منتديات بني بحير بلقرن

منتديات بني بحير بلقرن (http://www.binybohair.com/vb/)
-   المواضيع العامة (http://www.binybohair.com/vb/f2/)
-   -   حركة المقاومة الإسلامية (http://www.binybohair.com/vb/binybohair54347/)

الرهيب 12-19-2023 12:11 PM

حركة المقاومة الإسلامية
 
حماس: المنعطف الإستراتيجي الأخطر: تزول أم تتمدد ؟

كل ما يجري في غزة و في محيطها الإقليمي، على الصعيدين العسكري و السياسي إنما يدور حول غاية مركزية واحدة هي : إستئصال حماس إستئصالاً كليا، و إن تعذر ت الإزالة الكلية فلا تراجع عن تفكيك عدتها العسكرية و الإبقاء عليها كياناً سياسيا رثَاً مهيض الجناح ، منزوع الشوكة، كما هو حال فصائل "أوسلو" . ذلك المقصد الإستراتيجي ليس مطلباً إسرائيلياً فحسب، بل هو غاية دولية و إقليمية ، و بين أيدينا من البينات ما يكفي لإثبات تورط عدد من العواصم الاقليمية في مشروع الإجتثاث ذاك. هذا الأمر هو الأخطر ، ليس على مستوى القضية الفلسطينية فقط، بل على مستوى معادلات الصراع الإقليمي برمتها. ذلك أن هزيمة حماس (عسكرياً) أو إنتصارها سيفرز تحولات محورية على الصعيدين الفلسطيني و العربي.
إذا إنكسرت كتائب القسام و أحيط بحماس فلك أن تتصور مآلات القضية الفلسطينية و قد تم تصفيتها تماما، و لك أن تتصور الشعب الفلسطيني و هو يساق إلى محارق "أوسلو" بما يعني ذلك من إذلال و تهجير و سطو على الارض و إنتهاك للعرض ، و لك أن تتصور تساقط ما بقي من حوائط الصد العربية كلها، و لك أن تتصور الإجتياح الصهيوني للفضاءات العربية دون مقاومة تذكر، و لك أن تتصور مزيداً من التوغل الصهيو-أميريكي في مؤسسات الحكم العربية، و لك أن تتصور مزيداً من القمع و الملاحقة للحالة المطلبية العربية الداعية إلى الإصلاح الدستوري، و لك أن تتصور إسرائيل الكبرى و هي تعيد تشكيل الوعي العربي و تعبث بمفردات القيم و الثقافة العربية ، و لك أن تتصور اليهود و هم يتعقبون عرى الإسلام لينقضوها الواحدة تلو الأخرى و لن يقتصر الأمر على القيم السياسية، بل سيمتد ليشمل كل تعبيرات الإسلام حتى لا تبقى قيمة حية و لا مفهوم أصيل.
حركة المقاومة الإسلامية بكل تعبيراتها العسكرية و السياسية هي حائط الصد الأول الذي يمنع تلك الإنهيارات !
و نحن نعالج أمراً بالغ الخطر كهذا، نبتغي بذلك الوصول إلى نتائج علمية ، ينبغي أن نقاربه بأدوات موضوعية صارمة لا موضع فيها للمؤثرات العاطفية .
نحن أمام إحتمالين : الانكسار أو الانتصار. أما الانكسار فقد أشرنا إلى ما يمكن أن يفضي اليه من كوارث، و لكن يبقى السؤال المحوري : أي الإحتمالين أقرب إلى الرجحان ؟ و هل تملك المقاومة أدوات التدافع الإستراتيجي ؟
و لكن ما هو التعريف المعياري للنصر كي نحتكم اليه بعيداً عن الحديث المرسل و الاطلاقات اللفظية ؟
لأغراض هذا المبحث ، سنعتمد تعريفاً واحداً ،،و إلا فإن هناك طيفاً واسعا من تمظهرات النصر لا تعنينا في هذا المقام و التعريف هو : إندحار إسرائيل و عجزها عن بلوغ أي من أهدافها المعلنة و بالتالي خروج الكتائب من هذه المواجهة موفورة العدة و العدد ، متماسكة الصف، سالمة القيادة ،
هناك جملة من المؤشرات المفتاحية التي يمكن إعتمادها للوصول إلى الإستخلاصات :
• قوة عسكرية عميقة البناء العقائدي، منضبطة الاداء الميداني، تتحرك بروح جهادية متوثبة ، لم تنكسر في معركة قط، رغم الفوارق التسليحية بينها و بين عدوها ! نحن أمام أنموذج غير معهود في الحالة العربية المعاصرة !!
• قيادة سياسية تملك رؤية و مشروعاً و لها بصيرة نافذة و فهم عميق لمفاصل النظام الدولي و الاقليمي ، و قدرة على المناورة و التحرك في الهوامش المتاحة.
• البنية الفكرية و التنظيمية للحركة تعصمها من التشظي و تحميها من التشققات و تمنحها إتساقا فكرياً و صلابة تنظيمية .
• حاضنة شعبية ليست فقط متصالحة مع المقاومة أو مساندة لها ، بل هي جزء أصيل من الحالة الجهادية ، و قد أبدت من ضروب الصبر و البسالة و الاحتساب ما جعل العالم يسأل؛ أي جنس من البشر هؤلاء !!
• حواضن جماهيرية ممتدة في العالمين العربي و الإسلامي ، تتبنى مشروع المقاومة و تبدي إستعداداً للإنخراط فيه لولا الموانع السياسية.
• تفوق أخلاقي عزز سردية الحركة و أحدث إنقلاباُ سياسيا في الوجدان العالمي الذي بات يشهد تحولات جوهرية في منظوره السياسي و مواقفه الأخلاقية إزاء القضية الفلسطينية،
أما الوقائع على الأرض فإنها في المحصلة الإجمالية تشي بتراجع القوة الإسرائيلية التي تشهد إنتكاسات ميدانية متتالية تهدد بتصدع الإجماع السياسي و تصاعد السخط الشعبي .
نخلص إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعبر منعطفاً هو الأخطر في تاريخها، و أنها بهذا العبور تصنع تاريخاً جديداً للمنطقة و تفرض معادلات صراع جديدة، و من ثم فإن الحديث عن مرحلة "ما بعد حماس" هو ضرب من اللهو السياسي ، فعلى عقلاء العرب أن يعرضوا عن ذلك اللهو و يعيدوا تموضعهم إستعداداً لمرحلة ما بعد الطوفان تكون حماس هي واسطة العقد فيها.

د. عبدالله الغيلاني
16 ديسمبر 2023


الساعة الآن 01:57 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75