منتديات بني بحير بلقرن

منتديات بني بحير بلقرن (http://www.binybohair.com/vb/)
-   الخيمة الرمضانية 1444هـ (http://www.binybohair.com/vb/f5/)
-   -   رمضان فرصة للمحاسبة (http://www.binybohair.com/vb/binybohair45417/)

مناار 06-22-2016 11:57 AM

رمضان فرصة للمحاسبة
 
رمضان فرصة للمحاسبة

الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [سورة النساء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [سورة الأحزاب:70 - 71].

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة أجارني الله وإياكم من البدع والضلالات.

أيها المسلمون الموحدون:
ما أحوجنا أن نقف مع أنفسنا وقفات لمحاسبتها في شهر رمضان؛ شهر الطاعة والمغفرة والرحمة والعتق من النيران.

روى أن الحسن البصري رحمه الله يقول: ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
دنياك مدرسة والكل مُنتسب
يا حظ من قال فيها ربي الله
دنياك مدرسة و الكل مُمتَحن
طوبى لمجتهد قد وفقه الله
دنياك مدرسة طلابها رُتب
فاحرص على رتبة يرضى بها الله
دنياك مدرسة تبدو نتائجها
لا ظلم فيها لأن الحاكم الله
دنياك مدرسة و الوحي منهجها
أستاذها المصطفى عنوانها الله

قال الفضيل بن عياض: من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عن السؤال جوابه وحسن منقلبه ومأبه ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها.

ينبغي للمسلم في هذا الشهر الكريم أن يغتنم الفرصة، وأن يكون شعاره شعار الفاروق عمر: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا...

وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبادر بالأعمال قبل أن يفاجئنا هذا اليوم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا: هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوْ الدَّجَّالَ؛ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ؛ فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ؟) الترمذي في سننه.
قال ميمون بن مهران: لايكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه.

حتى نحقق الغاية العظمى من الصيام، فلا بد أن نحاسب انفسنا أشد من محاسبة الشريك لشريكة؛ لنصل إلى درجة المتقين.
عباد الله: ينبغي للعاقل أن يكون له في يوم ساعة يحاسب فيها نفسه كما يحاسب الشريك شريكه في شؤون الدنيا فكيف لا يحاسب الإنسان نفسه في سعادة الأبد وشقاوة الأبد! نسأل الله أن يجعلنا من الأبرار والسعداء.

كان داود الطائي يحاسب نفسه قائلا: ياداود من خاف الوعيد قصر عليه البعبد، ومن طال أمله قصر عمره وكل ماهو آت قريب واعلم يا داود أن كل شيء يشغلك عن ربك فهو عليك مشؤوم وأعلم ياداود أن أهل الدنيا جميعا من أهل القبور إنما يفرحون بما يقدمون ويحزنون بما يقصرون.

﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 53 - 56].

يا حسرتا على صلاة ضيعتها! يا حسرتا على شباب ضيعته! يا حسرتا على أوقات ضيعتها! يا حسرتا على سهرات عشتها مع العصاه والمجرمين! فلا بد أن نتحسر من الآن قبل أن لا تنفع الحسرة ونندم من الآن قبل أن لا ينفع الندم.

وها هو أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - يصف حال الصحابة فعن أبي راكة قال: صليت خلف علي صلاة الفجر فلما سلم انفلت عن يمينه ثم مكث كأن عليه الكآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال: لقد رأيت أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فما أرى اليوم شيئا يشبههم كانوا يصبحون ضمرا شعثا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون كتاب الله ويراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا ذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم الريح فهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم.

كان يعاتب خير القرون وفيهم صحابة فلو نظر علي بن أبي طالب إلى حالنا ماذا سيقول، وبيوت الله تشكوا حالها إلى الله من قلة المصلين؟! نسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق والسداد.

معاشر المسلمين الموحدين: رمضان فرصة لنقف مع أنفسنا وقفات جادة صادقة، رمضان فرصة للإقبال على الله، رمضان فرصة لنعترف بتقصيرنا بين يديه، فرصة لنعرض حوائجنا له سبحانه فهو أرحم بنا من الوالدة بولدها.

فمن منا لم يذنب؟ ومن منا لم تقع عينه فيماحرم الله؟ ومن منا لم يعق والديه؟ ومن منا لم يقع في مستنقع الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء؟ ليس العيب أن نخطئ ولكن العيب أن نستمر في الخطأ دون محاسبة ورجوع صادق إلى الله سبحانه وتعالى.

أيها المؤمنون: هل هناك أرحم من الله؟! هل هناك أكرم من الله؟! لا وألف لا، إذاً فهيا نمشي سويا إلى الأمام فهيا بنا جميعا نقبل إليه سبحانه فمهما بلغت الذنوب فالله سبحانه يبدلها حسنات إذا صدقناه في التوبة وفي محاسبة أنفسنا.

