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مَا أُمِرَ بِهِ لَمْ يَضُرّهُ مَا بَقِيَ عِنْدَه مِمَّا سِوَى ذَلِكَ , وَاَللَّه أَعْلَم .[5]



[1] رواه البخاري (6154)
[2] رواه البخاري (6155)
[3] رواه مسلم (2259)
[4] رواه مسلم 2255)
[5] الفتح (10/564-566)


مطر البحيري 06-26-2010 10:24 PM


abuzeed 06-26-2010 11:54 PM

بارك الله فيك

ابومرام 06-27-2010 08:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مطر البحيري (المشاركة 109734)

http://www.binybohair.com/vb/mwaextr.../extra/100.gif

صمتي مهابه 06-27-2010 08:52 PM

دُمت بصحة وعافية
تقبل إجتيالي

ابومرام 06-27-2010 09:52 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صمتي مهابه (المشاركة 110060)
دُمت بصحة وعافية
تقبل إجتيالي

http://www.binybohair.com/vb/mwaextr.../extra/100.gif

ابومرام 11-01-2010 07:17 AM

رد: لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abuzeed (المشاركة 109804)
بارك الله فيك

وفيك ابا زيد

ابوشاهر 11-01-2010 08:13 AM

رد: لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا
 

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


الساعة الآن 10:35 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75