الأمثال في القرآن 2 الأمثال في القرآن للدكتور الشيخ محمد راتب النابلسي الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . قال تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ } [ العنكبوت : 41 ] حكمة الله في أن يكون الإنسان ضعيفاً : أيها الأخوة الكرام ، من الأمثلة التي وردت في القرآن الكريم قوله تعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [ العنكبوت : 41 ] الحقيقة أيها الأخوة ، أنه من مسلمات العقيدة أن الله واجب الوجود ، لكن ما سوى الله ممكن الوجود ، معنى ممكن : أي ممكن أن يوجد أو ألا يوجد أصلاً ، ما سوى الله ممكن الوجود وهناك معنى آخر : وإذا وجد يمكن أن يوجد على ما هو عليه الآن ، أو على خلاف ما هو عليه ، إذاً شاءت حكمة الله أن يكون الإنسان ضعيفاً ، قال تعالى : { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً } [ النساء : 28 ] ضعيف ، ينهار لأي خبر سيئ ، يضعف أمام الأمراض ، أمام الفقر ، أمام الأقوياء ، في أصل خلقه نقطة ضعف أرادها الله عز وجل لحكمة بالغة بالغة بالغة ، إن الإنسان خلق ضعيفاً ، نقطة الضعف في أصل خلقه ، لماذا ؟ من حكم هذا الضعف أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ضعيفاً ليفتقر بضعفه إلى الله ، فإذا افتقر بضعفه إلى الله سعد بافتقاره ، ولو خلقه قوياً لاستغنى بقوته عن الله فشقي باستغنائه ، خُلقت ضعيفاً كي تفتقر إلى الله ، وبهذا الافتقار إلى الله تكون أسعد الخلق ، ولن تكون قوياً لأن القوي يستغني بقوته عن الله فيشقى باستغنائه . التولي و التخلي : لذلك الإنسان في أصل خلقه ضعيف ، هكذا أراد الله ، ولحكمة بالغة بالغة ، عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها ، إنسان قوي له مكانة ، غني ، عاقل ، ترتعد فرائصه لتقرير صحي أن في بعض أنحاء جسمه ورماً خبيثاً ، { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً } [ النساء : 28 ] لكن ما أرادنا أن نكون ضعفاء إلا لنفتقر إلى الله بهذا الضعف ، فإذا افتقرنا إليه قوينا ، لذلك الصحابة الكرام هم قمم البشر ، وهم نخبة البشر ، في بدر افتقروا إلى الله ، قال تعالى : { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } [ آل عمران : 123 ] أي مفتقرون إلى الله ، هم هم ومعهم سيد البشر ، معهم سيد الخلق وحبيب الحق في حنين اعتدوا بعددهم، فقالوا : ( لن نغلب اليوم من قلة ) أخرجه البزار عن أنس بن مالك فقال تعالى : { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ } [ سورة التوبة : 25 ] أي أنت أيها الإنسان بينما أن تقول : الله فيتولاك وبين أن تقول : أنا فيتخلى عنك أنت بين التولي والتخلي ، وهذا الدرس تحتاجه ، لا أقول كل يوم ، ولا أقول كل ساعة ، بل كل دقيقة ، لمجرد أن تعزو قوتك إليك يتخلى الله عنك ، ولمجرد أن تفتقر إليه يتولاك ، هذا القانون إذا قلت : أنا https://dub130.afx.ms/att/GetInline....259&oneredir=1https://dub130.afx.ms/att/GetInline....96e&oneredir=1https://dub130.afx.ms/att/GetInline....6b0&oneredir=1https://dub130.afx.ms/att/GetInline....7ca&oneredir=1يتخلى عنك إذا قلت : الله https://dub130.afx.ms/att/GetInline....2be&oneredir=1https://dub130.afx.ms/att/GetInline....bdf&oneredir=1https://dub130.afx.ms/att/GetInline....b88&oneredir=1https://dub130.afx.ms/att/GetInline....af8&oneredir=1يتولاك . الكلمات المهلكات في القرآن الكريم : لذلك قالوا : بعض الكلمات مهلكات : أنا، ونحن، ولي، وعندي قال إبليس : { قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ } [ الأعراف : 12 ] فأهلكه الله ، وقال قوم بلقيس : { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ } [ النمل : 33 ] فأهلكهم الله وقال قارون : { أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ } [ الزخرف : 51 ] وقال قارون : { قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي } [ القصص : 78 ] { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ } [ القصص : 81 ] وقال فرعون : { أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ } [ الزخرف : 51 ] فأهلكه الله . الإنسان في أصل خلقه ضعيف ليفتقر إلى الله فيسعد في الدنيا و الآخرة : أنت خلقت ضعيفاً كي تفتقر بضعفك ، فإذا افتقرت بضعفك سعدت بافتقارك ، ولو خلقت ضعيفاً دون أن تشعر لاستغنيت بقوتك وشقيت باستغنائك ، هذه حقيقة أولى ، فأنت ضعيف ، والضعيف دائماً بحاجة إلى قوي يعتمد عليه ، يحميه ، يدافع عنه ، يسأله ، يستجير به ، يستغيث به ، يدعوه . النقطة الدقيقة الآن : أنت في أصل خلقك ضعيف ، لحكمة بالغةٍ بالغةٍ بالغة ، عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها ، أراد الله أن تفتقر إليه ، جُعلت ضعيفاً كي تفتقر إليه ، وكي تسعد بافتقارك إليه ، وكي تصبح قوياً بافتقارك إليه ، وكي تصبح غنياً بافتقارك إليه ، وما أرادك أن تكون قوياً فتستغني عنه فتشقى باستغنائك . ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في الآية التالية : لذلك الله عز وجل بيّن لنا في كتابه الكريم : { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [ العنكبوت : 41 ] لكن ومضة من ومضات الإعجاز العلمي في هذه الآية : الحقيقة خيط العنكبوت وقد لا تصدقون أمتن من الفولاذ بخمسة أضعاف ، ذلك أن الأشياء إذا قاومت قوى الشد كانت متينة ، فإذا قاومت قوى الضغط كانت قاسية ، فالقسوة مقاومة قوى الضغط ، والألماس أعلى عنصر في الأرض يقاوم قوى الضغط ، بينما الفولاذ المضفور يعد أقوى عنصر في الأرض يقاوم قوى الشد ، لذلك المصاعد تتحرك بأسلاك الفولاذ المضفور ، التل فريك ينتقل عبر الفولاذ ، عندنا مقاومة قوى الشد ، مقاومة قوى الضغط ، أمتن عنصر هو الفولاذ المضفور ، وخيط العنكبوت يساوي خمسة أضعاف متانة الفولاذ ، لكن بعض العلماء قالوا : الضعف في هذه الآية: { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [ العنكبوت : 41 ] هذا ضعف اجتماعي . على المسلمين أن يبتعدوا عن الفتن الطائفية التي تفرقهم و تضعفهم : تخيل قبل أن تنام أن ملياراً وخمسمئة مليون إنسان كلمتهم واحدة ، ينطق باسمهم واحد ، يتخذون قراراً واحداً ، مجمعون على قرار واحد ، يتحركون بسياسة واحدة ، هم أقوى قوة في الأرض ، المسلمون مليار وخمسمئة مليون ، يتربعون على أفضل مناطق في الأرض ، مناطق بالتعبير المعاصر استراتيجية ، يملكون أكبر ثروات الأرض ، لكنهم مع الأسف الشديد أفقر شعوب الأرض ، لأن ضعفهم من تشتتهم ، ولأن ضعفهم من اختلافهم ، ولأن ضعفهم من خصوماته م. لذلك ماذا فعل فرعون وهو الطاغية الأول ؟ قال تعالى : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } [ القصص : 4 ] قوة فرعون بالفتن الطائفية ، قوة فرعون أنه جعل قومه شيعاً وأحزابا ً. لذلك أيها الأخوة ، الغرب وضعنا في سلة واحدة ، وينبغي أن نقف جميعاً في خندق واحد ، ترون أن القوي في بلاده ليس هناك طرح طائفي إطلاقاً ، إذا أتوا إلى بلادنا هذا عربي ، هذا آشوري ، هذا كردي ، وهذا مسلم ، وهذا سني ، وهذا شيعي ، يستخدمون ورقة الفتن الطائفية ، كأربح ورقة بيدهم . فلذلك : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ } اعتمد على غير الله ، اعتمد على ماله ، أو على صحته ، أو على مكانته ، أو على قراراه ، أو على حكمته ، هذا الذي يعتمد على جهة من دون الله لابد من أن يصاب بخيبة أمل ، لذلك قالوا : من ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا وأقرب مما اتقى . ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد : ومن الكلمات الجامعة المانعة : لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه ، فأنت لمجرد أن تعتمد على جهة أرضية ، وأن تضع كل ثقلك عليها ، وأن تنسى ربك ، أنت لجأت إلى أضعف ركن ، وهذا الركن لن يحميك ، ولن يسعدك ، ولن يعطيك ما كنت تتمنى . { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ } من اعتمد على ماله افتقر ، من اعتمد على مكانته ذُلّ ، لذلك عليك الاعتماد على الله ، وأكبر درس بدر وحنين ، الصحابة الكرام في بدر قالوا : الله فتولاهم ، هم أنفسهم قالوا في حنين : ( لن نغلب اليوم من قلة ) فتخلى الله عنهم ، والمؤمن يحتاج إلى هذا الدرس كل ساعة ، يكفي أن تعتد بنفسك ، أو أن تعتد بنسبك ، أو أن بقوتك ، أو أن تعتد بمالك ، فيتخلى الله عنك ، هذا درس بليغ ينبغي أن نحفظه جميعا ً: { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [ العنكبوت : 41 ] وهن : ضعف ، خيوط العنكبوت متينة جداً ، لكن علاقة العنكبوت الذكر بالأنثى علاقة سيئة جداً ، علاقة الأنثى بأولادها سيئة جداً ، تأكل أولادها ، وقد تعتدي الأنثى على الذكر ، أي لا يوجد أية علاقة طيبة ضمن هذه الأسرة ، إذاً هذا البيت ضعيف { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } والبطولة : لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه ، اعتقد يقيناً أن الشيء الوحيد المخيف في الأرض هو أن تقترف ذنباً يستحق عقاب الله عليه ، والشيء الوحيد المنجي أن تكون موحداً ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد . والحمد لله رب العالمين |
رد: الأمثال في القرآن 2 بارك الله فيك |
رد: الأمثال في القرآن 2 "ابو زيد" شكرا لعبق مروركم بين سطوري .. وتبتهج صفحاتي بعطر تواجدكم ... دمتم بسعادة لا تنتهي .. |
الساعة الآن 04:08 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن