أساليب الهجوم والدفاع لدى الكائنات الحية*
 

بقلم/ منصور جبر
@mansourjabr

خلق الله الكون وأودع فيه أسرار البقاء والفناء، مخلوقات تولد وأخرى ترحل، وهي بين الحياة والموت تصارع من أجل البقاء.

تطارد كريات الدم البيضاء الفايروسات في الجسد لتقضي عليه، فيختبئ بذكاء ويحتار الطب.

تُباغت الحيوانات بعضها بعضاً وللحظة يتحول الهجوم دفاعاً، إنه ذكاء فطري أودعه الله في الكائنات لتعيش، وليتحقق الهدف من الخَلق.

ينقض الشاهين على فريسته بسرعة تصل إلى 400 كلم في الساعة فكيف لها أن تتخلص منه؟!.

تدافع المخلوقات عن نفسها ، وتحمي صغارها بأشرس أنواع الدفاع، فمن ذا الذي يستطيع مقاومة دجاجة تحتضن كتاكيتها إن مد يده ليأخذ واحداً منها؟!. أو حاول عبثاً أخذ قطة صغيرة مولدة للتو نائمة بجوار أمها ستكشر عن أنيابها وتخرج مخالبها وتصرخ هاجمةً على أسد لو حاول ذلك.

تتسلل اللبوة بين النباتات بهدوء وتكتيك عجيب تنظر في فريستها، ثم تنقض عليها بسرعة هائلة، وتختار العنق لتكسر عضامه وتسد مجرى التنفس.

لا شك أن وراء هذا خالق مدبر حكيم أودع في كل المخلوقات أسراراً، ومنحها القدرة على الركض والعدو والهجوم، وعلمها أساليب الدفاع والاحتماء.

تتبختر العقرب بشوكتها التي ترفعها استعداداً للهجوم أو الدفاع، لكنها في نفس الوقت تحمل فوق ظهرها عشرات الصغار ممن ينتظرون غذاءها.

وتتكيف مع الطبيعة بعض المخلوقات لتحمي نفسها، فتغير الحرباء ألوانها تمويهاً للأعداء، فتراها بلون ساق شجرة ثم تبدل لونها بلون أوراقها، ثم تنزل على الأرض فتصبح بلون التراب، بل أن بعض المخلوقات تغير شكلها كلياً فيمد طائر صغير ريشة ويضم جناحيه فيتحول من طائر جميل إلى وحش مخيف يُرعب من يفكر بالاقتراب منه، في حين أن بعض المخلوقات الصغيرة أشكالها تتغير بنفس ألوان وأحجام ما حولها، فنرى حشرات بنفس لون وأشكال أوراق النباتات التي تسير عليها، أو حتى بألوان وأشكال الأزهار.

تنوع عجيب، وتفرد مدهش في الاختباء والاحتماء.

تنسج العنكبوت بيتها بخيطها الرقيق في شكل هندسي فائق الذكاء، وتترقب من بُعد، فإن وقعت به جرادة أو حشرة صغيرة، جاءت العنكبوت لتأكل رزقها.

تتحرك جيوش مرعبة من النمل المقاتل، فيغزون جماعات أخرى، يخدرون حُراس المستعمرة، وينهبون البيض والمدخرات، ويأخذون صغار النمل غنائم يجعلونهم خدماً لهم في مستعمرتهم الخاصة.

يستعد الجمبري لكل عدو حوله، فلديه ذراعان قويان يكسران الحجر، هما وسيلة الدفاع والبقاء لديه.

حتى في عالم النبات، فإن الشجرة تتخلص من أوراقها التي تمتص الماء بلا فائدة في فصل الخريف، ألم لا بد منه، ولكنها إن لم تفعل ذلك ماتت هي.

وفي عالم الفضاء فإن الثقوب السوداء تهدد كل ما حولها من الكواكب والنجوم والمجرات كذلك، تلتهم كل من يمر بجوارها وتبتلعه، بل إنها تجذبه إليها مهما كان حجمه وإن كان أكبر منها بملايين المرات، فلا حيلة للمجرات والنجوم إلا بالهروب أو الاندماج أو الموت أو الاستسلام لها.

كون عجيب، وتناسق مدهش غريب، سبحان من علم كل مخلوق كيف يعيش، وألهمه أساليب الحياة والدفاع.