التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا
اختبار في سورة البقرة كاملة
بقلم : الرهيب
الرهيب
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ضبط الانوثة (آخر رد :الرهيب)       :: كن مع الله يكن معك (آخر رد :الرهيب)       :: اختبار في سورة البقرة كاملة (آخر رد :الرهيب)       :: رضيت برب الورى خالقي ، إنشاد سعيد البحري (آخر رد :الرهيب)       :: فضل صيام ستة أيام من شوال: (آخر رد :الرهيب)       :: المشروع عبارة عن ٣٨ صفة لنبي ﷺ للنساء فقط (آخر رد :الرهيب)       :: ❖ فضفضة حافظ ..💜☁️ (آخر رد :الرهيب)       :: 📚 رحيق القراءه (آخر رد :الرهيب)       :: آية في القرآن كررها كثيراً لأنها تحتاج إلي تدبر (آخر رد :الرهيب)       :: إذاعه القرآن الكريم من السعودية في جوالك على مدى 24ساعة* (آخر رد :الرهيب)       :: 🍃*خاطرة..* (آخر رد :الرهيب)       :: ‏قصة : الصحابي كلاب بن أمية (آخر رد :الرهيب)      



المواضيع الاسلامية يحتوي هذا القسم على مواضيع تهتم بالامور الشرعيه و الدينية على مذهب أهل السنه و الجماعة

الإهداءات
الرهيب من الرياض : ‏قال الشيخ عبدالكريم الخضير - حفظه الله - الذّنب إذا تِيبَ منه لا يكونُ له أثرٌ، بل قد يكون صاحبه بعده خيرًا منه قبله .     الرهيب من الرياض : ‏جمالُ الحياة بالرضا بما قسمهُ لك الله والتوكل عليه،استمتع بما حولك من نعم وقُل الحمدُلله."من باب الأيام تمضي والصالحات تبقى:سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله،الله أكبر.    

المعاتبة والمصارحة

المعاتبة والمصارحة المعاتبة لغة المعاتبة مصدر قولهم: عاتب يعاتب، وهو مأخوذ من مادّة (ع ت ب) الّتي تدلّ على

إضافة رد

 
LinkBack أدوات الموضوع

قديم 06-04-2017, 06:22 PM   #1
 

نورالدين سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية
افتراضي المعاتبة والمصارحة

المعاتبة والمصارحة


المعاتبة لغة

المعاتبة مصدر قولهم: عاتب يعاتب، وهو مأخوذ من مادّة (ع ت ب) الّتي تدلّ على «الأمر فيه صعوبة من كلام أو غيره» من ذلك العتبة، وهي أسكفّة الباب، وإنّما سمّيت بذلك لارتفاعها عن المكان المطمئنّ السّهل، ومن الباب العتب بمعنى الموجدة، تقول عتبت على فلان عتبا ومعتبة، أي وجدت عليه، ثمّ يشتقّ منها فيقال: أعتبني، أي ترك ما كنت أجد عليه «1» ورجع إلى مسرّتي، وهو معتب أي راجع عن الإساءة، ويقولون: أعطاني العتبى أي أعتبني، والتّعتّب: إذا قال هذا وهذا يصفان الموجدة وكذلك المعاتبة، ويقال للرّجل إذا طلب أن يعتب: قد استعتب. قال أبو الأسود:

فعاتبته ثمّ راجعته ... عتابا رقيقا وقولا أصيلا فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر الله إلّا قليلا وقال الرّاغب: إنّ قولهم: أعتبت فلانا أي أبرزت الغلظة الّتي وجدت له في الصّدر، وأعتبته أيضا:
حملته على العتب، وأعتبته أي أزلت عتبه، نحو أشكيته (أي أزلت شكواه) قال تعالى: فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ والاستعتاب: أن يطلب من الإنسان أن يذكر عتبه ليعتب، والعتبى إزالة ما لأجله يعتب، وبينهم أعتوبة: أي ما يتعاتبون به، وقال الجوهريّ:
يقال: عتب عليه، أي وجد عليه عتبا ومعتبا، والتّعتّب مثله، والاسم المعتبة والمعتبة (بفتح التّاء وكسرها) ، وتقول: عاتبه معاتبة (وعتابا) ، وأعتبني فلان، إذا عاد إلى مسرّتي راجعا عن الإساءة، واستعتب وأعتب بمعنى (واحد) ، واستعتب أيضا طلب أن يعتب، ومن ذلك استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني، والاعتتاب:
الانصراف عن الشّيء، وقال الفيروز آباديّ: والعتوب من لا يعمل فيه العتاب، وقراءة عبيد بن عمير:
(وإن يستعتبوا) على ما لم يسمّ فاعله (مبنيّ للمجهول) معناه:
إن أقالهم الله، وردّهم إلى الدّنيا لم يعملوا بطاعته لما سبق في علم الله تعالى لهم من الشّقاء، وذلك كما في قوله تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ «2» .
وقال ابن منظور: العتب: الموجدة، يقال:
عتب عليه يعتب ويعتب عتبا وعتابا ومعتبا ومعتبة ومعتبة: وجد عليه.
قال الغطمّش الضّبّيّ:أقول وقد فاضت بعيني عبرة ... أرى الدّهر يبقى والأخلّاء تذهب أخلّاي! لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ليس للدّهر معتب قوله: عتبت أي سخطت، أي لو أصبتم في حرب لأدركنا بثأركم وانتصرنا، ولكنّ الدّهر لا ينتصر منه.
وعاتبه معاتبة وعتابا: لامه. قال الشّاعر:
أعاتب ذا المودّة من صديق ... إذا ما رابني منه اجتناب إذا ذهب العتاب فليس ودّ ... ويبقى الودّ ما بقي العتاب والعتبى: الرّضا، وأعتبه: أعطاه العتبى وأرضاه، والعتبى (أيضا) رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب، والإعتاب كذلك، والاستعتاب طلبك إلى المسيء الرّجوع عن إساءته، وقال أبو منصور: العتب والعتبان: لومك الرّجل على إساءة كانت له إليك، فاستعتبته منها، وكلّ واحد من اللّفظين (العتب والعتبان) يخلص للعاتب، فإذا اشتركا في ذلك، وذكّر كلّ واحد منهما صاحبه ما فرط منه إليه من الإساءة، فهو العتاب والمعاتبة، وفي الحديث: كان يقول لأحدنا عند المعتبة «1» :

ماله تربت يمينه! والعتب: الرّجل الّذي يعاتب صاحبه أو صديقه في كلّ شيء إشفاقا عليه ونصيحة له، والعتوب: الّذي لا يعمل فيه العتاب، ويقال إذا تعاتبوا: أصلح ما بينهم العتاب، وروي عن أبي الدّرداء أنّه قال: معاتبة الأخ خير من فقده، والعتبى اسم على فعلى، يوضع موضع الإعتاب وهو الرّجوع عن الإساءة إلى ما يرضي العاتب، وفي الحديث: لا يعاتبون في أنفسهم، يعني لعظم ذنوبهم وإصرارهم عليها، وإنّما يعاتب من ترجى عنده العتبى، وفي الحديث الشّريف: لا يتمنّينّ أحدكم الموت، إمّا محسنا فلعلّه يزداد، وإمّا مسيئا فلعلّه يستعتب، أي يرجع عن الإساءة ويطلب الرّضا، ومنه الحديث.
«ولا بعد الموت من مستعتب» معناه: ليس بعد الموت من استرضاء، لأنّ الأعمال بطلت، وانقضى زمانها، وما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل «2» .
المعاتبة اصطلاحا

قال المناويّ: العتاب هو مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة «3» .
وقال أبو منصور الأزهريّ:
التّعتّب والمعاتبة والعتاب: كلّ ذلك مخاطبة المدلّين أخلّاءهم، طالبين حسن مراجعتهم ومذاكرة بعضهم بعضا ما كرهوه ممّا كسبهم الموجدة «4» .
التوسط فى المعاتبة

قال الماورديّ- رحمه الله-: إنّ كثرة العتاب تكون سببا للقطيعة، واطّراح جميعه دليل علي قلّة الاكتراث بأمر الصّديق، وقد قيل: علّة المعاداة قلّة المبالاة، والمفروض أن تتوسّط الحال بين العتاب وتركه،فيسامح بالمتاركة، ويستصلح بالمعاتبة، لأنّ المسامحة والاستصلاح إذا اجتمعا، لم يلبث معهما نفور، ولم يبق معهما وجد، وقد قال بعضهم: لا تكثرنّ معاتبة إخوانك فيهون عليهم سخطك «1» .
المصارحة لغة

