منتديات بني بحير بلقرن - الواسطه والمحسوبيه وبمعنى اخر فيتامين ((واو))

أولاً اشكرك عزيزي ابا سامي على طرح هذا الموضوع المثير للجدل والذي قد تتباين الآراء حوله بين مؤيد ومعارض فأقول والله أعلم أننا في حاجة ماسة لنوسع الأفاق بتناول دقائقها الصغيرة التي قد لا يلحظها من سادت النظرة المشئومة على رأيه. ولعلي أختلف إلى حد ما مع كل من عمّم سلبية الواسطة، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية>
******
فلولا الدلالات البغيضة التي تحملها كلمة "الواسطة" لصدحت برأيي بأنها خلق أسلامي شريف واجب على كل مسلم ومسلمة.
فلو نظرنا لمعنى الواسطة بشكل عام لوجدناها بمعنى "تدّخل ذو القدرة والمكانة في أمور الضعفاء لحل مشكلاتهم"، فهي أقرب ما تكون بالشفاعة إن لم تكن الشفاعة ذاتها. ولكنها غدت كلمة مصطبغة بسواد النظرة دون أدني تنقيب لما يعتري اللفظة من معان.
ولو أسقطنا تعريف الواسطة الفعلي على شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن شفاعته تعني تدخله في حل مشكلات امته من الضعفاء المفلسين ذلك لأنه ذو قدرة ومكانة عند ربه" بل بادر الرسول الأعضم بواسطته لفلاح كل أمته منادياً "أمتي أمتي" ونحن نعلم من في امته من ضعيف وظالم ومتكبر وزان ومجرم وغيرها، بل أن واسطته صدرت في الدنيا قبل الآخرة فلم يثنه شرك قومه وقبيلته وأخوانه
من التضرع بالدعاء لله عز وجل حين نزلت قول الله عز وجل "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" فطفق يبكي وينتحب ويتوسط "أمتي أمتي" وهذا خلق جليل عظيم لا يضطلع بعظمه إلا العظماء من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام.
********
بل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد توسط في أمر دنيوي لمغيثاً عند بريرة وقد كان عبد أسود فكان يقول ابن عباس لكأني انظر إليه (يعني مغيثاً) يطوف خلفها (يعني بريرة) يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعباس : يا عباس ألا تعجب من حب مغيثٍ بريرة ومن بغض بريرة مغيثا؟ فإذا بمغيثاً يأتي إلى الرسول يستدر واسطتة صلوات الله وسلامه عليه، فذهب الرسول الكريم إلى بريرة وقال: يا بريرة، زوجك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لو راجعتيه؟ فعلمت بريرة أنما الرسول يتوسط ولا يأمر، فقالت: يا رسول الله تأمرني؟؟ فقال الرسول: إنما أشفع؟ (= إنما أتوسط)، قالت: لا حاجة لي فيه. فلو نظرنا في هذة القصة نجد الواسطة خلق نبيل كان يسير على اثره الرسول صلى الله عليه وسلم، وواسطته أمر دينوي حيث أن زواج بريرة من مغيثاً كان بأمر سيدها وعتقها يعني أن لها الحق في فسخ نكاحها. ولو كان أمر ديني لما سألت بريرة: هل تأمرني؟ ولاستجابت ونفذت ما يأمره الرسول صلى الله عليه وسلم.
***********

أما الواسطة من منظورها السائد فإنها منتة قذرة لا يقر لها من عرف الشمائل المحمدية، فلقد عدل على مضمونها فأصبحت "تدخل ذو القدرة والمكانة والحسب والنسب لحل مشكلات ضعفاء ومساعدتهم نصرةً لهم وظلماً للآخرين" وهذا ما لا يقره لا رسولٌ ولا صالح، إذا أن هناك من الناس كما ذكر شقيقي طير السعد قد ظهروا وطغوا بالواسطة على حساب عباقرة بارعين حرمتهم الفرصة والواسطة من نيل نجاحهم.

******
فنظرتي وخلاصة قولي: إن كانت الواسطة تتم دون الحاق الضرر بأحد إما بظلم ومجاملة على حساب الضعفاء فإني على رأس من يندب إلى هذا وأشجع إليه، فمثلاً كأن يأتي أخي إلي شركتي وأنا أعمل بها ويطلب مني توظيفه فإن من الواجب عليّ تقديراً له ولأخوته الاسلامية أن أسعى في خدمته وأذهب إلى مدير الشركة وأخبره برغبتي في قبول أخي وصاحبي في الشركة، وإن تمت واسطتي فإن لي من الخير المنيف ما لا يحصى إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنين"
أما حين يتبارى المنافسون بالشهادات والكفاءات فالبقاء للأجدر ومن يتوسط لشقيقه أو أخوه فما هو في نظري إلا معول هدم للأمة والاسلام والوطنية والعالم أجمع.

***************
أخيراً وليس آخر:
من أنسب العبارات لهذه الظاهرة، المحسوبية، لأن الحسب والنسب يلعبا الدور الأبرز في تصعيد المشكلة وطغيانها ولولا انتساب المجتمع لأنساب قبلية لما طغت هذه الظاهرة فحين تقدم قائمة من المتقدمين لكل قرني أو عتيبي أو قحطاني لا يخاف الله عز وجل فإنه سرعان ما يوجه نظره إلى ذيل الأسماء لا رؤوسها، لأنه ذيل والذيل لا يصدر عنه خير. انظر معي للمجتمعات الغربية، الدور القبلي المنتن معدوم والواسطة ليست شبه معدومة بل معدومة تماماً.

************

أجمل تحية لطرح هذا الموضوع وإن كان صواب فمن الله وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان... كل التحايا والتقدير.