![]() |
مطالب السمو..💫
*" من لم تشغله العظائم شغلته الصغائر "*
حقيقة يجب مراعاتها في مرحلة السير لاكتساب مطالب السمو وهي أن «الفكر لا يحد، واللسان لا يصمت، والجوارح لا تسكن، فإن لم تشغلها بالعظائم شغلتها الصغائر، وإن لم تعملها في الخير عملت هي في الشر، إن في النفوس ركونًا إلى اللذيذ والهين ونفورًا من المكروه والشاق فارفع نفسك ما استطعت إلى النافع الشاق، ورضها وسسها حتى تألف جلائل الأمور، وتطمع إلى معاليها ثم تنفر من كل دنية وتربأ عن كل صغيرة، علمها التحليق تكره الإسفاف وعرفها العزّ تنفر من الذل، وأذقها اللذات الروحية العظيمة تحتقر اللذات الحسية الحقيرة، في النفوس رفعة وضعة وفيها عفة وشره وخير وشر وفجور وبر فأيقظوا فيها عواطف الخير وتعهدوا فيها جوانب البر ولا تدعوها لنزعاتها فتسف وتخلد إلى الأرض وترض بالدني وتسكن إلى الهين اللذيذ حتى يستعصي داؤها ويصعب شفاؤها» (لشوارد) . املأنْ بالتوحيد قلبًا وإلا ملأته معابد الأوثان واشغل النفس بالمعالي وإلا شغلتها وساوس الشيطان فهما طريقان لا بد من سلوك أحدهما، فمن أراد السمو والعلو اتخذ الطريق الصعب المليء بالأشواك والآفات غير أنها أشواك وآفات سريعة الذهاب والتلاشي ثم تعقبها الجنات الوارفة والأنهار العذبة والأزهار الشذية والأطعمة اللذيذة، وأما الطريق الآخر فهو الطريق السهل المنظر الذي تهفو إليه النفس بجبلتها إذ فيه ما تشتهيه من لذة وشهوة ومرح وفرح ولكن يعقب ذلك الغصص التي لا تسيغها الأنهار، والنار التي لا تطفئها البحار . وأنا وأنت أيها الأخ المبارك قد اتخذا الطريق الأول رغم ما فيه من تحديات؛ لأننا رضينا بالله ربًّا وبالرسول صلى الله عليه وسلم قدوة فما أُحيلى الصعوبات إذ بها نحقق رجولتنا وقوتنا {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] وبها تشتعل نار التحدي في قلوبنا، تلك النار التي تصنع العبقريات وتدفعها بقوة متسامية نحو المعالي مترفعة عن مطامع الدنيا الترابية. فهلّم إلى المسير يا أخي حتى نقطع طريقنا العسير، وهلم يا أخي حتى نملأ قلوبنا وعقولنا بهذه المطالب العالية ونحققها في نفوسنا حتى تكون واقعًا حيًّا يدب على وجه الأرض مصلحًا وهاديًا . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب الأول : الإخلاص سبيل الخواص "* حقيقة الإخلاص هي : تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك قال الله تبارك وتعالى : {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3]، وقال تعالى : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (معارج القبول ) [البينة: 5] وبهذه الحقيقة يتبين أن الإخلاص وحده يقود إلى شفافية القلب وصفاء الروح لأن المؤمن لا يفكر بعده إلا في عظمة ربه ولا يتوجه إلا إلى خالقه فلا يضيره متاعب المثبطين ولا نداء المرجفين ولا يقعده فتور الهابطين، بالإخلاص تتغير النفس وتصفو حتى تكون كالمصباح الزاهر وبه تُغيَّرُ النفس من الواقع المؤلم. وجميل هو قول الإمام ابن القيم : «فالإخلاص سبيل الخلاص»(مفتاح دار السعادة ) . والإخلاص يولد العزة الكاملة في القلوب المؤمنة فيحصل بسبب فواته التفرق بين المسلمين واسمع صرخة النورسي حينما خاطب أهل الحق من أصحابه يوم أن ضيعوا حقيقة الإخلاص «... إنكم أصبحتم سببًا لذلة أهل الحق ومسكنتهم هذه، حيث فوَّتم الإخلاص ولم تحصروا مقصدكم في رضا الله تعالى» (مجموعة عصا موسى ) . فإذا تفرق المسلمون وتحملت قلوبهم الضغينة أصبحوا قشرًا بلا لب يقول عبد القادر الجيلاني «الإخلاص لب الأقوال والأفعال لأنها إذا خلت منه كانت قشرًا بلا لب والقشر لا يصلح إلا للنار» (الفتح الرباني ) . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" أشواق الروح وشهوات الجسد "* أشواق الروح لا تنتهي، ومطالب السمو النفسي لا حدّ لها، والجسم يعارض هذه وتلك، فيجعل من حاجاته وشهوات عصبه أمورًا لا أول لبدايتها، ولا آخر لنهايتها، وهو بذلك يحاول أو يحرّش الحيوان الراكد وثبته القاتلة لكل معاني الخير، وفي هذا تتميم لعمل إبليس . فإذا كان الإخلاص مستيقظًا متلألئ كفاه وأمات أكثر نزغاته وسيطر على أغلب نزعاته ووضع لكل رغبة وشهوة حدًّا ونهاية وفق قانون ما يجب أن يكون وما لا يجب أن يكون ومن هنا كان الإخلاص رقيبًا صارمًا وفي غفلة الرقيب أو موته موت السمو في جميع معانيه فعلى المسلم الهمام أن يتفقد هذا المصباح ويمده بزيته بين الفينة والفينة حتى يعيش في النور ليكون من ثم نورًا يهدي ويضيء . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" أثر الإخلاص في العمل "* إن التعرف على حقيقة الإخلاص يقود المسلم إلى النظر في كيفية أداء العمل لا في كميته ومن هنا نجد المخلصين لا يفرقون بين العمل الصغير والكبير؛ لأن الصغير مع وجود الإخلاص يصبح كبيرًا وعظيمًا عظمة الجبال، وعكس القضية صحيح إذ قد يكون العمل كبيرًا جدًّا ولكنه مع فقد الإخلاص يعود صغيرًا محتقرًا لا تكاد تراه العين كالهباء المنثور {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] . وفي أهمية هذا الجزء الرئيسي في حياة الأعمال قال تعالى : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] قال الإمام ابن كثير : «وهذان ركنا العمل المتقبل لا بد أن يكون خالصًا لله وصوابًا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم (تفسير ابن كثير ) وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرٌ بالإخلاص وحض عليه ودفع لأهله إلى أسمى المراتب وأعلى المقامات حتى إذا فعلوا ذلك وشدوا في سيرهم تفتحت لهم أبواب السماء . قال صلى الله عليه وسلم : «ما قال عبدٌ لا إله إلا الله مخلصًا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر» (صحيح الجامع ) . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" بعض ثمرات الإخلاص "* 1- صحة العبادة لقوله تعالى : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] . 2- نصر الأمة لقوله صلى الله عليه وسلم : «إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم» (صحيح الترغيب والترهيب ) . 3- العفاف والصيانة من الوقوع في الآثام وخاصة الزنا، قال الله تعالى مبينًا السبب في نجاة يوسف عليه السلام من داعي الإغراء : {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] كما هي قراءة ابن كثير(البحر المحيط ) . 4- النجاة من إغواء الشيطان الفاتن المروع الذي يهز الوجدان ويأخذ القلب أسيرًا، قال تعالى ذاكرًا ما كان من أمر إبليس من خروجه من الجنة مدحورًا وإمداد الله له بالعمر الطويل حين أقسم بعزة الله أن يضل البشرية كلهم، ثم أعقب هذا القسم باستثناء يعلم حقيقته علمًا تامًا لم يحاول أن يغيره أو يدلس فيه : {وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر: 39، 40] . قال الإمام أبو حيان : «... واستثناهم إبليس لأنه علم أن تزيينه لا يؤثر فيهم وفيه دليلٌ على جلالة هذا الوصف وأنه أفضل ما اتصف به الطائع»(البحر المحيط ) . وإنها «سنة الله أن يستخلص لنفسه من يخلص له نفسه وأن يحميه ويرعاه» (الظلال) . 5- صفاء العقيدة، قال تعالى منزهًا نفسه عمّا وصفه به الكفار من أن بينه وبين الجنة نسبًا، وذاكرًا عباده المخلصين وأنهم ينزهونه عن مثل هذا الوصف {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: 159، 160] (البحر) . 