منتديات بني بحير بلقرن - إذا كنت من (حديثي النعمة) فغرورك يدل عليك!

إذا كنت من (حديثي النعمة) فغرورك يدل عليك!

مها العبدالرحمن

مصطلح "حديثي النعمة" يطلق عند العامة على من ابتسم له الحظ بعد الفقر والشح واكتسى لباس الثراء بعد التقشف والفاقة.

هؤلاء المذكورون أعلاه تدل عليهم سماتهم ومظاهرهم، إذ إن لهم صفات يهتدي لها الذكي، ويقفوها الفطن، تلك النفوس السقيمة الضعيفة تتوهم أنه قد حل بها الكمال، وتتصرف بغباء على هذا الأساس ويتناسون ان الكمال لله وحده، وان الدنيا فانية وان حب الناس ارث عزيز والتواضع تاج ملك يحكم قلوب الناس وهو السعادة الحقيقية في الحياة، وان قصور العز بالناس حصن حصين وما سواها قصور من رمال يجرفها مد وجزر بحر الحياة، أو يد بطش ناقمة، كيف تناسوا ان أول من يدخل الجنة الفقراء وهذا الأهم.

"حديثي النعمة" تعرفهم بسيماهم، ينتهي بك المجلس معهم وهم يعددون إرثهم الدنيوي ويحكون باستفاضة عن جاههم وأموالهم ومظاهر البذخ في حياتهم وما وصلوا له بالمال والعطايا وقد يحدثونك عن كم الريالات التي دفعت في ذلك الخاتم الصغير في اصبع واحدهم فلا ينهاهم عن الاستطراد واستكمال هذا الموضوع الجلل بزعمهم ان تسعل أو تعطس وواجب عليهم ان يشمتوك سيسترسلون بلا توقف وان تحاول ان تعدّ كم مرة وردت "الأنا" في حديثهم فلن تحصيها.

.. يسير واحدهم كطاووس يجر ذيل الكبر والتعالي، ويسبل أفكاره الهزيلة خيلاء!

فيما أبناء العز الحقيقيون لا يستغربون الجاه، ولا يغير في نفوسهم أموال اعتادوا الغنى وربى داخلهم القناعة والاعتياد على ذاك الحال فانصرفوا عن ذكره والفخر به للأهم والأبقى، كسب قلوب الناس، وايخائهم وحبهم وصداقتهم، ليجدوا من يحبهم لذواتهم بلا ثمن، وسيملأ تفكيرهم ان الكنز الحقيقي هو ما يعمر الآخرة. وسعادة الدنيا الحقيقية ليست بمال لا يؤمن صحة، ولا يشتري قلوبا، ولا يعطل قدرا، ولا يجمّل سمعة مهما شاع الصيت!

.. ما بين أهل المكانة الأصليين والمتطفلين عليها خيط متين يراه كل ذكي حصيف فطن، ولا يراه بدقة الشعرة إلاّ مرضى النفوس من هؤلاء المتملقين أدوار لا تناسبهم ولا تزيدهم إلاّ سذاجة وسفاهة وحمقاً!

فيا أنتم، لا يغرنكم ثياب لبستموها، ولا قصور سكنتموها ولا أموال جمعتموها فكل ذلك للفناء، ولن يؤخذ منه تحت التراب شيء، إذ لا يبقى ويذهب مع صاحبه إلاّ دعاء صديق، وذكرى عطرة وصدقة جارية وولد أحسنت تربيته فبر بوالديه في حياتهما وبعد مماتهما، وحباً في الله يحملك على منابر من نور يوم الدين.

فيا أنتم على رسلكم، كلمة ستسمعونها في حياتكم ويمكن ستقال فوق رؤوسكم وأنتم في القبور "فانية وما عليها فان"، فتواضع لله يرفعك دنيا وآخرة، واجعل أول مكاسبك حسن الخلق، وحسن تقدير الأمور فهو دليل ذكاء وحكمة ويستوجب ان يساعدك رب العالمين في ان تعرف حبيبك الذي يحرص على ما في داخل روحك لا ما في داخل جيبك، من المنافق لك.

.. ونصيحة تذكرها عني، انتبه ان كنت مغرورا بما هو زخرف دنيا، فيصدق فيك "كاد المريب أن يقول خذوني" فأنت من هؤلاء وغرورك يدل عليك، فدس رأسك كالنعام في ثرى أفكارك ولا تخرجه إلاّ وقد أعدت حسابتك.