منتديات بني بحير بلقرن

كلما أخذت مقعدي في الطائرة، شعرت بالشوق إليك أكثر. ترتفع الطائرة آلاف الأقدام. وحنيني يسبق اللحظات، وكأنني أرغب في الألتصاق بالأرض لوجودك عليها. أتحسس حزام الأمان، ليس خوفا" من الطائرة، ولكنني أحتاج أن أشعر بالدفء والأمان. أضم الحزام إلى صدري أكثر، لأنني أحتاج أن أشعر بك، حتى ولو وهما.
مع برودة الطائرة وبعد المسافات تتغير الأحاسيس، تصبح الأشياء البسيطة ذات قيمة. حتى العبارات العفوية والكلمات الأخيرة، يبقى صداها يختلج في داخلي، والصور ترسم خطوطها على آخر ابتسامة رأتها عيناي على شفتيك.
كل الأشياء حولي جامدة لا معنى لها،
ابتسامات مصطنعة، كلمات ترحيب مكررة، ووجوه جامدة وشاردة. عالم
متناقض يجمعه هيكل أسطواني، يتخاطب الجميع فيه بالأرقام، فكل يحمل بطاقة تحمل رقما، ففي نهاية المطاف أنت هذا الرقم وكل ماعدا ذلك إضافات.
ويبزغ وجهك من بين هذه الصور، كضوء القمر يخترق كل السحب. يضع الفاصل بين الوهم والحقيقة. مجرد تذكر وجهك يصنع للأشياء حياة، ويستعيد الفرح موقعه، وتتحجم
كل المؤثرات. التأثير ليس بالحجم ولا بالمساحات، التأثير الحقيقي بالمشاعر
التي تتجاوز كل المقاييس، وتفرض نفسها واقعا أكبر من لغة الأرقام، والمظاهر الخارجية.
كلما ارتفعت الطائرة أكثر، شعرت بضآلة الجغرافيا، وبساطة العالم. ساعات بسيطة تنقلك من عالم إلى آخر. ولكن كل ساعات العالم وسنينه
لاتغير مشاعري نحوك، بل هي تقربني إليك أكثر. ربما تأخذنا الخطوات مسارات مختلفة، ولكن حينما تأتي لحظة الحقيقة فبوصلتي تتجه إلى طريقها الذي لاتضيعه أبدا. أينما تكون عيناك تكون وجهتي لك، تلك المساحة التي تروي أحلامي، والتي من خلالها اكتشفت ذاتي، ومن وهجها رسمت طريق السعادة في حياتي.

¤رحلتي لم تكن من مطار إلى مطار
ولم تأخذني من قارة إلى قارة
بل بدأت بحروف كلماتك الناعمة في ذاكرتي
وأعلن الكابتن عن هبوط الطائرة وأنا مازلت في بدايات ابتسامتك الأولى.