منتديات بني بحير بلقرن - فلسفة الاحتياط الموصلة للإحباط

فلسفة الاحتياط الموصلة للإحباط

تُلعب مباراة كرة القدم بين فريقين, يتكون كل فريق منهما من أحد عشر لاعباً, والباقون يجلسون على دكّة الاحتياط لأن الفريق بحاجة إليهم فهم المكملون لمجهودات زملائهم والبدلاء الذين يعّوضون اللاعبين المصابين أو الذين استُنزفت لياقتهم.

يأتي بعض المدربين ويختار التشكيلة التي سوف تلعب المباراة ثم يقول( يالله يا شباب هذي التشكيلة اللي راح تلعب والباقين احتياط ولو كان نظام اللعبة يسمح بكل اللاعبين كان لعبناكم كلكم).

يبني اللاعب الاحتياطي أسئلة حول هذه الجملة أولها لماذا لا يتم إشراكي في اللعب بدلاً من أحدهم؟ ولماذا أشرك فلان ولم يشركني؟ فتتأجج الأحقاد وتترعرع الضغائن في الفريق مما يؤثر سلباً عليه في نتائجه.
كرة القدم أصبحت مهنة أدرجت قبل أيام من قبل الخدمة المدنية في سلّم الوظائف في الدولة. وقد دخلت عالم الاحتراف قبل سنيّ عديدة وتبعاً لهذه الاحترافية لابد أن يكون كل من يرضع من هذه الأم الرؤوم هو محترف أيضاً.

في مجتمعنا البحيري لاعبون ذو مهارات عالية وعقلية محترفة نامية ولابد أن يكون هناك احترافية في الطرح من قبل الإداريين والمدربين وإليكم تجربتي مع الفريق الذي دربته وغيّرت بعض المفاهيم الخاطئة المتأصلة لدى لاعب الاحتياط.

أولاً/ وضحت لهم أن الفريق يحتاج لجميع لاعبيه بدون استثناء ولكن طريقة اللعب والفريق المنافس هما اللذان يحددان التشكيلة التي سوف تشارك في المباراة.

ثانياً/ وضحت لهم الفروقات الموجودة بينهم وأن الأظهرة فيهم الممتلك للنزعة الهجومية وفيهم الذي يميل للدفاعية وكذلك المحاور ووضحت لهم أن بعض اللاعبين مهاري والآخر تكتيكي ووضحت لهم أن الخطة أحياناً تستدعي اللعب بهجوم واحد على حساب الآخر وهكذا وأردت منهم أن يلغوا فكرة أن اللاعب الاحتياطي هو لاعب طوارئ يشارك عندما يغيب اللاعب الأساسي ووضحت لهم أن الإحتياط عندما يُغلف بالصبر فإنه يقود للنجاح.

ثالثاً/ أثبتُّ لهم كلامي هذا بضرب الأمثلة التساؤلية والتي تكون إجاباتها منبثقة من اللاعبين أنفسهم, فقلت لهم لو أردنا أن نتنزّه في شوارع مدينة الرياض وأخذنا طائرة هل سيكون ذلك مريحاً لنا وهل سنحقق هدفنا من هذه النزهة؟؟
ضحك الجميع وقالوا لا بكل تأكيد الطائرة لا تنفع إلاّ في الجوّ وفي الأماكن الواسعة.فقلت لهم ماذا سنستخدم؟ قالوا أكيد السيارة أو الباص. فقلت وهل نستطيع أن نقول إن الطائرة لا فائدة منها البتّة؟ فقالوا لا فهي أسرع وسيلة مواصلات ولكننا لا نحتاجها فيما ذكرته آنفاً. فقلت إذاً اللاعب الذي لا أشركه في تشكيلتي لا يظن أنه غير مفيد أو أن المشارك أفضل منه ولكن ظروف المباراة تحتم اللعب بهذا أو ذاك حتى يؤدي كل لاعب ما يطلب منه بكل يسر وسهولة ونحقق الهدف المرجو الذي سنلعب من أجله وهو الفوز. ثم ضربت لهم الأمثلة مع التبديل في المفردات فتارة أقول لهم هل يصح أن نعبر البحر بالسيارة لأوصل نفس الفكرة وتارة أقول هل يصح أن نقطع مابين الطائف والرياض بالسفينة لأوصل أيضاً نفس الفكرة التي تعزز ثقة اللاعب الاحتياطي في نفسه ولا تدع للإحباط طريقاً يلج إلى فؤاده.
اللاعب البحيري بحاجة إلى التثقيف الرياضي والطرح الجيّد الذي يجعله يتعامل مع كرة القدم تعامل المحترف الذي يقدم مصلحة الجماعة على مصالحه الشخصية, وهذا بدا واضحاً وجلياً وأنا شخصياً ممن لاحظ هذا الشيء فالبعض يقول لك(لو أجلس كل المباريات احتياط وفريقي يفوز ما عندي مشكلة) وهذه بادرة جيدة ولكن يجب أن نحفّزه ونخبره بالأشياء التي تنقصه أو الأشياء التي نريده أن يعززها حتى نصل لمرحلة يكون فيها الاحتياط لا يقل أهمية عن اللاعب الأساسي والفائدة العظمى تصب في إناء الفريق الذي سيحصد البطولات تلو البطولات.

أما إن تركنا اللاعب لا يعرف من معنى الاحتياط سوى الجلوس على دكّة الاحتياط لأجل مسمّى فإنه سيواجه إرهاصات مبهمة وألغاز لا يكاد يعلم لها حلاً ناهيك عن عبارات بعض الجماهير التي تصب على النار زيتاً في الغالب والتي تؤثر على نفسية اللاعب وتتسبب في تدني مستواه ويكون الاحتياط هو الإحباط بعينه.