منتديات بني بحير بلقرن

أيام كثيرة لاأعرف عددها، حوارات عديدة تدور بداخلي حاولت كثيرا أن أهرب منها وأتجنبها، لكنها لم تفارقني، وأصرت على ملازمتي. وتطور الحوار إلى عذاب يومي، كنت اسأل نفسي: هل شعوري بالسعادة كان مجرد وهم؟ وهل أصبحت أجد راحة بالي في صمتي وسكوني وعزلتي؟.. قررت أن أعقد جلسة مع نفسي أحاسبها، كانت مواجهة عاصفة بين قلبي وعقلي.. قلبي الذي عاش بالحب وللحب وعلى الحب، وواجه عقلي الثائر لذاتي، وأعترف لها بالحقيقة الأليمة، بأن هناك ممن كنت أظنهم أصدقاء، كانوا
عكس ذلك، فهناك من أهديتهم شمعة تضيء لهم الطريق، فطعنوني
في ظهري، وهناك من عاملتهم بطيبة قلب، غدروا بي، ومنهم من علمتهم ووهبتهم دورس الحياة، فتنكروا لجهودي. والآن وقد هداني الله إلى معرفة حقيقتهم، وتمزيق أقنعتهم، وأحسست بالخجل من نفسي، فلأول مرة ارغب بالاعتذار لعقلي، الذي أرهقته، ولقلبي الذي أتعبته، ولوقتي الذي ضيعت ساعاته في المجاملات والواجبات الاجتماعية، واعتذرت لجراحي التي تركتها تتعمق وتناسيتها في غمرة انشغالي
بتضميد جراح الآخرين، اعتذرت لسعادتي التي توهمت بأنني سأجدها
في سعادة الآخرين، اعتذرت من تجاربي ومعاناتي التي لم استفد منها على أرض الواقع، اعتذرت لحسن ظني الذي بالغت في استخدامه
دون ترو وحكمة وحذر، وعتبت على فكري الذي خسر الرهان، وقررت أن أعيش بعدها كما يقولون ((لا أرى، لاأسمع، لاأتكلم))!.
لكن مازلت هناك أسئلة تتسع وتزيد مساحتها وتتداعى معانيها بداخلي، هل يمكن لي بعد ذلك على أن أراهن على صدق وإخلاص ومحبة إنسان، ولا أكتشف بعدها بأنه كذب علي وخدعني؟.
هل هناك من أثق بأنه لن يظلمني لن يخذلني أو يستهزىء بصدق مشاعري؟، هل سأجد من يتسامح ويحنو ويعفو مع إنسانيتي؟.. أسئلة حائرة وعلامات استفهام كثيرة جعلتني أنا وقلبي في مأزق أمام عقلي الذي أتعبه الواقع، تفاهمت معه
بأنني لن أتمكن من تغيير طبيعتي، وماتعودت ونشأت عليه فقال:
ساعد الآخرين، لكن احترس منهم ولا مانع من أن تحب بشرط أن تهب مشاعرك وأحاسيسك لمن يستحق، ولابأس في أن تتعامل مع كل من حولك من البشر ممن عرفتهم أو ستعرفهم، لكن مع الأخذ في الاعتبار،
بأن تتوقع أي شئ من أي شخص في أي وقت.
وفي أثناء محاورتي مع عقلي، بادرتني ذاتي بقولها بأني لن أنعم بالراحة إلا في وحدتي والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
أنين الحياة:
علمتني الحياة أن أتوقف... أن أكون
الآخرين، فأنا لست سوى أنا، وكما أن الله زودني بجسد يضمن لي ممارسة الحياة، فقد زودني بعقل يجعلني اشق طريقي فيها، وأصبح وحدة مستقلة بذاتي وفي داخلي يسكن مرشد عميق الحكمة يجوب كل أصقاع الدنيا ليفرز لي الغث من السمين، فتوقفت بعدها عن ترديد الأسئلة الساذجة لكل مانراه هو الأصح؟ وماذا يجب عليه فعله..