منتديات بني بحير بلقرن - قِرَاءة في كتاب "حوليّات سوق حباشة"

قِرَاءة في كتاب "حوليّات سوق حباشة" للباحث أ.د عبد الله أبوداهش
http://file14.9q9q.net/img/31123226/---------.png

في مقدمة هذا العدد من كتابه الذي يحوي مائةً وعشرين ورقة من القطع المتوسط قال الباحث أبوداهش:((حينما وفقني الله تعالى:لإصدار كتابي السنوي المتخصّص :الباحث في دراسات:أدب الجزيرة العربية وتاريخها:"حوليات سوق حباشة" في عدده الأول سنة(1416هـ/1995م) كان مماعزمت عليه –بعون الله تعالى-حينذاك إصدار عدد خاص منه يختص بذكر موقع سوق حباشة, ولما كان ذلك هدفي: فقد وفقني الله لتحقيق هذا الشأن في العدد الخامس عشر من هذه الحوليات الدورية)).
وقد قام الباحث أبو داهش بزيارة علميّة ميدانية لموقع السوق في قرية الحواري بوادي قنونا بتهامة جنوبي الوادي نفسه, وعلى إثرها أصدر العدد الخامس عشر من حوليته الذي تضمّن زيارته وتحديد موقع سوق حباشة بالإضافة لعدد من البحوث التي أدرجها الباحث في حوليته ليضعها أمام القارئ لينهل من ينابيعها.
بعد مقدمة هذا العدد من الحولية خصّص الباحث القسم الأول للأستاذ: حسن الفقيه الذي أبدى رأيه العلمي في تحديد مكان السوق من خلال مقالته العلمية الموثقة بالصور من ص17-ص25.
ثم شرع الباحث أبو داهش في سرد رحلته العلميّة الميدانيّة إلى صدر وادي قنونا بتهامه في البحث الثاني من كتابه حيث قال: " كنتُ أمنّي نفسي بزيارة هذا المكان مذ صدور العدد الأول ولم يتحقق ذلك لظروف العمل العلمي ومايتصل به من أسباب:إدارية وأخرى علمية ,مثل التأليف والتحقيق والتدريس .....وحضور بعض المؤتمرات حتى إذ تسنّى ذلك قمتُ بهذه الرحلة وأنا يومئذٍ مقيمٌ في داري تنومة بني شهر بعسير, إذ كان خروجي من منزلي عندئذٍ: فجر يوم الأحد لعلّه يوافق الخامس من شهر شوال المبارك سنة1429هـ صحبة ابني محمّد.
ودلف الباحث إلى قرية "الحواري" فذ كر:" هناك في قرية الحواري فيما يظنّ بأنّه موقع السوق عبر بنا الركب جانب جبل "القطّارة" لنستقرّ في هذه القرية التي تعرف عند الأهلين اليوم بقرية السوق, أو رهيّ السوق, أو رهوة السوق,إذ هم حتى الآن يقولون: (السوق) مشيرين بهذا اللفظ إلى هذا الموضع, حيث يظنون بمكانه هنا.
ولا مشاحة فالأزرقي يقول :((وحباشة سوق الأزد, وهي في ديار الأوصام من بارق , من صدر قنونا وحلي, وهي من مكة على ست ليال, وهي آخر سوق خربت)) إذ هو بالفعل في صدر وادي قنونا أي : أعلاه, وهو في بعده عن مكة المكرّمة بقدر ست ليال, أيّ مراحل كما قال – وهوقريب من خط الرحلة والحج إلى مكة المكرّمة . ولابد أن نشير إلى أنّ الباحث -وفقه الله- وضع للقاريء في هذا العدد خرائط جوية جلبها من إدارة المساحة الجوية بوزارة البترول حدّد من خلالها موقع سوق حباشة.
ويقف أبو داهش في باحة السوق قائلاُ:((هنا في موقع السوق آثار , ردوم , حجارة مركومة وبعض القبور ودوائر ظاهرة في الأرض تختلف في سعتها, وقلّة مساحتها لعلّها حظائر لبيع الأغنام ,أو مواضع: للنخاسة, أو غير ذلك, وفي تلك الأرض الواسعة التي تقدّر مساحتها بنحو كيل في نصف الكيل توجد أحجار بركانيّة سوداء فيها:قطع فخار, أوأخرى قطع من الحجارة ذات اللون الأخضر التي يظنّ بأنّها من تكوين الأرض نفسها ذات العروق الملونة والغرابيب السود)) واستأنف حديثه قائلاً(( وعند بحثي الميداني فيها لم أعثر عبر تجوالي في الموضع, ولا صحبي على شيء من: النقود , أو العلامات الفارقة سوى حجر صغير أبيض بحجم قبضة الكف فيه حفرة صغيرة في وسطه يظنّها الناظر وعاءً للمداد على استبعاد ذلك تماماً)).
ثمّ ذكر أن الآتي من قبل الطريق العام الرئيس المتجه نحو مكة يجد حين يتجه نحو أعالي صدر وادي قنونا أرضاً زراعية خصبة تعمرها: المزارع, الحصون, القرى , وأنها تدنو من وادي قنونا نفسه عبر أكبر ضواحيه المعروفه بالفائجة, حيث إن سالكها لايلبث حتى يقطع الوادي: وادي قنونا نفسه ليتجه نحو موقع السوق جنوباً ليصل إلى موقع الحواري بالقرشة, هناك ترنو تلك الآثار الدارسة إلى الماضي بعينٍ أسيفةٍ, تزيد في الإيمان , وتذكي الشعور العلمي المنصف الجاد. ولله درّ القائل في مثل هذا الشأن:
أما ههنا قد كان عز ودولة .......... ومجدٌ يسامي هامة النجم فارعُ
وأودى فأما ساكنوه فغودروا ......... رميماً لها تحت التراب مضاجعُ
وأمّا الحصون الفارعات فإنّها ......... طـلولٌ تهـيج الذكريات خواشعُ
تصابى وليست للصبا بأليفةٍ ......... وتخضــب منها أشمطاً فيمـانـعُ
وترنو إلى الماضي بعينٍ أسيفةٍ ....... لعلّ لياليها الرغـابُ رواجــــــعُ
ولازال موضع السوق قائماً لم يتغير سوى, أنّه قيل لي :إنّ رجالاً من أبناء قبيلة بلحارث الأزدية من شرق وادي قنونا نفسه همّوا بإقامة سوق حديث في موضع السوق القديم, وأرادوا تسميته سوق الثلاثاء, وأنّهم حرّوا طرفاً من أرض السوق القديم من قبل الشرق, ولكنّهم اختلفوا فتركوه حتى الآن , ممّا شوّه تلك الآثار , وأفسدها . وليتهم لم يفعلوا!!
وفي خاتمة هذا البحث من عدد هذه الحوليّة يقول:
(( وخاتمة القول: إنّ هذه السوق التي يظنّ بوجودها في صدر وادي قنونا إنّما هي بالفعل تقع فيه في: حداب القرشة اليوم,أي: في صدره, حيث كانت من قبل ضمن حواز بلاد بارق, ومن ولايتها, وأرضها لقول الهمداني(288-360هـ):" وخبت أذن وهو في مساقط بلاد بارق من غور السراة, وهي بقرة والملصة ويسران وذات أعشار وثربان جبل لهم من ناحية ذات أعشار , وأعلى قنونا....." بما يؤكد حقيقة وجود هذه السوق في هذا الموضع القائم بآثاره الظاهرة حتى الآن)).
ودعا مؤلف هذه الحوليّة القائمين على الآثار في بلادنا أن يعتنوا بهذا الموقع في إيجاد سياج حوله, وكذا ابتعاث المختصين لدراسة موضعه وتحديده , ودعا أبناء قنونا وبلديّتها أن يهتّموا بهذا الموقع نفسه وأن يحافظوا عليه وليس في الأمر كبير عناء سوى حراسته وإقامة سياج حوله حتى يأتي من المختصين مَن يدرسه ويهتمّ به قبل فوات الآوان حين لاينفع التأسّف والندم.
وبعد أن حققّ أمنيته بهذه الزيارة القصيرة لوادي قنونا قال:"تركنا ذلك الموضع بعد جولتنا الميدانية القصيرة وقد دنت الشمس من مغربها , وهي عاصبة الجبين يملأ شفقها العسجدي الأفق, وقد انبسط شعاعها الذهبي على صفحات الماء, وهو يجري سلسلاً في الوادي مؤذنة بدنو الليل, وانقضاء النهار ليستقبلنا صوت الوادي نفسه: بجريان مائه, وحفيف أشجاره, وترنيم أطياره وأصوات مخلوقات الله فيه, حتى إذا قطعنا عرضه نحو ضاحية الفائجة ألفينا الليل وقد أدركنا بما نشهده من مظاهره, فقد عاد الناس بمصالحهم نحو منازلهم مستشعرين دنوه, يسوقهم الشعور بالطمأنينة والرضا, لنودع صحبنا من أبناء قنونا الأوفياء, وننطلق نحو الطريق الرئيس متجهين نحو جبال السروات التي انطلق منها ركبنا في صباح ذلك اليوم. ونحن نذكر قول الله تعالى:{{لقد كان في قصصهم عبرةٌ لأُولي الألباب..}}

في البحث الثالث الذي يحمل عنوان:"حباشة آخر سوق خربت سنة197هـ لماذا؟
بدأ الباحث بتوطئة ذكر من خلالها أنّ سوق حباشة أكبر أسواق تهامة وكانت تقوم ثمانية أيام في السنة من أول شهر رجب متوالية وذكر قول ياقوت الحموي وشرحه اللغوي لكلمة"حباشىة".
وعرّج الباحث على أسباب خراب سوق حباشة ولماذا خربت؟ حيث ذكر عدّة أقوال في ذلك.
في البحث الذي يليه: تحدّث الباحث عن ملامح الحياة الاقتصادية في مخاليف حكم, عثّر حلي, وبعض مخاليف تهامه الشمالية الأخرى عبر القرون الهجريّة الثلاثة الأولى .
ثم تلى تلك البحوث بحث عنوانه"الشاعر الشنفرى الحجري الأزدي في سوق حباشة...رأي في حضوره السوق وفي نسبه وموطنه"
بدأ الباحث بمقدمة ذكر من خلالها أنّه كتب في مطلع حياته العلميّة وهوطالب في المر حلة الجامعيّة مقالاً في جريدة الرياض عنوانه" الشنفرى... واختراقية الشعر" عبّر فيه عن موقفه من إنسانية هذا الشاعر الأزدي السروي ولاريب فالشنفرى:عمرو بن مالك الأزدي الذي يقول في لاميته المشهورة إن صحّ نسبتها إليه:
أقيموا بني أمي صدورَ مطيّكم...... فإني إلى قومٍ سواكم لأميلُ
فقد حمّت الحاجات والليل مقمرٌ.....وشدّت لطيّات مطايا وأرحلُ
ويذكر أبو داهش قول أبو فرج الأصفهاني في شأن وفادة الشنفرى الحجري إلى سوق حباشة وتسوقه فيه حيث يقول الأصفهاني:(( إنّ رجلاً من الأزد أتى أسيد بن جابر, وهو أخو حرام المقتول, فقال : تركت الشنفرى بسوق حباشة! فقال أسيد بن جابر : وللّه لئن كنت صادقاً لايرجع حتى يأكل من أليف جنى بيده! فقعد له على الطريق......)).
ويعقّب أبو داهش على القول السابق فيقول:(( وحين نقبل هذا القول, وأنّه وقع , فإنّ الأمرَ دونه ليس بكبير , إذ هو متوقّع مقبول , فالشنفرى عدّاءٌ من الفرسان , وهوابن السراة من بلاد الأزد, وسوق حباشة في حوازها بل هو في بلادها.............))

وخصّ المؤلِّف القسم الأخير من حوليته بعدد كبير من الصور التي أُلتقطت من موقع السوق أعدّها ابنه محمّد أبوداهش..
وبعد إصدار هذا العدد من الحوليّة التي تميّزت عن غيرها من الحوليّات باهتمامها الكبير بتحديد موقع سوق حباشة وذكْر الآراء العلميّة فيه أجاب الباحث عبدالله محمد أبوداهش على المتسائلين من قَرَأَةَ حوليّات سوق حباشة الذين يعجبون تارةً, ويسـألون أخرى عن غياب الحوليّات عن تحديد موقع السوق ودراسته!.

مع تحياتي لكم

أخوكم:مسك الكلام
ودمتم سالمين