6- اصطفاء الله لعبده المخلص {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} . 7- استجابة الدعاء كما في قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فسدت الغار (حديث متفق عليه) . 8- محبة الخلق للمخلص؛ لأن من أحبه الله أحبه أهل السموات وأهل الأرض . 9- الثبات على الدين . إلى ثمرات كثيرة لا يحصيها عدٌ، فإذا تبين عظيم أمر الإخلاص وأهميته في حياة الإنسان وأعماله وجب على الشاب الطموح أن يكون الإخلاص رائده في حياته حتى يبلغ المراد ويحقق أهدافه . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب الثاني : سيرة بطـل الأبطال "* إن حياة رسولنا الكريم هي النموذج الأمثل لما يجب أن تكون عليه حياة الشباب الدعاة أصحاب المعالي , يقول الإمام ابن حزم : «من أراد خير الآخرة وحكمة الدنيا وعدل السيرة والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها واستحقاق الفضائل بأسرها فليقتد بمحمد صلى الله عليه وسلم وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه ...» (الأخلاق والسير في مداواة النفوس ) وقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كما قال ربه : {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: 162] حياة كلها مكابدة وجهاد في سبيل هداية البشرية ورفع راية الحق لا يتعب ولا يفتر، ولا توقفه التحديات الصارخة والتي بدأت بتسفيه عمه أبي لهب له، ولا يعبأ بالمخاوف والأهوال , حياة كوهج الشمس فيها الشعلة المتقدة وفيها النور والضياء وفيها الطهر والنقاء , لم يكن للنوم في عينيه مقام طويل بل خفقات تهدهد رأسًا مُليء علمًا وحزمًا وحرصًا، وأي نوم يهجم على عين باكية ساهرة على حقوق الله عز وجل . «لم يكن مثله صلى الله عليه وسلم في الصبر والثبات واستقرار النفس واطمئنانها على زلازل الدنيا، ولا في الرحمة ورقة القلب والسمو فوق معاني البقاء الأرضي فهو قد خلق كذلك ليغلب الحوادث ويتسلط على المادة فلا يكون شأنه شأن غيره من الناس تدفنهم معاني التراب وهم أحياء فوق التراب أو يحدهم الجسم الإنساني من جميع جهاتهم بحدود طباعه ونزعاته» (وحي القلم ) . إن أتيته في ميدان الدعوة فهو سيد الدعاة وأقدرهم وأحكمهم وأفهمهم للواقع الذي يعيشه، وإن أتيته في ميدان العلم فهو البحر المثجى الذي لا ساحل له، وإن أتيته في الجهاد فهو الأسد الهصور الذي تحتمي به الأبطال عند قراع السيوف، ولعمر الحق إن هذا «فعل رجل عرف الوجود والموجِد فماتت أغراضه وسكنت اعتراضاته» (صيد الخاطر ) حياة زاخرة فوارة بكل ما هو عظيم، حتى آخر أيام حياته قد بلغ صلى الله عليه وسلم بالإخلاص في الدعوة الغاية القصوى والنهاية العظمى، وبنى لهذه الأمة بعد أن كانت محتقرة أعظم مجد وأسماه، ورفع الإنسانية من الدرك الأسفل إلى أعالي القمم، فصارت بذلك عقيدة ودينًا بعد أن كانت أمنية ووهمًا، وبذلك استحق أن يكون المصلح الحقيقي للتاريخ . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" الواجب نحو السيرة المباركة "* «كل ذلك يحتم علينا دراسة السيرة دراسة عمل واقتداء وتعرّف دقيق لكل ما تعرّض له رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من مواقف وأحداث وكيف كان سلوكهم وتصرفهم إزاءها لنأخذ القدوة والعبرة والزاد» (زاد على الطريق) فيا أهل المعالي ويا طلاب السمو هلموا إلى هذه السيرة الذكية والمنهل العذب متمثلين قول الله عز وجل داعيًا المؤمنين : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ} [الأحزاب: 21] . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب الثالث : العلم وصناعة الرجال "* على الشاب ذي الهمة العالية أن يحوز قصبات السبق في مجال العلم والمراد بالعلم هنا العلم الذي يضع في الرجل معانيه العظيمة التي ترفعه فوق كل ما هو مادي وتجنبه فتنة الإغراءات حتى يكون سدًّا يقف عنده كل ما فيه معنى الهدم، أو يكون «كالسماء فوق الأرض لو تحوّل الناس جميعًا كناسين يثيرون من غبار هذه على تلك لما كان مرجع الغبار إلا عليهم وبقيت السماء ضاحكة صافية تتلالأ» العلم الذي يكسب رجله عزيمة النفاذ وعزيمة الصبر حتى تنقلب به حياته الضيقة وعيشه المدقع إلى واحات وارفة الظلال، ريانة الأعطاف، تجري من تحتها الأنهار؛ لأنه يعيش في غنى نفسه . ولشأن العلم الخطير يبدأ الوحي الإلهي بـ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] ويقسم الرب سبحانه بأداة العلم الخالدة : {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] وقد رفع سبحانه أهل العلم فجعلهم ناسًا لا كالناس؛ أجسادهم في الدنيا وأرواحهم وعقولهم تعمل عمل أهل الجنة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبين أهمية العلم وحقيقته وفضيلة رجاله، يقول الإمام ابن حجر: «يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم، ورفعة الدرجات تدل على الفضل؛ إذ المراد به كثرة الثواب، وبها ترفع الدرجات ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة وقوله تعالى : {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]. واضح الدلالة على فضل العلم؛ لأن الله تعالى لم يأمر نبيه بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم، والمراد بالعلم العلم الشرعي»(الفتح) . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" أثـر العلـم "* «العلم يجفل صاحبه ويقلقه عن حالة السكون ويحركه نحو التمرد على الهواتف الصوارف وقواطع الطريق» (نحو المعالي ) وفي الزمن القديم أيام عمر بن عبد العزيز كانت هناك مشاكل مشابهة لما نحن عليه، وإحباط وحالة حزن ترهق المؤمنين بسب الفتن والمظالم التي تراكمت، فعالجها عمر بالعلم كما عالجها بالعدل وبانتصابه قدوة للأمة في التجرد وابتذال النفس، فكتب لكل والٍ من ولاته أن «أما بعد : فمُرْ أهل الفقه والعلم من عندك فلينشروا ما علمهم الله في مجالسهم ومساجدهم» . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" بعض فوائد القراءة "* 1- ذكر الله عز وجل لك {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} . 2- استلهام النصر . 3- التعرف على حقيقة النفس البشرية ومركبها كمالاً أو نقصًا ليكون من بعد المواصلة أو العلاج . 4- معرفة شخص النبي صلى الله عليه وسلم معرفة تامة تورث أثرها في النفوس ترفعًا عن الدنيا وتعلقًا بنجوم السماء . 5- اكتيال الحسنات . 6- معالجة الأوضاع في النفس والأسرة والمجتمع والأمة . 7- طرد الهم والقلق والوساوس التي تدب في القلب الفارغ . 8- الإبداع في الحياة وكسر حاجز الرتابة . 9- محاربة الجهل بكل صوره القبيحة المؤلمة . 10- معرفة طبائع الدول . 11- حصاد العقول والتجارب . 12- تنمية ملكة البلاغة تحدثًا وكتابة . 13- استقامة الكلام نحوًا وصرفًا . 14- تعلم الإملاء من أخصر الطرق . 15- الثقافة الواسعة بجانب التخصص الدقيق . 16- فقه الواقع . 17- لتتقن حرفة ما، تساعدك في التغلب على ظروف الحياة المتأزمة . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب الرابع : الهمـة العاليـة "* على طالب السمو أن يعلم أنه ما من عمل إلا وهو دون همة المؤمن؛ لأن قوته من قوة الله؛ فإذا ما شعر بهذا الشعور انطلق نحو هدفه كالصاروخ متساميًا عن جواذب الأرض وثقل الشهوات . " الرجل الراحلة " قال صلى الله عليه وسلم : «تجدون الناس كإبل مئة لا يجد الرجل فيها راحلة» (صحيح مسلم بشرح النووي) فكما أن في الإبل من لا تستطيع حمل الأثقال وبذل الوسع، كذلك في الناس من لا يستطيع حمل الأمانة الثقيلة لغلبة الشهوات وسيطرة هوى النفس وثقلة الأرض، ومن بين هؤلاء وهؤلاء يخرج الرجل الراحلة ذو القلب الوثاب والعقل الراجح والنفس المندفعة، غايته الله قد أصرَّ على الوصول إليه سالمًا من كل آفة، يحدوه مطلبه الإلهي، لا يلتفت يمنةً أو يسرة إلى حيث الآمال العريضة والطموحات النزقة، قد وثق من ربه بالهداية؛ لأنه في جهاد مستمر لا يفتر عنه {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] قد علت همته وقويت إرادته فهيهات للزعازع أن تدك صرحه . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" لا إفراط في الهمة "* صاحب الهمة العالية لا يهدأ ولا يستقر على حال، كلما حاز منزلة رغب في التي فوقها لأن الهدف المحرك لهذه الهمة هدف أعلى، ولكي يحاز لابد من الاستمرار في السير حتى يبلغ منتهاه؛ قال عمر بن عبد العزيز لدكين لما جاءه : «يا دكين إن لي نفسًا تواقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة فلما نلتها تاقت إلى الجنة» ولهذا قيل : «ليس في علو الهمة إفراط في الحقيقة»؛ بل بهذا الإفراط والتزيد تقتل معاني الإسفاف والذل والخضوع وتكسر القيود المثبتة للأقدام على المسير والمهيضة الأجنحة عن التحليق . ويمثل الإمام ابن القيم لهذه المهمة المتسامية بمثال لطيف يشرح ما قلناه : «مثل القلب مثل الطائر كلما علا بعد عن الآفات وكلما نزل احتوشته الآفات» (الفوائد) وما سقط كثير من شباب الإسلام في أوحال الشهوات وملذات الدنيا إلا عندما ماتت هممهم؛ فأصبحوا كسائمة الأنعام تلتقط ما تشتهي وإن كان فيه حتفها ... وقد ناداهم لو كانوا يسمعون، ولا يسمع الموتى النداء الإمام عبد القادر فقال : «... لا يكن همك ما تأكل وما تشرب وما تلبس وما تنكح وما تسكن، كل هذا همُّ النفس والطبع، فأين همُّ القلب ؟ همك ما أهمك؛ فليكن همك ربك وما عنده» (الفتح الرحماني ) . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" السبق إلى الله بالهمم "* «همتك احفظها؛ فإن الهمة مقدمة الأشياء؛ فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال» . وبهذه الهمة العالية يقطع الكيس من المسافة أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك، والتقدم والسبق إلى الله إنما هو بالهمم وصدق الرغبة والعزيمة فيتقدم صاحب الهمة مع سكونه صاحب العمل الكثير بمراحل (انظر الفوائد ) بل إن صاحب الهمة العالية الباحث عن رضا ربه تنوب نيته عن كلال بدنه في تحقيق مراده؛ يقول الإمام ابن الجوزي : «ولله أقوام ما رضوا من الفضائل إلا بتحصيل جميعها؛ فهم يبالغون في كل علم ويجتهدون في كل عمل يثابرون على كل فضيلة فإذا ضعفت أبدانهم عن بعض ذلك قامت النيات نائبة وهم لها سابقون»(صيد الخاطر) فيا طلاب السمو، الهمة الهمة في هذا الطريق الطويل الصعب؛ حتى يكون من بعد ذلك الراحة الكاملة؛ يقول ابن الجوزي : «لقد تأملتُ نيل الدر من البحر فرأيته بعد معاناة الشدائد» (صيد الخاطر) . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب الخامس : التقـــــوى "* لا بد لطالب السمو أن يكون تقيًا نقيًا : «وما التقوى في حقيقة الأمر بعبارة عن زي مخصوص وهيئة معينة وطراز للمعيشة بعينه؛ وإنما هي عبارة عن حال النفس التي تتكون وتتولد من خشية الله والشعور بالتبعية وتظهر وتتجلى في كل ناحية من نواحي الحياة ومظهر من مظاهرها؛ فالتقوى الحقيقية هي أن يكون قلب المرء مستنيرًا بخشية الله والشعور بعبوديته، وأن يكون وعيه للقيام بين يدي ربه والمسؤولية أمامه يوم القيامة شديدًا قويًا، وأن يدرك إدراكًا تامًا وقويًا أن ليست هذه الحياة الدنيا إلا مضمارًا لامتحانه حيث بعثه الله تعالى ومتعه إلى حين من الزمن، ولا تنحصر القضية في مستقبله الدائم إلا في شيء واحد وهو كيف يستخدم قواه وكفاءاته المختلفة في هذا المضمار للامتحان، وكيف يكون تصرفه في ما أوتي من المال والمتاع حسب المشيئة الربانية، وماذا يكون من معاملته للذين تتصل بهم حياته من مختلف الجهات» (الأسس الأخلاقية) . والتقوى بهذا التصور الكامل تعتبر من أقوى المفعلات للنفس المتوثبة وهي من بعد ميزان حساس دقيق في التعامل مع الله ومع البشر . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب السادس : الشعـور بالمسـؤولية "* مما يجب على طالب السمو : أن يتوفر لديه شعور ذاتي بالمسؤولية الملقاة على عاتقه؛ مسؤولية العمل للإسلام، هذه المسؤولية التي قدرها الهدهد فقطع الأميال حتى علم أمر المدينة الكافرة ويعود بهذا الخبر المفزع الذي أثار دهشته إلى سليمان عليه السلام، وإن سليمان ليرى مجرَّ السكين من حلقه إذا كان مخالفًا لأمره، فكانت نجاته من القتل بسبب شعوره بالمسؤولية وإيجابيته الفاعلة، ولكي يتم الشعور الكامل بهذه المسؤولية، يجب أن يتعرف طالب السمو على واقع أمته وما يجرى لها من دسائس تسعى إلى إبادتها ونزع جذورها، عليه أن يكون حساس القلب تجاه مآسي المسلمين وأن يحمل همهم؛ فلا يشعر بأنات البائسين وجراحات المستغيثين وصرخات الثكالى والمنكوبين إلا الرجل الذي فني في أمته فصار لا يتألم إلا بآلامها، ولا يسر إلى بمسراتها، ولا تطلب نفسه إلا ما تحتاج إليه أمته في حياتها العامة، ولا يرى خطرًا على نفسه غير الخطر الذي يداهم أمته في دينها وعزتها وكرامتها، فإذا ما تحقق هذا منه وبذل فيه الوسع، عندها يكون قد عاش حياته الحقيقية عيشًا يجري في دمه، يعلمه كيف تكون الحقائق العظام . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب السابع : المحافظة على حقوق العلماء "* يجب على طالب المجد وباغي السمو أن يحفظ للعلماء حقهم ويبرز محاسنهم في المجتمعات ويدافع عن أعراضهم ويواري زلاتهم، وأن يعلم أن شبه من يُنقَّب عن زلات العلماء والدعاة بحجة النصح تبدأ بشيء من العقل ولا تنتهي أبدًا وفيها شيء من العقل . " المنهج الصحيح في التعامل مع العلماء " إن ربنا سبحانه وتعالى تجاوز عن زلات الأنبياء في غير ما موقف ورفع تبعية الخطأ عن الأمة وفي ذلك بيان للمنهج الصحيح، قال الإمام ابن القيم : «وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه على الأرض حتى تكسرت، ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي صلى الله عليه وسلموقال : شابٌّ بُعِثَ بعدي يدخل من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي، وأخذ بلحية هارون وجره إليه وهو نبي الله؛ كل هذا ولم ينقص من قدره شيئًا عند ربه، وربُه تعالى يكرمه ويحبه؛ فإن الأمر الذي قام به موسى والعدو الذي برز له والصبر الذي صبره والأذى الذي أوذيه في الله تعالى- لا يؤثر فيه مثل هذه الأمور» (مفتاح دار السعادة). وقال رحمه الله متابعًا في بيان الميزان المنصف : «... إن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره؛ فإن المعصية خبث والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث؛ بخلاف الماء القليل فإنه يحمل أدنى خبث، وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرهم؛ أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين ونحوهما ...» . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" أمرٌ لا بد منه "* مع هذا الميزان الدقيق في التعامل مع المخطيء فإن هناك أمر يجب مراعاته وهو أن الاعتراف بأن الخطأ من سنة البشر لا يعني التساهل معه أو التجاوز عن إصلاحه؛ بل لا بد من إزالة هذا الخطأ وتصحيح الوضع؛ لأن الخطأ ضرر، والقاعدة الشرعية : (الضرر يزال) وطريقة الإزالة تكون بالرفق واللين وعدم التشهير وفق الأساليب الشرعية الحكيمة، وهذا هو دأب الصالحين وسمتهم، أما أهل الشر والفساد: فإنهم لا يتركون مسلمًا يعيش هانئًا إلا وخزوه بألسنة حداد «الأشرار يتبعون مساوئ الناس ويتركون محاسنهم كما يتتبع الذباب المواضع الفاسدة في الجسد ويترك الصحيح منه» (لباب الألباب) وهؤلاء المفسدون الأشرار هم أهل النقص الشاهدون على من جرحوه بالكمال . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" لماذا في ركب العلماء ؟ "* إن قضية الدفاع عن العلماء ونصحهم والالتفاف حولهم قضية مهمة جدًا؛ لأنهم سهام الأمة النافذة، وهم الدواء لأمراض الأمة المعضلة، وهم ورثة الأنبياء والقادة الفعليون الذين تحس الأمة معهم بأن حياتها ترتفع عن درك الماديات وجحيم الشهوات، والدفاع عنهم دفاع عن هذا الكم الهائل من الخير، والالتفاف حولهم لاكتساب العلم والمعرفة والصفاء النفسي والقلبي؛ وأما النصح لهم فإن النصيحة منيحة تدرأ الفضيحة، وتتم الخير وتزيده مواصلة ونشاطًا، وتدل على عظم نفس صاحبها ومدى تعلقه بخالقه من أجل ذلك كان لنا في ركب العلماء مكان واسع ونفس زكية وصوت حق ناصح ولين عريكة وذلك عز لمن يعلم ويرشد. |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" تحديد الهدف "* لابد من تحديد الهدف؛ حتى يستطيع طالب السمو أن يضع خطة تامة محكمة يسير عليها بمنتهى الدقة، إن تحديد الأهداف يحول دون القفز في بحر الظلام ودون خوض معركة بلا راية، وتحديد الأهداف هو أول خطوة في عملية إدارة الوقت إدارة فاعلة . وإليك بعض الأفكار التي تساعدك في تحديد الهدف : 1- النية الخالصة؛ فبصلاحها صلاح الأعمال وبركتها . 2- الرغبة الصادقة في الهدف المحدد . 3- الثقة بالنفس والاعتماد على الله . 4- يجب مراعاة الإمكانات المتاحة والمتوقعة ومن ثم تحديد الهدف . 5- البعد عن القيام بأعمال لا أهداف لها لأن هذا يؤدي إلى الألفة مع الأغلاط ومن ثمّ تكون عادة يصعب الفكاك منها . 6- التناسب التام بين الهدف المراد والزمن المحدد . 7- كتابة خطة تفصيلية لهذا الهدف؛ حتى يسهل مراجعتها . 8- يجب أن يكون الهدف مشروعًا . 9- لكل طريق عقباته المعروفة والمبهمة، وهنا يجب عليك تحديد العقبات عن طريق التَّفهُّم لسير الحياة وأخذ العبرة من حياة الآخرين، والإلحاحُ في الدعاء يلهم مواقع السير . 10- أن تكون كتومًا لسرك فلا تفصح عن هدفك حتى لا يقع التخذيل ويكثر الإرجاف . تذكر أن تحديد الهدف هو سيفك الجراز في معركة المضيعات التي لا تنتهي؛ فإن حفظته كان لك النصر وإن ضيعته أغرقك المد . ولكي يكون الوقت عمارًا في حياتك ولا يتسرب منه شيء في غير ما تريد فإليك القواعد التالية : 1- الترتيب : وهو ضروري؛ لأنه يعين على إتمام قدر جزيل من العمل في وقت قصير إتمامًا مرضيًا، يقول رتشرد سسل : «إن الترتيب في الأعمال يشبه وضع الأمتعة في الصناديق؛ فالإنسان الماهر يضع في الصندوق مضاعف ما يضعه غير الماهر» (سر النجاح ) . 2- عدم تأخير عمل اليوم إلى الغد؛ وهذه كانت أحد أربع صفات أورثت ذا القرنين السيادة والمجد (إحياء علوم الدين) . 3- القوة المهذبة في رد المتطفلين المهرة في قتل الوقت . 4- اختيار الأوقات الهادئة التي ترتاح فيها النفس حتى تنتج عملك في أسرع وقت . 5- معرفة مضيعات الوقت ومعالجتها دون هوادة وكسل . 