وهذا رجل آخر يحاسب نفسه كحساب الشريك لشريكة فيقول:
وا حسرتي وا شقوتي
من يوم نشر كتابيه
وا طول حزني إن أكن
أو تيته بشمالي
وإذا سئلت عن الخطا
ماذا يكون جوابيه
واحر قلبي أن يكون
مع القلوب القاسيه
كلا و لا قدمت لي
عملاً ليوم حسابيه
بل إنني لشقاوتي
وقساوتي وعذابيه
بارزت بالزلات في
أيام دهر خاليه من
ليس يخفى عنه من
قبح المعاصي خافيه
أستغفر الله العظيم
وتبت من أفعاليه
فعسى الإله يجود
لي بالعفو ثم العافيه
إنه حس مرهوف.. إنه اعتراف بالذنوب والمعاصي..

قال بعض الحكماء لابنه: يا بني لا تشغل قلبك من الدنيا إلا بقدر ما تحققه من عمرك، ولتكن جرأتك على المعاصي بقدر صبرك على النار، وإذا أردت أن تعص الله فانظر موضعاً لا يراك الله فيه، وانظر إلى نفسك فإن كانت عزيزة فلا تذلها، وإن كانت ذليلة فلا تزدها إلى ذلها ذلاً.

الذين يحاسبون أنفسهم إذا مرت جنازة تذكروا الرحيل وتذكروا ما مرت به الجنازة من سكرات الموت ابتداءً إلى دفنها انتهاءً، وكأن القائل منهم يقول: أقربوه، وكأن القوم قد قاموا فقالوا أدركوه، سائلوه، كلِّموه، حركوه، لقنوه، حرّفوه، وجّهوه، مدّدوه، غمضوه، عجّلوه لرحيلٍ عجّلوا لا تحبسوه، ارفعوه غسّلوه كفنوه حنّطوه، فإذا ما لف في الأكفان قالوا فاحملوه أخرجوه.. فوق أعواد المنايا شيّعوه، فإذا صلّوا عليه قيل هاتوا اقبروه، فإذا ما استودعوه الأرض فردا تركوه خلفوه.. تحت رمسٍ أوقروه، أثقلوه، أبعدوه أسحقوه، أوحدوه، أفردوه، ودعوه، فارقوه، أسلموه، خلفوه، وانثنوا عنه.. وخلّوه كأن لم يعرفوه. هذه حكايتنا من سكرات الموت ابتداءً إلى دفنها انتهاءً.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم عليه وعلى أصحابه وإخوانه وسلم تسليما كثيراً.. وبعد:
أخي المؤمن: هل وقفت وقفة تأمل مع القبور؛ قبورٍ خرقت الأكفان ومزقت الأبدان ومصت الدم وأكلت اللحم؟!، تُرى ما صنعت بهم الديدان؛ محت الألوان، عفرت الوجوه، كسرت الفقار، أبانت الأعضاء، مزقت الأشلاء، تُرى أليس الليل والنهار عليهم سواء؟! أليس هم في مدلهمة ظلماء؟! كم من ناعم وناعمة أصبحوا وجوههم بالية، وأجسادهم عن أعناقهم نائية قد زالت الحدقات على الوجنات، وامتلأت الأفواه دماً وصديداً ثم لم يلبثوا والله إلا يسيراً.

أيها الباكي على أقاربه الأموات: ابك على نفسك فالماضي قد فات وتأهب لنزول البلايا والآفات.
يقول ابن الجوزي رحمه الله: ابك على نفسك قبل أن يبكى عليك، وتفكر في سهم صوب إليك، وإذا رأيت جنازة فاحسبها أنت وإذا عاينت قبراً فتوهمه قبرك.
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها
إلا التي كان قبل الموتِ بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه
وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة
حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الآفاق قد بنيت
أمست خرابا وأفنى الموت أهليها
لا تركنن إلى الدنيا وما فيها
فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيها
لكل نفس وان كانت على وجلٍ
من المَنِيَّةِ آمالٌ تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبضُها
والنفس تنشرها والموت يطويها
إن المكارم أخلاقٌ مطهرةٌ
الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها
والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها
والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم أني لا أصادقها
ولست ارشدُ إلا حين اعصيها
واعمل لدارغداً رضوانُ خازنها
والجار احمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها
والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عسل
والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفةً
تسبحُ الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها
بركعةٍ في ظلام الليل يحييها؟

ألا إن سلعة الله غاليه ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة.
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الفردوس الأعلى، وأسأله بمنه وكرمه ان يعينني وإياكم على ذكره وشكره وحسن وعبادته، وأن يوفقني وإياكم لمايحب ويرضى.
عبادالله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.



الرهيب 06-22-2016 02:09 PM

رد: رمضان فرصة للمحاسبة
 

طرح قيم
جزاك الله الفردوس الاعلئ
بَ إنتظار جديدك القـادم


الساعة الآن 06:52 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75