المصارحة مصدر قولهم: صارحه بكذا إذا صرّح له بما في نفسه أي أظهره، وهي مأخوذة من مادّة (ص ر ح) الّتي تدلّ على ظهور الشّيء وبروزه، ومن ذلك الشّيء الصّريح (أي الخالص) ، وكلّ خالص صريح، يقال هو بيّن الصّراحة والصّروحة «2» ، والصّريح اللّبن إذا ذهبت رغوته، وجاء بنوا تميم صريحة: إذا لم يخالطهم غيرهم ويقال: انصرح الحقّ أي بان، وشتمت فلانا مصارحة، أي كفاحا ومواجهة، والتّصريح خلاف التّعريض، ويوم مصرّح أي ليس فيه سحاب، وفي المثل: صرّح الحقّ عن محضه أي انكشف «3» ، وقال ابن منظور: الصّرح والصّريح والصّراح والصّراح والصّراح المحض الخالص من كلّ شيء «4» ، وفي حديث ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّه سئل متى يحلّ شراء النّخل؟ قال: حين يصرّح. قيل:
وما التّصريح؟ قال: حين يستبين الحلو من المرّ، والتّصريح ضدّ الكناية «5» ، وفي المثل: ظهر الصّريح بجانب المتن، يضرب هذا للأمر الّذي وضح، ويقال صرّح فلان ما في نفسه (تصريحا) ، وصارح (غيره به) مصارحة إذا أبدى ما في نفسه وأظهره «6» .
المصارحة اصطلاحا

لم تذكر كتب المصطلحات الّتي وقفنا عليها «المصارحة» مصطلحا ومن ثمّ تكون باقية على أصل معناها الّذي ذكره اللّغويّون وهو: أن يظهر كلّ متحدّث للآخر رأيه واضحا جليّا دون لبس أو غموض.
أمّا التّصريح عند علماء البلاغة فهو ما ليس بكناية أو تعريض والمراد بالكناية أن تعبّر عن الشّيء وأنت تريد لازم معناه دون أن تصرّح بذلك المعنى كقولك: فلان كثير الرّماد تريد كونه كريما، أمّا التّعريض فهو أن تستعمل اللّفظ في معناه لكي تلوّح به إلى غيره كأن تخاطب شخصا بشيء وأنت تريد اتّصاف غيره به (إيّاك أعني واسمعي يا جارة) ، ولكلّ من التّصريح والكناية والتّعريض موطنه الّذي يستعمل فيه ومقامه الّذي يتطلّبه وإذا استعمل في غير ذلك كان غير مطلوب.
[للاستزادة: انظر صفات: الإخاء- التذكير- التودد- الصدق- النصيحة- الوعظ- الإرشاد- المحبة.وفي ضد ذلك: الإهمال- الجفاء- الحقد- الهجر الإعراض- التفريط والإفراط- التهاون- البغض النفاق- الرياء] .
الآيات الواردة في «المعاتبة»

1- وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) «1»
2- وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) «2»
3- وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) «3»

4- وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (33) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (34) ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35) «4»
الآيات الواردة في «المعاتبة» معنى

5- ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (68) «5»

6- لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْبَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (43) «1»
7-* قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (75) «2»
8- قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18)وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (19) «3»

9- وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً (36) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38) «4»

10- يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63) «5»
11- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (4) «6»
12- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (5) «7»
13- قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (28) «8»
14- عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (2) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (4)أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (8) وَهُوَ يَخْشى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) «9»
الأحاديث الواردة في (المعاتبة)

