مايحدث في السودان
 

ما يحدث في السودان الأن فيه الكثير من الدروس والعبر ... فهناك قتال شديد، ومئات القتلى والجرحى، وقد عم الخوف وانقطعت السبل وبلغت الفتنة ذروتها .. وكل ذلك بسبب الخروج على الحكام، فلم ترى دولة السودان الأمن والأمان والراحة والأطمئنان منذ سقوط الرئيس البشير وهكذا البلدان الآخرى التي خرجت على حكامها .

فما خرج قوم على ولي أمرهم ولو كان ظالما إلا زادوا المريض علة والطين بلة .

✳️ والخروج على الحكام من أعظم الفتن وهو منبع المحن، وأصل لكل بلاء، ومنبع لكل عداء .

✳️ وأسعد الناس في ذلك هم أهل السنة والجماعة .

فمن عقيدة أهل السنة والجماعة الصبر على ولاة الأمور ولو كانوا ظلمة، وطاعتهم بالمعروف، والدعاء لهم، وعدم التشهير بهم، وعدم الخروج عليهم، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة والصريحة في ذلك .

وأنه لا يجوز الخروج على الحاكم المسلم ولو كان ظالما إلا بضوابط شرعية ذكرها أهل العلم .
كل ذلك ليس حبا في الحاكم ولا إقرارا بما يفعل إنما من باب دفع الفتنة التي يدخل حرها بيت كل مسلم، ولما في ذلك من الحفاظ على الدين والمال والدم والعرض.

وكما قيل
إمام ظلوم خير من فتنة تدوم .

وستون سنة بحاكم ظالم خير من ليلة بدون حاكم .


✳️ والشريعة الإسلامية لما أوجبت الصبر على جور وخطأ الحاكم ذلك لأن الخروج عليه قد تترتب عليه مفاسد أعظم، ومن تأمل التاريخ في القديم والحديث يجد أن كثيراً من مصائب المسلمين إنما هي من جراء التفريط فيما قرره الشرع في هذا الباب الخطير .

ولذلك فقد ضبط الشرع هذا الباب بضوابط وشروط معلومة عند أهل العلم وهم الذين يقررونها وينظرون فيها، وليس ذلك لأفراد الناس وعامتهم .

✳️ وإن الأئمة وأهل العلم قد بينوا بوضوح وجلاء على مر العصور الموقف الشرعي في هذه القضية بما يحفظ للناس دماءهم وأموالهم وأعراضهم، ونقل بعضهم الإجماع على تحريم الخروج على الحاكم المسلم إلا بضوابط شرعية... فكم من مصالح توقعها كثيرون غدت مفاسد ومحن وبلايا تقضي على الأخضر واليابس، وليس بعد الإسلام نعمة أعظم من نعمة الأمن إذ به تحفظ الأنفس والأموال والأعراض والمقدسات .
وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير، وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادًا كبيرًا وشرًا عظيمًا، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، وتختل السبل ولا تأمن .
ولقد جرب المسلمون على مر التاريخ الخروج على حكامهم فلم يروى إلا الفتن والبلايا، والمصائب والرزايا.
بداية من الخروج على الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، إلى يومنا هذا .

اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر
ضل قوم ليس يدرون الخبر

وتأملوا ما حدث ويحدث في عصرنا في الدول العربية التي خرجت على حكامها كيف أصبحت وإلى أين وصل بها الأمر .

وفي ذلك معتبر وللمسلمين مذكر .

👏 اللهم فرج على إخواننا في السودان ما نزل بهم، وأنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء .

✍️ عبد الرحمن الهاملي.