منتديات بني بحير بلقرن

"إن صحوة ضميرك يا بني قد شفعت لك". هكذا قال القاضي للمتهم اليوناني اوديسوس فومفاس ذي الثماني وعشرين ربيعا"، وقد تهلل وجهه فما الذي جرى ياترى؟
...في ذلك اليوم الخامس من شهر مايو، هام أوديسوس فومفاس على وجهه في شوارع العاصمة اليونانية أثنيا وهو لا يكاد يجد مايسد به رمقه.. وبعد أن أحس بالتعب يسري في جسمه، ارتمى على أحد الكراسي في حديقة عمومية وسط العاصمة.. وسرعان ماغلبه النوم واستسلم لسلطانه.. غير أنه استفاق بعد برهة على صوت ضجيج السيارات
التي تمر بالقرب من الحديقة.
وعلى بعد أمتار لاحت له سيدة عجوز
وقد رسم الزمن كل أنواع التجاعيد في وجهها..
كانت تجلس وحيدة على كرسي وبجانبها محفظة نسائية قديمة.
لم يكد أوديسوس فومفاس يرمقها حتى لعب الشيطان برأسه، تقدم بخطى ثابتة... أحكم قبضته حول المحفظة... ثم أطلق ساقيه للريح غير آبه بصرخات العجوز، وعندما اطمأن إلى أنه أصبح في مأمن من قبضة الشرطة، فتح المحفظة فوجدها مليئة بالأوراق النقدية، بقدر عشرة آلاف دولار أميركي.. أخفى أوديسوس غنيمته في كيس بلاستيكي ثم أوى إلى غرفته البائسة في أحد الأحياء الهامشية الفقيرة بالعاصمة أثينا.
في اليوم التالي خرج لشراء ما لذ وطاب.. ومر بالقرب من أحد الأشكاك
عندما لاح له عنوان عريض مكتوب بالأحمر على الصفحة الأولى من إحدى الجرائد: لص يستولي على عشرة آلاف دولار! فعلت وجهه حمرة واضحة.. كل كلمة كان يقرأها كانت كشوكة يغرسها أحدهم في جسمه النجيل، لقد كانت العجوز قد قررت أن تتبرع بثروتها الصغيرة لصالح أحد ملاجئ الأيتام بأثينا.. وازداد تأنيب ضميره له عندما قرأ اسم الملجأ.. فهو نفس الملجأ الذي دخله طفلا صغيرا" فقيرا" جائعا" عندما لم يقبل أحد التكفل به.
انحدرت على خده دمعة حارة ثم دمعتان... وبسرعة البرق رجع إلى غرفته، امسك بالمحفظة، وتقدم بخطى ثابتة.. وهذه المرة اتجاه مقر الشرطة ليعترف للعميد بكل تلقائية بسرقته للمبلغ المالي قائلا انه لم يتحمل مجرد التفكير في حرمان نزلاء الملجأ من هذا المال وانه مستعد لتقبل العقاب الذي يستحقه.
خارج بناية المحكمة كانت مديرة الملجأ تنتظر الشاب اوديسوس لتعرض عليه وظيفة سكرتير الملجأ الذي دخله طفلا يتيما بائسا" منذ عشرين سنة..