1-* (عن أميّة أنّها سألت عائشة- رضي الله عنها- عن قول الله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ وعن قوله: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ فقالت: ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «هذه معاتبة الله العبد فيما يصيبه من الحمّى والنّكبة، حتّى البضاعة يضعها في كمّ قميصه، فيفقدها فيفزع لها، حتّى إنّ العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التّبر «1» الأحمر من الكير «2» » ) * «3» .
2-* (عن عمرو بن تغلب- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتي بمال- أو سبي- فقسمه فأعطى رجالا وترك رجالا، فبلغه أنّ الّذين ترك عتبوا، فحمد الله، ثمّ أثنى عليه، ثمّ قال: «أمّا بعد، فو الله إنّي لأعطي الرّجل، والّذي أدع أحبّ إليّ من الّذي أعطي، ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع «4» ، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، فيهم عمرو بن تغلب» .
فو الله ما أحبّ أنّ لي بكلمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حمر النّعم «5» ) * «6» .
3-* (عن سعيد بن جبير- رحمه الله. قال:
قلت لابن عبّاس- رضي الله عنهما-: إنّ نوفا البكاليّ «7» يزعم أنّ موسى- عليه السّلام- صاحب بني إسرائيل ليس هو موسى صاحب الخضر «8» عليه السّلام- فقال: كذب عدوّ الله «9» سمعت أبيّ ابن كعب يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قام موسى- عليه السّلام- خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أيّ النّاس أعلم؟ فقال: أنا أعلم.
قال: فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه. فأوحى الله إليه أنّ عبدامن عبادي بمجمع البحرين «1» هو أعلم منك.
قال موسى: أي ربّ، كيف لي به؟ فقيل له: احمل حوتا «2» في مكتل «3» فحيث تفقد «4» الحوت فهو ثمّ «5» .
فانطلق وانطلق معه فتاه «6» وهو يوشع بن نون. فحمل موسى عليه السّلام- حوتا في مكتل، وانطلق هو وفتاه يمشيان حتّى أتيا الصّخرة فرقد موسى- عليه السّلام- وفتاه فاضطرب الحوت في المكتل حتّى خرج من المكتل فسقط في البحر.
قال: وأمسك الله عنه جرية الماء حتّى كان مثل الطّاق «7» ، فكان للحوت سربا وكان لموسى وفتاه عجبا.
فانطلقا بقيّة يومهما وليلتهما «8» ونسي صاحب موسى أن يخبره. فلمّا أصبح موسى عليه السّلام- قال لفتاه: آتنا غداءنا، لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا «9» قال: ولم ينصب حتّى جاوز المكان الّذي أمر به قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا «10» . قال موسى:

ذلك ما كنّا نبغ «11» فارتدّا على آثارهما قصصا. قال: يقصّان آثارهما حتّى أتيا الصّخرة فرأى رجلا مسجّى «12» عليه بثوب فسلّم عليه موسى، فقال له الخضر: أنّى بأرضك السّلام «13» .
قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم. قال: إنّك على علم من علم الله علّمكه الله، لا أعلمه.
وأنا على علم من علم الله علّمنيه، لا تعلمه. قال له موسى- عليه السّلام-:هل أتّبعك على أن تعلّمني ممّا علّمت رشدا؟ قال:
إنّك لن تستطيع معي صبرا، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا.
قال له الخضر: فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا. قال: نعم.
فانطلق الخضر وموسى يمشيان على ساحل البحر. فمرّت بهما سفينة. فكلّماهم أن يحملوهما. فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول «14» فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السّفينة فنزعه، فقال له موسى: قوم حملونا بغيرنول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إمرا «1» .
قال: ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا؟ قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا «2» .
ثمّ خرجا من السّفينة فبينما هما يمشيان على السّاحل إذا غلام يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله. فقال موسى: أقتلت نفسا زاكية «3» بغير «4» نفس؟ لقد جئت شيئا نكرا «5» .
قال: ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرا؟ قال:
وهذه أشدّ من الأولى. قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدنّي عذرا «6» .
فانطلقا حتّى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيّفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ «7» فأقامه. يقول: مائل، قال الخضر بيده هكذا «8» فأقامه.
قال له موسى: قوم أتيناهم فلم يضيّفونا ولم يطعمونا، لو شئت لاتّخذت عليه أجرا. قال هذا فراق بيني وبينك. سأنبّئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يرحم الله موسى لوددت أنّه كان صبر حتّى يقصّ علينا من أخبارهما» ) * «9» .
4-* (عن زاذان أبي عمر عن عليم- رحمهما الله- قال: كنّا جلوسا على سطح، معنا رجل من أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «عليم» : لا أحسبه إلّا قال:
«عبس الغفاريّ» . والنّاس يخرجون في الطّاعون.
فقال عبس: يا طاعون خذني، ثلاثا يقولها. فقال له عليم: لم تقول هذا؟ ألم يقل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يتمنّ أحدكم الموت عند انقطاع عمله، ولا يردّ فيستعتب» .
فقال: إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «بادروا بالموت ستّا «10» : إمرة السّفهاء، وكثرة الشّرط، وبيع الحكم، واستخفافا بالدّم، وقطيعة الرّحم، ونشوا «11» .
يتّخذون القرآن مزامير، يقدّمون الرّجل يغنّيهم، وإن كان أقلّ منهم فقها» ) * «12» .
5-* (عن عبد الله بن الزّبير- رضي الله عنهما- أنّه لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية، يعاتبهم الله بها إلّا أربع سنين وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) * «1» .
6-* (عن يحيى بن سعيد- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رؤي وهو يمسح وجه فرسه بردائه فسئل عن ذلك فقال: «إنّي عوتبت اللّيلة في الخيل» ) * «2» .
7-* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر- رضي الله عنه- عن المرأتين من أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اللّتين قال الله لهما إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما، فحججت معه، فعدل وعدلت معه بالإداوة «3» ، فتبرّز، ثمّ جاء فسكبت على يديه من الإداوة فتوضّأ. فقلت:
يا أمير المؤمنين! من المرأتان من أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اللّتان قال الله- عزّ وجلّ- لهما إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما؟ فقال:
واعجبا لك يا ابن عبّاس! عائشة وحفصة. ثمّ استقبل عمر الحديث يسوقه فقال: إنّي كنت وجار لي من الأنصار في بني أميّة بن زيد- وهي من عوالي المدينة- وكنّا نتناوب النّزول على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فينزل يوما وأنزل يوما، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره، وإذا نزل فعل مثله.
وكنّا معشر قريش نغلب النّساء، فلمّا قدمنا على الأنصار إذ هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصحت على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني.
فقالت: ولم تنكر أن أراجعك؟ فو الله! إنّ أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليراجعنه، وإنّ إحداهنّ لتهجره اليوم حتّى اللّيل. فأفزعتني.
فقلت: خابت من فعلت منهنّ بعظيم. ثمّ جمعت عليّ ثيابي فدخلت على حفصة فقلت: أي حفصة! أتغاضب إحداكنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اليوم حتّى اللّيل؟ فقالت: نعم. فقلت:
خابت وخسرت. أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله فتهلكين؟ لا تستكثري على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لك.
ولا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (يريد عائشة) .
وكنّا تحدّثنا أنّ غسّان تنعل النّعال لغزونا، فنزل صاحبي يوم نوبته، فرجع عشاء فضرب بابي ضربا شديدا، وقال: أثمّ هو؟ ففزعت فخرجت إليه وقال: حدث أمر عظيم، قلت:

ما هو؟ أجاءت غسّان؟ قال: لا، بل أعظم منهوأطول، طلّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نساءه: قال قد خابت حفصة وخسرت. كنت أظنّ هذا يوشك أن يكون فجمعت عليّ ثيابي، فصلّيت صلاة الفجر مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فدخل مشربة له فاعتزل فيها.
فدخلت على حفصة، فإذا هي تبكي. قلت: ما يبكيك، أو لم أكن حذّرتك؟ أطلّقكنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قالت: لا أدري، هو ذا في المشربة. فخرجت فجئت المنبر، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم. فجلست معهم قليلا.
ثمّ غلبني ما أجد فجئت المشربة الّتي هو فيها، فقلت لغلام له أسود: استأذن لعمر. فدخل فكلّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ خرج فقال: ذكرتك له فصمت.
فانصرفت حتّى جلست مع الرّهط الّذين عند المنبر. ثمّ غلبني ما أجد، فجئت- فذكر مثله- فجلست مع الرّهط الّذين عند المنبر.
ثمّ غلبني ما أجد، فجئت الغلام فقلت: استأذن لعمر فذكر مثله، فلمّا ولّيت منصرفا، فإذا الغلام يدعوني، قال: أذن لك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدخلت عليه، فإذا هو مضطجع على رمال حصير، ليس بينه وبينه فراش، قد أثّر الرّمال بجنبه، متّكىء على وسادة من أدم حشوها ليف.
فسلّمت عليه، ثمّ قلت- وأنا قائم- طلّقت نساءك؟ فرفع بصره إليّ فقال: «لا» ثمّ قلت- وأنا قائم-: أستأنس يا رسول الله، لو رأيتني وكنّا معشر قريش نغلب النّساء، فلمّا قدمنا على قوم تغلبهم نساؤهم.
فذكره. فتبسّم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ثمّ قلت: لو رأيتني ودخلت على حفصة فقلت: لا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوضأمنك وأحبّ إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم (يريد عائشة) ، فتبسّم أخرى.
فجلست حين رأيته تبسّم. ثمّ رفعت بصري في بيته، فو الله ما رأيت فيه شيئا يردّ البصر غير أهبة ثلاث «1» ، فقلت: ادع الله فليوسّع على أمّتك، فإنّ فارس والرّوم وسّع عليهم وأعطوا الدّنيا وهم لا يعبدون الله. وكان متّكئا فقال:
«أو في شكّ أنت يا ابن الخطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا» فقلت: يا رسول الله! استغفر لي.
فاعتزل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة، وكان قد قال: «ما أنا بداخل عليهنّ شهرا» من شدّة موجدته عليهنّ حين عاتبه الله.
فلمّا مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشة: إنّك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا، وإنّا أصبحنا بتسع وعشرين ليلة أعدّها عدّا، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: الشّهر تسع وعشرون، وكان ذلك الشّهر تسعا وعشرين.

قالت عائشة: فأنزلت آية التّخيير، فبدأ بي أوّل امرأة فقال: «إنّي ذاكر لك أمرا، ولا عليك أن لا تعجلي حتّى تستأمري أبويك» قالت: قد أعلم أنّ أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقك.
ثمّ قال: «إنّ الله قال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ- إلىقوله- عَظِيماً قلت: أفي هذا أستأمر أبويّ، فإنّي أريد الله ورسوله والدّار الآخرة. ثمّ خيّر نساءه. فقلن مثل ما قالت عائشة) * «1» .

8-* (عن أمّ سلمة ابنة أبي أميّة بن المغيرة رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: لمّا نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار، النّجاشيّ، أمنّا على ديننا، وعبدنا الله، لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه، فلمّا بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النّجاشيّ فينا رجلين جلدين، وأن يهدوا للنّجاشيّ هدايا ممّا يستطرف من متاع مكّة، وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم، فجمعوا له أدما كثيرا، ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلّا أهدوا له هديّة، ثمّ بعثوا بذلك مع عبد الله بن ربيعة بن المغيرة المخزوميّ وعمرو بن العاص بن وائل السّهميّ، وأمروهما أمرهم، وقالوا لهما.
ادفعوا إلى كلّ بطريق هديّته قبل أن تكلّموا النّجاشيّ فيهم، ثمّ قدّموا للنّجاشيّ هداياه، ثمّ سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلّمهم،.
قالت: فخرجا فقدما على النّجاشيّ، ونحن عنده بخير دار وعند خير جار، فلم يبق من بطارقته بطريق إلّا دفعا إليه هديّته قبل أن يكلّما النّجاشيّ، ثمّ قالا لكلّ بطريق منهم: إنّه قد صبأ إلى بلد الملك منّا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم لنردّهم إليهم، فإذا كلّمنا الملك فيهم فتشيروا عليه بأن يسلّمهم إلينا ولا يكلّمهم، فإنّ قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم، فقالوا لهما: نعم، ثمّ إنّهما قرّبا هداياهم إلى النّجاشيّ، فقبلها منهما، ثمّ كلّماه فقالا له: أيّها الملك، إنّه صبأ إلى بلدك منّا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردّهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه، قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النّجاشيّ كلامهم، فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيّها الملك، قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما فليردّاهم إلى بلادهم وقومهم، قال:

فغضب النّجاشيّ، ثمّ قال: لاها الله، وايم الله! إذن لا أسلمهم إليهما ولا أكاد ... ) * «2» .
9-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لن يدخل أحدا عمله الجنّة» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:
«لا، ولا أنا إلّا أن يتغمدّني الله بفضل ورحمة فسدّدوا وقاربوا، ولا يتمنّينّ أحدكم الموت، إمّا محسنا فلعلّه أن يزداد خيرا، وإمّا مسيئا فلعلّه أن يستعتب «3» » ) * «4» .
10-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: قالعمر: وافقت الله في ثلاث- أو وافقني ربّي في ثلاث- قلت: يا رسول الله! لو اتّخذت مقام إبراهيم مصلّى، وقلت: يا رسول الله! يدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب.
فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعض نسائه، فدخلت عليهنّ قلت: إن انتهيتنّ أو ليبدّلنّ الله رسوله خيرا منكنّ، حتّى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر! أما في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما يعظ نساءه حتّى تعظهنّ أنت؟ فأنزل الله: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ الآية) * «1» .
الأحاديث الواردة في (المعاتبة) معنى

11-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: صنع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شيئا فرخّص فيه، فتنزّه عنه قوم «2» فبلغ ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فخطب فحمد الله، ثمّ قال: «ما بال أقوام «3» يتنزّهون عن الشّيء أصنعه، فو الله إنّي لأعلمهم بالله وأشدّهم له خشية» ) * «4» .
12-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: لم يكن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سبّابا ولا فحّاشا ولا لعّانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة «5» : «ما له ترب جبينه «6» » ) * «7» .

ومن الأحاديث الواردة في (المصارحة)

13-* (عن الزّبير بن العوّام- رضي الله عنه- أنّه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شراج من الحرّة كانا يسقيان به كلاهما، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للزّبير: «اسق يا زبير ثمّ أرسل إلى جارك» .
فغضب الأنصاريّ فقال: يا رسول الله آن كان ابن عمّتك. فتلوّن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال: «اسق، ثمّ احبس حتّى يبلغ الجدر» .
فاستوعى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حينئذ حقّه للزّبير.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل ذلك أشار على الزّبير برأي سعة له وللأنصاريّ فلمّا أحفظ الأنصاريّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استوعى للزّبير حقّه في صريح الحكم، قال عروة: قال الزّبير: والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلّا في ذلك فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ (النساء/ 65) » ) * «1» .

من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (المعاتبة)

1-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض أسفاره، حتّى إذا كنّا بالبيداء (أو بذات الجيش) انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على التماسه، وأقام النّاس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى النّاس إلى أبي بكر، فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبالنّاس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والنّاس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت:

فعاتبني أبو بكر. وقال ما شاء الله أن يقول. وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التّحرّك إلّا مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذي، فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التّيمّم فتيمّموا، فقال أسيد بن الحضير (وهو أحد النّقباء) : ما هي بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر، فقالت عائشة: فبعثنا البعير الّذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته) * «2» .

