منتديات بني بحير بلقرن - مواقف رائعة تنبئ عن اصحابها

بسم الله الرحمن الرحيم

مواقف

يقول الشيخ / صالح بن عواد المغامسي خطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة:
هذا تدوين لمواقف شهدتها بنفسي,تنبئ عن جلالة أصحابها وسمو أخلاقهم,هي بسيطة في وقوعها,عظيمة الأثر فيمن يتأملها حقا بإنصاف,فهاكها أيها المبارك مع تعقيب يسير بعدها:

((1))

في زيارة خادم الحرمين الشريفين الأخيرة للمدينة المنورة شرفت بأن أكون ضمن مستقبليه - أيده الله -,فلما شرف الجميع بالسلام عليه,وتهيأ الموكب الملكي للانطلاق للمسجد النبوي الشريف لأداء صلاة العصر,قال خادم الحرمين الشريفين مايفيد أنه يرغب جدا في أن يؤدي صلاة العصر في الحرم,ولكنه تساءل عن مدى ما ينجم عن ذلك من تضييق على المسلمين,وأنه - حفظه الله - لايريد أن يشق على أحد,ولا يود أن تكون صلاته في الحرم سببا في التضييق على الناس,فتكلم أمير المدينة الموفق,وقال:إن الأمر معد بحيث لايكون هناك من التضييق شيء,وأن الناس الآن أكثرهم مستقرون في بيوتهم,ومازال الملك يراجع الأمير ورئيس المحاكم القول,ويطمئن على أنه ليس في سير الموكب الملكي ضرر على احد,وأنه لايحب أن يحمل ذمته من هذا شيئا,فلما اطمأن تماما,قال(( ونعم ماقال )) : (( إذا توكلنا على الله )) ومضى الموكب الملكي المبارك إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

((2))

كنت في مجلس أمير منطقة المدينة المنورة عبدالعزيز بن ماجد وفقه الله,وكان الحديث عن صدور الموافقة السامية على فتح المسجد النبوي الشريف طوال اليوم والليلة للمسلمين, قال ((حفظه الله)) معقبا: (( صعب جدا أن يكون الحرم مقفلا في ثلث الليل الآخر)).

((3))

في محاضرتي الأخيرة في الجامع الكبير بالرياض,وصلت إلى الجامع مع آذان المغرب,ولما دخلت كان سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ يصلي نافلة,وأديت أنا تحية المسجد,فلما فرغت من صلاتي,كان الشيخ-حفظه الله-لم يفرغ من صلاته بعد,فلما أتمها سلم علي,وشرفت برد السلام عليه,ثم لم يلبث أن انصرف الشيخ إلى ذكر الله بصوت يسمعه من بجواره,ومما حفظته من أذكار الشيخ قوله: ((آمنت بالله العظيم وحده,وكفرت بالجبت والطاغوت,واستمسكت بالعروة الوثقى,والله سميع عليم )) .

(( التعليق ))

هذه أيها المبارك مواقف,تدلك أولاها على ملك مؤمن حريص على رعيته,قريب من ربه,كتب الله له القبول,فأحبه شعبه لما رأى فيه من حب الخير لهم,ودفع الضرر عنهم,فضلا عن مواقفه السياسية المجيدة الحميدة تجاه قضايا أمته.
والموقف الثاني:يجعلك تكبر في هذا الأمير الجليل المسدد إدراكه لفضل صلاة الليل,واستشعاره لحرمة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصه على أن يمكن المسلمون من عبادة ربهم على الوجه الأتم.
والموقف الأخير: لعالم جليل,يدرك أن ذكر الله هو أنس السرائر وحياة الضمائر,وهو سبب الصلة العظيمة بالله,فا كتفى بالسلام على ضيفه,ثم تفرغ لذكر الله ربه,مستصحبا المكان والزمان,فما أجله من موقف ! وما أتقاه من عالم جليل !