منتديات بني بحير بلقرن

يبدأون رحلة الصيف، يبحثون عن مدن تحتضنهم، تأخذهم إلى حيث يحلمون. أو حيثما يعتقدون أنها السعادة الموعودة. يخططون لصيف يضعون على ضفافه همومهم، ويسعون لفتح مغارة المفاجآت. منهم من يبحث عن قصة تبدأ أحداثها في نهار صيف ساخن، وآخر يودع فصلا من كتابه، ليستعد لخوض مشوار جديد مع صيف يأتي بعوالمه المختلفة، وتوقعاته العالية، وقصصه العابرة.
هجرة الصيف تحيرني: هل هي بحث عن التغيير، أم هي هروب من واقع؟ أي واقع أهرب منه، وأي تغيير أسعى إليه؟ السفر يؤكد حاجتي إليك أكثر. ويحسم بشكل قاطع، أنك خارج الخيارات، وأني تجاوزت مساحة المقارنات. المدن لم تعن لي شيئا. هي مجسمات خرسانية مختلفة. مدن بدون روح. هي فراغات تملؤها مكعبات متناثرة. بينما وجودك يعيد للمدن روحها، بل يعيد للبشر ابتساماتهم وتفاؤلهم. كل تجربة سفر تؤكد لي أن الرحيل لم يكن إلا إليك، وأن المدن كانت وهما عابرا. كلما رحلت بي الأسفار بعيدا أدركت كم أنا قريب منك.
نكتشف في السفر أن الأماكن تتشابه في نهاية المطاف، وأن قيمة الأماكن تأتي من الأشخاص الذين يشاركوننا اللحظة والمكان. فالفرحة تظل يتيمة إذا انحصرت في شخص واحد، كما أن الأشياء تأخذ بعدا ثالثا بوجودك، يتجاوز قيمة المكان والزمان إلى العنصر الأهم وهو السعادة التي تكتمل حلقاتها بحضورك.
تعساء هؤلاء الذين يراهنون على الفلاشات العابرة والأوهام الوقتية، من أجل أن يعيشوا وهم السعادة. يغادرون النقاء والأصل، من أجل البحث عن زيف خادع. هل يخدعون أنفسهم، أم يخدعون غيرهم؟ كيف يتركون من يمنحهم الحب والوفاء، للإبحار في عالم يتعامل بمفهوم الصفقات والاستغلال؟
أشكرك لأنك أضأت لي دروب حياتي، وفتحت لي مدنا من السعادة لم أزرها من قبل. أسمحي لي أن أغير بوصلة سفري. وأختصر مشوار الرحيل، سوف أكتفي بالسفر إلى عاصمة العالم، فهي المساحة بين عينيك.

همسة:
قبل كل سفر أحرص على جمع كل أشيائي...
وفي كل مرة أكتشف أنني أنسى الأهم بين يديك