منتديات بني بحير بلقرن

منتديات بني بحير بلقرن (http://www.binybohair.com/vb/)
-   العلوم الطبيعية (http://www.binybohair.com/vb/f57/)
-   -   (المدمرة) في تربية الأبناء (http://www.binybohair.com/vb/binybohair52484/)

الرهيب 08-27-2022 02:18 PM

(المدمرة) في تربية الأبناء
 
#مقالات_خطوة

نعم (المدمرة) في تربية الأبناء

بقلم: محمد علي الخلاقي

يولد الأبناء في بيئات مختلفة، ومستويات اجتماعية متباينة، وهذا ليس للأبناء اختيار فيه، بل هو من تقدير الله تعالى لهم.

ولكن هذه البيئات المتفاوتة والمجتمعات المختلفة في ثقافتها وتنوع العرقيات والأديان فيها، هي المؤثر الأول في حياة الأبناء، والمكون الرئيس في شخصياتهم والمسئول عن بناء أفكارهم وتكوين توجهاتهم السلوكية، والتي من خلاله يرسم الأبناء قناعاتهم المستقبلية، ويبنون عليها نظرتهم للحياة والكون.

وهذه الثقافات والأفكار يتلقاها الأبناء من الآباء عن طريق التربية والتعليم، والتي ترسخ فيهم هذه الأفكار، وتُكسبهم القيم والمبادئ التي تعلمها الآباء قبلهم.

وتعتبر التربية من المهمات الصعبة، والوظائف الشاقة المتعبة؛ لأن التعامل مع النفس البشرية التي مِن خصائصها كثرة التقلب والتغير، يحتاج إلى صبر وحكمة، قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا...﴾ [طه: 132]، فالأمر والنهي يحتاج من الآباء طاقة قد تفوق الصبر، وتتجاوز الحد.

وإذا تأملنا طرق التربية اليوم: لوجدنا أن الآباء يتفاوتون فيها تفاوتًا كبيرًا، ويختلفون في تقديمها للأبناء بحسب ثقافتهم، والطريقة التي تلقوا فيها تربيتهم قبلها، ولكنها - في وجهة نظري - لا تخرج عن ثلاث بيئات رئيسية:

الأولى: إما أن يكون الآباء مع أبنائهم ممن يكثرون من كلمة (نعم) فكل ما يطلبه الطفل مجاب وكل طلباته مقضية.

والثانية: بيئة لا يسمع الطفل فيها إلا كلمه (لا) فكل شيء يطلبه الطفل يجاب بالنفي والزجر والتعنيف، فلا يلبَّى له طلب، أو يُقضى له أمر إلا بشق الأنفس، وصعوبة بالغة.

والثالثة: هي أن البيئة التي يُترَك فيها لطفل دون أن يسمع كلمة (لا، أو نعم) بمعنى افعل ما تشاء، دون توجيه أو إرشاد، وهذا ما يسميه البعض (الحرية المطلقة) بلا رقيب أو حسيب، فيعيش الطفل لا يستطيع التمييز بين الصواب من الخطأ، ولا يعلم هل ما يفعله نافع أو مضر له.

ولستُ في هذا المقال في صدد سرد كل واحدة من هذه الحالات، والتحدث عن سلبياتها أو إيجابياتها؛ لأن المقال يطول ويتشعب، ولكن سآخذ واحدة منهن وهي (نعم)، والتي تعني أن طلب الطفل مجاب، فلا يسمع كلمة (لا)، وليس في قاموسه شيء ممنوع، يُعطَى ما يشاء، ويُلبَّى طلبه أيا كان ذلك الطلب، ومَن يقول له (لا)، فإنه يتعرض للهجوم من الآباء، والتعنيف، بحجه أنه يجرح مشاعر الطفل، ويسبب له عقدة نفسيه؛ فينشأ الطفل على طريقة (اطلب تُعطَ، واسأل تُجاب).

وأسباب لجوء الآباء لهذه الطريقة: (نعم) وتوفير كل ما يحتاجه الطفل مهما كان ذلك الشيء، قد يكون مِن دافع الحب الشديد والاعتقاد أن هذا يُسعِد الطفل، ويُدخل السرور إلى قلبه، أو قد يكون من باب أن الآباء يرون أنهم حُرِموا في حياتهم من أمور كانوا يتمنون حصولها لهم، ولم يتمكن آباءهم من توفيرها لهم، فيُشبِعون ذلك الشعور بالنقص، بأن يوفروا لأبنائهم ما حُرموه هم في حياتهم السابقة.

يقول مصطفى السباعي - رحمه الله -:

(رأيتُ كثيرًا من الآباء أفرطوا في تدليل أبنائهم ردّة فعل لقسوة آبائهم معهم، وهكذا يؤدي عدم الحكمة في التربية إلى متاعب جيلين فأكثر...).

وهذه الطريقة في التربية طريقة خاطئة جملة وتفصيلًا:

وتشكل خطرًا محدقًا بالأبناء في مستقبل حياتهم، فسماع الابن كلمة (نعم) فقط، وتلبية جميع طلباته، قد يدمر الطفل، ويلغي شخصيته، ويقضي على حياته المستقبلية، وتصنع منه شخصًا مدللًا ضعيفًا لا يستطيع العيش بمعزل عن والديه، أو التصرف بعيدًا عنهم، فهو يعتمد عليهم اعتمادًا كليًا في توفير حاجياته (الأكل، والشرب، واللباس...) وحتى ترتيب سريره، واختيار ألعابه وملابسه الخاصة.

وهذا التدليل الزائد عن حده قد يصنع منه طفلًا متمردًا على كل ما حوله، فلا يرضى بأحد ينافسه، أو يكون خيرًا منه؛ لأنه تعود على الدلال المفرط الذي لا يرى سوى رغباته وشهواته.

والطفل المدلل تجد فيه طفلًا أَنَانِيًّا:

فهو يشعر بأنه النجم المميز الذي لا يُرفض له طلب، والشخص المهم الذي يأتيه كل شيء تحت قدميه، فلا يشعر بقيمة النعمة التي هو فيها، والحياة التي يعيشها ويتمناها غيره.

ورغم توفير والديه له كل ما يطلب، إلا أنك تجد منه قلة الاحترام لمن هو أكبر منه، فلا يقدر الجهد والتعب الذي يبذله والديه في توفير حاجاته ومتطلباته التي لا تنتهي، مهما كانت الظروف، فلا يرضى إلا بأن يُجَاب طلبه، وإلا أقام الدنيا وأقعدها، ودخل في نوبة من الصراخ والغضب، وانقلب إلى طفل متوحش عنيف، وإذا أخذ فإنه لا يقدر ذلك، بل يتطلع إلى ما هو أكبر منه، وهذا من شأنه أن ينمي لديه الشعور بالغرور والاتكالية، حين يرى أن رغباته تتحقق دون جهد منه أو عناء، فيشقى والديه في تلبية مطالبة والبحث عن رضاه، دون أن يجدوا منه تقديرًا لذلك الجهد، أو الشعور بما يعانونه من أجل توفير ما يريد؛


الساعة الآن 07:20 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75