منتديات بني بحير بلقرن - ولا هم يحزنون..

ولا هم يحزنون..

جاء في دراسة علمية جديدة (صحيفة ذي إندبندنت) أن بعض علماء النفس توصلوا إلى أن أعمال البرّ والصدقة والإنفاق ومساعدة الناس المحتاجة وقضاء حوائجهم وبذل المال النقدي أو العيني في الحقيقة هي أقصر الطرق للوصول إلى السعادة ، وهو تكافل إجتماعي ، وحالة من الرحمة والشفقة والبعد الإنساني في قلب صاحبه.

يقول علماء النفس : "إن إنفاق المال على الفقراء يزيل الشعور بالخوف والإكتئاب بسبب الإحساس بالسعادة والشعور بالطمأنينة للقيام بعمل رائع والمساهمة في إسعاد الآخرين.

والله عزوجل ربط بيانه الإلهي بين إنفاق المال وبين التخلص من الخوف والحزن.. في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).. وايضا في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

من منطق الآيتين الكريمتين يقول صديقي وجدت ذلك في قصتي مع جاري في الحارة القديمة حيث كان متحدث لبق ومستمع جيد ، ومحاور هادئ ، وانسان إجتماعي ومحبوب لدى الجميع ، دائما اجده يسلم مبتسما مرحبا بالناس في كل وقت.

يقول صديقي : في يوم التقيت به عند باب بيته حيث كان يملى سيارته باكثر من عشرين علبة شوكولاته فاخرة في المقعد الخلفي للسيارة ، مما اثار شجوني واستغرابي وتعجبي.

سلمت عليه .. سألته : خير يا جاري .. إلى اين ستذهب بعلب الشوكولاته ؟؟؟
رد علي السلام مبتسما ابتسامة جميلة قائلا : ما رأيك ترافقني إلى مشواري ؟؟؟
قلت : أرافقك لابأس.
قال : حسنا اطلع معي وان شاء الله ما نتأخر.

ركبت سيارته ، توجهنا إلى حي فقير جدا يبعد عن حارتنا مسافة ساعة إلا ربع بالسيارة ، أوقف سيارته عند مدخل الحي، ونزلنا مشيا على الأقدام حاملين معنا مجموعة من علب الشوكلاتة.

توجهنا إلى عدد من البيوت الفقيرة ، دق صاحبي على الباب الاول ، ففتح الباب اولاد صغار ولما شاهدونا قفزوا فرحين مستبشرين ينادون على امهم : ماما .. ماما .. الرجل حق الشوكولاتة جاء.

أعطاهم علبة الشوكولاتة وتكلم مع الأطفال واستأذن وذهب إلى البيت الثاني دق الباب ، فتحت الباب إمرأة كبيرة بالعمر وعندما رأته دعت له كثيرا والدمع يقطر من عبنيها.. الله يفتحها عليك.. الله يطعمك من ثمار الجنة.

والله يا بني انت تجبر بخاطرنا في يوم العيد.. الله يجبر بخاطرك ويرزقك من حيث لا تحتسب.. بعد دعاء المراة للرجل اعطاها علبة الشوكلاته واستأذن.

وهكذا مع بقية البيوت ، كل بيت كان قصة بحد ذاته وفي كل بيت كان سيمفونية جميلة ورائعة من المشاعر والاحاسيس الرائعة والدعوات المباركة.

انتهينا من توزيع علب الشوكولاتة ، ركبلنا السيارة راجعين متوجهين إلى حارتنا ، دعوت له بكل خير بأن الله يعطيه الصحة والعافية لاعطائه وبذله وفعل الخير ومساعدة المحتاجين واسعاد الفقراء.

ثم سألته سؤالا آخر وانا متردد : لماذا لا تعطيهم مالا أفضل من الشوكولاتة ؟؟؟ لكي يشتروا احتياجاتهم الضرورية هم بالمال !!!

ضحك جاري العزيز ضحكة قوية ومدوية وكأن سؤالي أعجبه ، والتفت إلى الكرسي الخلفي متناولا علبة شوكولاته وقدمها إلي ، وقال افتحها وانظر ماذا بها ؟

فتحت العلبة وانا مترقب وكلي شوق لأرى ما تحتويه العلبة !! فإذ بي اتفاجأ بالاضافة للشوكولاته أن هناك ظرف فيه مبلغا من المال ، فزاد استغرابي وحيرتي.

قلت له لماذا لا تعطيهم المبلغ مباشرة ؟؟؟ ثم مادخل علبة الشوكولاتة في التبرع بالمال ؟؟؟
نظر إلي جاري وابتسم كعادته ، وقال : انا إنسان أحب الشوكلاته كثيرا وآكل منها كل يوم ، والله جل في علاه يقول : (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون).. انتهت القصة.

بينت دراسة علمية مهتمة بصحة الإنسان "University of British" والتي تعتمد على مسح الدماغ مغنطيسياً : أن الذي يصرف ماله على سبيل التبرع للفقراء والمساكين والمحتاجين وتقديم يد العون ومساعدة الناس يجد السعادة والصحة والعافية والتخلص من هموم الحياة والشعور بالراحة النفسية وكسب ثقة أكبر في الحياة.

أيضا تقول الدراسة والباحثة Elizabeth Dunn*: أن إنفاق المال على الآخرين يحسن نظام عمل الجسم وبجعل أجهزة الجسد اكثرا استقرارا وطمأنينة ، وتساعد الجهاز المناعي على التنشط والعمل بكفاءة أعلى.

يقول الدكتور والباحث النفساني عبد الدائم الكحيل : "إن المرضى الذين ينفقون أموالهم على الآخرين على سبيل المساعدة والصدقة فإن ذلك يساعدهم على التماثل للشفاء بسرعة أكبر ، وهذه نصيحة حبيبنا محمد صلى الله عليه عندما قال : (دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ) !!"

ومضة :
الصدقة والإنفاق والعطاء تجلب السعادة .! فتصدقوا لتجلبوا الراحة النفسية لأنفسكم والصحة بتقوية نظام جهازكم المناعي.