الدعاء في الصلاة الدعاء في الصلاة حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ فتح الباري بشرح صحيح البخاري قَوْلُهُ : ( مِنْ عَذَاب الْقَبْر ) فِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ , وَسَيَأْتِي الْبَحْث فِي ذَلِكَ فِي كِتَاب الْجَنَائِز إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . قَوْلُهُ : ( مِنْ فِتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ) قَالَ أَهْل اللُّغَة : الْفِتْنَة الِامْتِحَان وَالِاخْتِبَار , قَالَ عِيَاض : وَاسْتِعْمَالهَا فِي الْعُرْف لِكَشْفِ مَا يُكْرَه ا ه . وَتُطْلَق عَلَى الْقَتْل وَالْإِحْرَاق وَالنَّمِيمَة وَغَيْر ذَلِكَ . وَالْمَسِيح بِفَتْحِ الْمِيم وَتَخْفِيف الْمُهْمَلَة الْمَكْسُورَة وَآخِره حَاء مُهْمَلَة يُطْلَق عَلَى الدَّجَّال وَعَلَى عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام , لَكِنْ إِذَا أُرِيدَ الدَّجَّال قُيِّدَ بِهِ . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَن : الْمَسِيح مُثَقَّل الدَّجَّال وَمُخَفَّف عِيسَى , وَالْمَشْهُور الْأَوَّل . وَأَمَّا مَا نَقَلَ الْفَرَبْرِيّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحْده عَنْهُ عَنْ خَلَف بْن عَامِر وَهُوَ الْهَمْدَانِيُّ أَحَد الْحُفَّاظ أَنَّ الْمَسِيح بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف وَاحِد يُقَال لِلدَّجَّالِ وَيُقَال لِعِيسَى وَأَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا بِمَعْنَى لَا اِخْتِصَاص لِأَحَدِهِمَا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَهُوَ رَأْي ثَالِث . وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : مَنْ قَالَهُ بِالتَّخْفِيفِ فَلِمَسْحِهِ الْأَرْض , وَمَنْ قَالَهُ بِالتَّشْدِيدِ فَلِكَوْنِهِ مَمْسُوح الْعَيْن . وَحَكَى بَعْضهمْ أَنَّهُ قَالَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة فِي الدَّجَّال وَنُسِبَ قَائِله إِلَى التَّصْحِيف . وَاخْتُلِفَ فِي تَلْقِيب الدَّجَّال بِذَلِكَ , فَقِيلَ : لِأَنَّهُ مَمْسُوح الْعَيْن , وَقِيلَ لِأَنَّ أَحَد شِقَّيْ وَجْهه خُلِقَ مَمْسُوحًا لَا عَيْن فِيهِ وَلَا حَاجِب , وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَمْسَح الْأَرْض إِذَا خَرَجَ . وَأَمَّا عِيسَى فَقِيلَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْن أُمّه مَمْسُوحًا بِالدُّهْنِ , وَقِيلَ لِأَنَّ زَكَرِيَّا مَسَحَهُ , وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْسَح ذَا عَاهَة إِلَّا بَرِئَ , وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَمْسَح الْأَرْض بِسِيَاحَتِهِ , وَقِيلَ لِأَنَّ رِجْله كَانَتْ لَا أَخَمْص لَهَا , وَقِيلَ لِلُبْسِهِ الْمُسُوح , وَقِيلَ هُوَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ ماشيخا فَعُرِّبَ الْمَسِيح , وَقِيلَ الْمَسِيح الصِّدِّيق كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِير ذِكْر قَائِله إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَذَكَرَ شَيْخنَا الشَّيْخ مَجْد الدِّين الشِّيرَازِيّ صَاحِب الْقَامُوس أَنَّهُ جَمَعَ فِي سَبَب تَسْمِيَة عِيسَى بِذَلِكَ خَمْسِينَ قَوْلًا أَوْرَدَهَا فِي شَرْح الْمَشَارِق . قَوْلُهُ : ( فِتْنَة الْمَحْيَا وَفِتْنَة الْمَمَات ) قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : فِتْنَة الْمَحْيَا مَا يَعْرِض لِلْإِنْسَانِ مُدَّة حَيَاته مِنْ الِافْتِتَان بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَات وَالْجَهَالَات , وَأَعْظَمهَا وَالْعِيَاذ بِاَللَّهِ أَمْر الْخَاتِمَة عِنْد الْمَوْت . وَفِتْنَة الْمَمَات يَجُوز أَنْ يُرَاد بِهَا الْفِتْنَة عِنْد الْمَوْت أُضِيفَتْ إِلَيْهِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ , وَيَكُون الْمُرَاد بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا عَلَى هَذَا مَا قَبْل ذَلِكَ , وَيَجُوز أَنْ يُرَاد بِهَا فِتْنَة الْقَبْر , وَقَدْ صَحَّ يَعْنِي فِي حَدِيث أَسْمَاء الْآتِي فِي الْجَنَائِز " إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُوركُمْ مِثْل أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال " وَلَا يَكُون مَعَ هَذَا الْوَجْه مُتَكَرِّرًا مَعَ قَوْلُهُ " عَذَاب الْقَبْر " لِأَنَّ الْعَذَاب مُرَتَّب عَنْ الْفِتْنَة وَالسَّبَب غَيْر الْمُسَبَّب . وَقِيلَ أَرَادَ بِفِتْنَةِ الْمَحْيَا الِابْتِلَاء مَعَ زَوَال الصَّبْر , وَبِفِتْنَةِ الْمَمَات السُّؤَال فِي الْقَبْر مَعَ الْحِيرَة , وَهَذَا مِنْ الْعَامّ بَعْد