2-* (عن عائشة أمّ المؤمنين- رضى الله عنها- أنّها خطبت على عبد الرّحمن بن أبي بكر قريبة بنت أبي أميّة فزوّجوه، ثمّ إنّهم عتبوا على عبد الرّحمن وقالوا: ما زوّجنا إلّا عائشة، فأرسلت عائشة إلى عبد الرّحمن فذكرت ذلك له، فجعل أمر قريبة بيدها فاختارت زوجها، فلم يكن ذلك طلاقا) * «3» .
3-* (قال أبو الدّرداء- رضي الله عنه-:«معاتبة الأخ خير من فقده» ) * «1» .
4-* (قال الزّجّاج: قال الحسن في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً قال: من فاته عمله من الذّكر والشّكر بالنّهار، كان له في اللّيل مستعتب، ومن فاته باللّيل، كان له في النّهار مستعتب، قال: أراه يعني وقت استعتاب أي وقت طلب عتبى، كأنّه أراد وقت استغفار) * «2» .
5-* (قال أبو الحسن بن منقذ:
أخلاقك الغرّ السّجايا ما لها ... حملت قذى الواشين وهي سلاف ومرآة رأيك في عبيدك ما لها ... صدئت وأنت الجوهر الشّفّاف) * «3» .
6-* (قيل: العتاب خير من الحقد، ولا يكون العتاب إلّا على زلّة، وقد مدحه قوم فقالوا: العتاب حدائق المتحابّين، ودليل على بقاء المودّة ... وذمّه بعضهم، قال إياس بن معاوية: وخرجت في سفر ومعي رجل من الأعراب، فلمّا كان في بعض المناهل لقيه ابن عمّ له فتعانقا، وتعاتبا وإلى جانبهما شيخ من الحيّ. فقال لهما: أنعما عيشا، إنّ المعاتبة تبعث التّجنّي، والتّجنّي يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعث العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة، قال الشّاعر:
فدع العتاب فربّ شرر ... هاج أوّله العتاب) * «4» .
7-* (كان ابن عرادة السّعديّ مع سلم بن زياد بخراسان، وكان له مكرما، وابن عرادة يتجنّى عليه، ففارقه وصاحب غيره، ثمّ ندم ورجع إليه، وقال:
عتبت على سلم فلمّا فقدته ... وصاحبت أقواما بكيت على سلم رجعت إليه بعد تجريب غيره ... فكان كبرء بعد طول من السّقم) * «5» .
8-* (قال الغطمّش الضّبّيّ:
أقول وقد فاضت بعيني عبرة ... أرى الدّهر يبقى والأخلّاء تذهب أخلّاي لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ليس للدّهر معتب) * «6» .
9-* (وقال أبو الأسود:
فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلّا قليلا) * «7» .
10-* (قال الشّاعر:
أعاتب ذا المودّة من صديق ... إذا ما رابني منه اجتناب إذا ذهب العتاب فليس ودّ ... ويبقى الودّ ما بقي العتاب) * «8» .
11-* (قال بشّار بن برد:
إذا كنت في كلّ الأمور معاتبا ... صديقك لن تلقى الّذي لا تعاتبه.
وإن أنت لم تشرب مرارا علي القذى ... ظمئت وأيّ النّاس تصفو مشاربه؟ فعش واحدا أو صل أخاك فإنّه ... مقارف ذنب مرّة ومجانبه) * «1» .
12-* (وقال آخر:
دعوت الله أن تسمو وتعلو ... علوّ النّجم في أفق السّماء فلمّا أن سموت بعدت عنّي ... فكان إذا على نفسي دعائي) * «2» .
13-* (وقال آخر يعاتب صديقه على كتاب أرسله إليه:اقرأ كتابك، واعتبره قريبا ... فكفى بنفسك لي عليك حسيبا أكذا يكون خطاب إخوان الصّفا ... إن أرسلوا جعلوا الخطاب خطوبا ما كان عذري إن أجبت بمثله ... أو كنت بالعتب العنيف مجيبا لكنّني خفت انتقاص مودّتي ... فيعدّ إحساني إليك ذنوبا) * «3» .
14-* (وقال آخر:
أراك إذا ما قلت قولا قبلته ... وليس لأقوالي لديك قبول وما ذاك إلّا أنّ ظنّك سيّء ... بأهل الوفا والظّنّ فيك جميل فكن قائلا قول الحماسيّ تائها ... بنفسك عجبا وهو منك قليل وننكر إن شئنا على النّاس قولهم ... ولا ينكرون القول حين نقول) * «4» .
15-* (ومن أحسن ما قيل في العتاب:
وفي العتاب حياة بين أقوام ... وهو المحكّ لدى لبس وإيهام فما ثمّ شيء أحسن من معاتبة الأحباب، ولا ألذّ من مخاطبة ذوي الألباب» ) * «5» .
من فوائد (المعاتبة)

(1) تزيل صدأ البغض والكراهية من القلوب.
(2) تزيد المحبّة والألفة.
(3) تذهب نزغ الشّيطان ووساوسه.
(4) تنقّي النّفوس وتطهّرها من ظنون الإثم.
(5) تقوّي أواصر الودّ والتّفاهم في المجتمع.



hgluhjfm ,hglwhvpm




نورالدين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-2017, 06:52 AM   #2
 
الصورة الرمزية أرض الحلم
 

أرض الحلم مذهل  وصاحب ذوقأرض الحلم مذهل  وصاحب ذوق
افتراضي رد: المعاتبة والمصارحة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



أرض الحلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2017, 03:00 PM   #3
 
الصورة الرمزية مناار
 

مناار سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية
افتراضي رد: المعاتبة والمصارحة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



مناار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

إضافة رد





الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


Rss  Rss 2.0  Html  Xml  Sitemap  دليل المنتديات


الساعة الآن 12:56 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75