منتديات بني بحير بلقرن - الحظيرة المقدسة !!

في دولة الملك سُليمان أذاق شعبه أنواع الذل ، واستخدم كل إمكانياته وأساليبه ليعيشوا تحت خط الفقر بمسافة تزيد على خمسمائة سنة ضوئية ، وليتنقلوا ما بين نهرٍ من فقر إلى بحر من متاهة ، وأغلق أفواههم بأقفال صُنعت خصيصاً لشعبه ودُمغت باسمه إمعاناً في الذل والسخرية ، وليتذكر أبناءهم أنهم مازالوا عبيداً ومن نسل عبيد إن فكر أحدهم أن يرفع رأسه ليرى شمس الحرية ، أو يعترض على سنواتٍ أكلوا خلالها "التبن" وهو يقنعهم بأنه نوع جيد ونادر من التمر.

عُلقت صوره في كل مكان من أرجاء مملكته ، حتى في أماكن قضاء الحاجة ليعرفوا بأن ما بهم من نعمةٍ فمنه وحده ولا أحد سواه ، وليتذكر الشعب أنعامه وفضائله حتى في الأوقات التي تقوم أمعاءهم بتمريناتها اليومية المعتادة لإخراج ما في بطونهم من بقايا فتات الخبز المتعفن الساقط من فم الملك وهو يأكل بشراهة مائة ثور هائج ، وغباء حشرة عقلها موزع على أطراف أقدامها !!

وحينما غاب عن الوعي ، ونفذت كل ذرة من ذرات عقله ، أقام له اللصوص الملتفون حوله نصباً تذكارياً وهو قائم يُصلي ورافعاً يديه للسماء ، ووضعوه في الساحة العامة التي يمر عليها الشعب المسحوق كل صباح قبل أن يستلموا خُرج الشعير فوق ظهورهم ليُديروا سواقي الماء لقصره .

ومات الملك وحينما مات بقي واقفاً على عصاه ، ولم يعرف شعبه بموته حتى انتهت صلاحية عصاه التي بقي مستنداً عليها فانكسرت فسقط مترنحاً عفناً وذلاً وتتبعه دعوات الضعفاء ، حينها عرف الشعب الذين كانوا يعملون في خدمته أنهم بقوا في الخدمة وأعمال العبيد لسنوات يحكمهم ملك ميت .

اليوم أصبح خليفة الملك سليمان يحكم باستخدام وسائل التقنية ، ويُدير شعبه من خلف البحار بواسطة الجوال ، والانترنت ، ويُرسل سلامه عبر الماسنجر لزمرة اللصوص المنشغلين بجباية المال من شعب لا فرق عنده بين أن يحكمهم رجل يحترم قراراته ويُعطيهم حرية التفكير ، وبين ثور لا فرق لديه بين أن ينام وهو منبطح على بطنه في حظيرته الخضراء أو في حضرة شعبه .

بقدر ما تقترب من الحظيرة المقدسة بقدر ما تكون فرصك كبيرة في الوظائف والمال والأبقار الحلوبة الصغيرة .

ملاحظة مهمة : صاحب المقال من جزر بوركينافاسو ، وحينما كتب هذا المقال كان منبطح على بطنه وبجنبه كاسة شاهي أخضر في أحد غُرف مستشفى شهار بالطائف .