الْخَاصّ , لِأَنَّ عَذَاب الْقَبْر دَاخِل تَحْت فِتْنَة الْمَمَات , وَفِتْنَة الدَّجَّال دَاخِلَة تَحْت فِتْنَة الْمَحْيَا . وَأَخْرَجَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ أَنَّ الْمَيِّت إِذَا سُئِلَ " مَنْ رَبّك " تَرَاءَى لَهُ الشَّيْطَان فَيُشِير إِلَى نَفْسه إِنِّي أَنَا رَبّك , فَلِهَذَا وَرَدَ سُؤَال التَّثَبُّت لَهُ حِين يُسْأَل . ثُمَّ أَخْرَجَ بِسَنَدٍ جَيِّد إِلَى عَمْرو بْن مُرَّة " كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا وُضِعَ الْمَيِّت فِي الْقَبْر أَنْ يَقُولُوا : اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ الشَّيْطَان " . قَوْلُهُ : ( وَالْمَغْرَم ) أَيْ الدَّيْن , يُقَال غَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاء أَيْ اِدَّانَ . قِيلَ وَالْمُرَاد بِهِ مَا يُسْتَدَان فِيمَا لَا يَجُوز وَفِيمَا يَجُوز ثُمَّ يَعْجِز عَنْ أَدَائِهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ اِسْتَعَاذَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَلَبَة الدَّيْن . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمَغْرَم الْغُرْم , وَقَدْ نَبَّهَ فِي الْحَدِيث عَلَى الضَّرَر اللَّاحِق مِنْ الْمَغْرَم , وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَوْلُهُ : ( فَقَالَ لَهُ قَائِل ) لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه , ثُمَّ وَجَدْت فِي رِوَايَة لِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ السَّائِل عَنْ ذَلِكَ عَائِشَة وَلَفْظهَا " فَقُلْتُ : يَا رَسُول اللَّه مَا أَكْثَر مَا تَسْتَعِيذ إِلَخْ " . قَوْلُهُ : ( مَا أَكْثَر ) بِفَتْحِ الرَّاء عَلَى التَّعَجُّب . و قَوْلُهُ : ( إِذَا غَرِمَ ) بِكَسْرِ الرَّاء . قَوْلُهُ : ( وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ " وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ " وَالْمُرَاد أَنَّ ذَلِكَ شَأْن مِنْ يَسْتَدِين غَالِبًا . قَوْلُهُ : ( وَعَنْ الزُّهْرِيِّ ) الظَّاهِر أَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى الْإِسْنَاد الْمَذْكُور , فَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَ بِهِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا , لَكِنْ لَمْ أَرَهُ فِي شَيْء مِنْ الْمَسَانِيد وَالْمُسْتَخْرَجَات مِنْ طَرِيق شُعَيْب عَنْهُ إِلَّا مُطَوَّلًا وَرَأَيْته بِاللَّفْظِ الْمُخْتَصَر الْمَذْكُور سَنَدًا وَمَتْنًا عِنْد الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الْفِتَن مِنْ طَرِيق صَالِح بْن كَيْسَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ , وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق صَالِح . وَقَدْ اِسْتُشْكِلَ دُعَاؤُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّهُ مَعْصُوم مَغْفُور لَهُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ , وَأُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ , أَحَدهَا : أَنَّهُ قَصَدَ التَّعْلِيم لِأُمَّتِهِ . ثَانِيهَا : أَنَّ الْمُرَاد السُّؤَال مِنْهُ لِأُمَّتِهِ فَيَكُون الْمَعْنَى هُنَا أَعُوذ بِك لِأُمَّتِي . ثَالِثهَا : سُلُوك طَرِيق التَّوَاضُع وَإِظْهَار الْعُبُودِيَّة وَإِلْزَام خَوْف اللَّه وَإِعْظَامه وَالِافْتِقَار إِلَيْهِ وَامْتِثَال أَمْره فِي الرَّغْبَة إِلَيْهِ , وَلَا يَمْتَنِع تَكْرَار الطَّلَب مَعَ تَحَقُّق الْإِجَابَة لِأَنَّ ذَلِكَ يُحَصِّل الْحَسَنَات وَيَرْفَع الدَّرَجَات , وَفِيهِ تَحْرِيض لِأُمَّتِهِ عَلَى مُلَازَمَة ذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَ تَحَقُّق الْمَغْفِرَة لَا يَتْرُك التَّضَرُّع فَمَنْ لَمْ يَتَحَقَّق ذَلِكَ أَحْرَى بِالْمُلَازَمَةِ . وَأَمَّا الِاسْتِعَاذَة مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال مَعَ تَحَقُّقه أَنَّهُ لَا يُدْرِكهُ فَلَا إِشْكَال فِيهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ , وَقِيلَ عَلَى الثَّالِث : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قَبْل تَحَقُّق عَدَم إِدْرَاكه , وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيث الْآخَر عِنْد مُسْلِم " إِنْ يَخْرُج وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجه " الْحَدِيث , وَاللَّهُ أَعْلَمُ . منقول لا تنسونا من صالح دعائكم |
رد: الدعاء في الصلاة الله يكتبلك الاجر اشكرك على الموضوع |
الساعة الآن 02:29 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 PL2
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن