منتديات بني بحير بلقرن - ❖ فضفضة حافظ ..💜☁️

نجتمعُ في المسجد كُل جُمعة بعد صلاة العصر ، وذات يومٍ دخل الشيخ وهو مُمسك بثلاث أطفال ، ثم إبتسم قائلًا :

كيف حالكم ؟
أحضرت لكم ثلاثة أطفال ، عليكم أن تحدثوهم عن القُرآن وتجعلوهم يحبون حفظ كتاب الله ..
أمامكم نصف ساعة فقط...

جلس أمام كل واحدٍ منا طفلٌ ..
كانت الأطفال بعُمر العشر سنوات ..
نظرت إلى عين الطفل الذي أمامي ، كان ينظر إلي ويبتسم ، سألته عن إسمه وفي أي صفٍ يدرُس ، ثم تنهدت وخفضت رأسي ، لم أكُن أعرف كيف أبدأ ، أو ماذا أقول ..
فـ قررتُ أن أسألهُ ماذا يعرف عن القُرآن ؟!

ربتُ على كتفه قائلًا تحدثنا معًا وسمعت خطابي ، فماذا تعلم
عن خطاب الله لك..
إبتسم الطفل ووجههُ كالبدر ثم قال :

كُنت أسمع أبي رحمهُ الله يقول لأختي الصغيرة : يا طفلتي الآن أجلس معكِ في الغُرفة والله ثالثنا ينصتُ إليكِ أثناء تلاوتك ، فكُل شيءٍ بمثابة ثَانِيَ اثْنَيْنِ والله ثالثهما ..

إبتسمت حينها لأنني أدركت أن الطفل يعلم حقيقة القُرآن أكثر مني ..ثَانِيَ اثْنَيْنِ في الغُرفة ، وثَانِيَ اثْنَيْنِ في القبر، وثَانِيَ اثْنَيْنِ عند الصراط ..

قبّلتُ رأس الطفل ولم أجد كلمات أقولها له..

إبتسم الطفلُ ثم قال : هل إنتهيتُ من تجهيز تاجك!؟

لم أفهمهُ في البداية حتىٰ ردد ذلك مرة أُخرىٰ.
فسألتهُ بتعجبٍ : أي تاج!؟

- تاجٌ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ

" نظر الطفلان والشابان إليّ وأنا الذي أنصتُ إلى الطفل وليس العكس..
فـ أنصت الجميع إليه.. وأتى الطفلان بجواري

كُنت أفهم ماذا يقصد ولكني أحببتُ حديثه ، فأردته أن يتحدث أكثر فسألته بتعجُبٍ= وكيف يُعدُ ذلك التاج !؟

قام الطفل وسار خطوتين ثم قال : كما علمني أبي السير ، يُعلمنا القُرآن كيف نُجهز ذلك التاج..

تنهد ثُم قال - عندما تعلمتُ السير في البداية سيرتُ خطوة أو خطوتين وكُنتُ أسقط على ركبتي وتؤلمني..
وبعد عدة دقائق أنسىٰ ذلك وأسير مرة أخرىٰ فتزداد عدد الخطوات خطوة .. وتزداد الإصابة..
حتى أصبحت أسير بشكلٍ جيد ولم يعُد لدي أيٌ من الإصابات..
لو كُنت منذُ البداية إشتكيت من كثره الإصابات لما حاولت ثانية ولم أكن أستطيع السير الآن...
هذا هو حالُنا مع القُرآن

نقرأ، ثم نحفظُ ، ثُم نُرتل فإذا أَخْطَأْت تركتهُ.. ثم تشتكي وتقول الله لايُحبني لذلك لا أستطيع حفظ كلامه..
ولو أننا حاولنا أكثر من مرة وأخطأنا للمرة الألف لن يمل الله من الإنصات إلينا ..
فمهما تعثرنا سيأتي اليوم الذي نُرتل فيه دون أخطاء.
وكلما جلسنا مع القُرآن وقتٍ أكثر ، كانت فرصتنا في دخول الجنان أكثر فُ أكثر...
وسيكون خِتَامُ تلك المحاولات والتعثُرات مِسْكٌ ، وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ...
فـ بحُبك للقُرآن تضع ماسة في التاج .. وبمحاولاتك لحفظه تجعل التاج أكثر نورًا

فـ إذهب إلى ذاك الرُكن في غرفتك، الرُكن الذي قد هجره كثيرٌا من الناس ،أذهب أنت بمفردك ، وخُذ مصحفك معك ..
ضعه أمامك على حامل، ثم تحدث إليه قائلًا :
وااااهٍ خليلاه ..

أطلب من الله أن يجعل القُرآن متشبثًا بقلبك جيدًا ، ولا تنسىٰ أن تُخبرهُ أنك تخْشَى العالم ، وتخشىٰ أن تبيت ليلك وفي قلبك غُصَّةُ تؤلمه
وأجعل حال قلبك يُردد :
إجعلهُ هو الضماد الذي ينتشل كُل الحُزن الذي يتسلل إلى قلبي كُل ليلة ، إجعلهُ رفيقي يا الله...
أن تريه ضعف قلبّك حيال حُبّك للقُرآن ، فيهبُك الذي أوجدّ فيكَ الُحب حبّه ...

وإذا قلّت همتك تذكر اللقاء الذي بينك وبين القُرآن يوم القيامة ، عندما يأتي في صورة رجل شاحب وَيُعْطَيك الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ ثم يقول : هُوَ فِي يَدِكَ وَكَفِّكَ الآن ، قد اسْتَوْلَيْتَ عَلَيْهِ ...
ولا تنسىٰ أن تتذكر لقاءك به في القبر .. أنيسٌ لك في وحدتك ، ورفيقٌ لك في غسق الدُجىٰ ..
لله كلمات كـ الوطن ،إذا هجرتهُ شعرت بالغُربة ..
حروفًا بمثابة قميصَ يوسُف لأبيه
ترتد بصيرًا إذا اقتربت منها
ومهما طال سقوطك في بئر يوسف
حتمًا ولابد ستأتي قافلة العزيز إليك "))

🤍🤍🤍🌸