6- التفويض : إن كثيرًا من الأعمال تأخذ حيزًا كبيرًا في حياة الناس وهي مع ذلك أعمال تافهة لا خير فيها وإن كانت أمورًا لا بد منها، ولكي تتخلص منها فعليك بتفويضها إلى أخيك أو قريبك أو صديقك في أدب وكياسة . 7- عند وضع خطة لقضاء وقتك والاستفادة التامة منه، فضع وقتًا للطوارئ؛ كإصابة أحد أهلك أو حلول ضيف أو سفر مفاجئ إلى غير ذلك . 8- التخطيط الجغرافي : فإذا كانت لك حاجيات متفرقة ولم يكن هناك من تفوضه، فاحرص على أن تذهب إلى مكان واحد تتوفر فيه هذه الحاجيات أو إلى مجموعة من الأسواق المتقاربة حتى يتوفر لك وقت تستفيد منه . 9- المحافظة على الأوقات الميتة – كما يسميها بعض الناس – كأوقات السير أو التنزه أو الشراء أو الانتظار عند إشارة إلى غير ذلك، ولا أقل من وجود كتاب بجانبك تقرؤه أو شريط تسمعه أو مراجعة للمحفوظ أو عمل الفكر في مشاريع ثقافية أو خيرية أو اجتماعية . 10- إذا أردت أن تفعل شيئًا فابدأ الآن وإياك (وسوف)؛ فإنها مركب أهل العجز والكسل . هذه بعض القواعد المختصرة التي تفيدك في إدارة وقتك، وسأتناول قضية إدارة الوقت بشكل أوسع وأدق في بحث قادم بإذن الله . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" المطلب التاسع : الهندسة النفسية "* أخلاق وذوقيات : لا بد لطالب السمو ومريد المعالي أن يلحظ نفسه بين آونة وأخرى، وأن لا يترك خيرًا إلا أضافه إليها وضمه تحت كنفها، ولا يعلم شرًا مسيطرًا أو بداية شر إلا أزاله وغير مجراه وبدد أسبابه؛ حتى تعود مطمئنة هادئة ذات هندسة رائعة التركيب والتصميم، وعندها يستحق أن يحمل همّ الإسلام ويقبض على راية المجد ويصعد في مدارج السمو . وهذه الهندسة النفسية عبارة عن ذوقيات رفيعة وأخلاق عليا ومعاملات متأدبة يجب حيازتها والتروي من معينها . وهذه الذوقيات والأخلاق والمعاملات منها ما يكون مع النفس ومنها ما يكون مع الناس ومنها ما يكون مع الله والله أعلى وأجل . يقول الإمام ابن الجوزي : «فقبيح بالعاقل إهمال نفسه، وقد نبه الشرع على الكل بالبعض فأمر بقص الأظفار ونهى عن أكل الثوم والبصل النيء؛ لأجل الرائحة، ويبغي له أن يقيس على ذلك ويطلب غاية النظافة ونهاية الزينة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يعرف مجيؤه بريح الطيب فكان الغاية في النظافة والنزاهة» (صيد الخاطر) . أخلاق النفس وذوقياتها : 1- الاهتمام بالمظهر فيختار من الثياب أبيضها وأنظفها وأصلحها وكذلك غترته ونعله، وليس المراد من ذلك البذخ؛ كلا؛ بل المراد التكامل في قضية طهارة الثوب ونظافته مع نظافة القلب وطهارته، ولما في ذلك من أثر حسن في النفس أولاً وفي الناس ثانيًا وفي التجاريب شاهد عدل، والله يقول : {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] . الاهتمام بالنظافة العامة للجسد من اغتسال كلي أو جزئي وخاصة أيام الصيف اللاهبة التي تجعل المرء يفر من رائحة جسده فكيف برائحة غيره، والنظافة تكسب النفس حيوية وتزيدها نشاطًا . 3- الابتعاد عن المظاهر المشينة من تنخم مفزع أو تمخط مقذر أو وضع للأصابع في تجاويف الأنف أو الأذن أو هرش الصدر أو البطن أو الإبط أو الأفخاذ أو إطالة الأظفار أو تركٍ لشعر الإبط مما يسبب وسخًا وروائح كريهة تؤذي النفس اللطيفة . 4- الاهتمام بشعر اللحية غسلاً ودهنًا وترجيلاً . 5- الاهتمام بشعر الشارب وحفه وتنسيقه حتى يكون مهذب النظر لا تأخذه العين احتقارًا وازدراءً ومن ذلك إزالة الشعر الخارج من تجويف الأنف لما يسببه من تشويه للوجه وربما علق به ما لا يسرك أن يراه الناس . 6- الاهتمام بالسواك إذ فيه طهارة للأسنان وحفظ لها وتنظيف للفم يطرد الروائح الكريهة والبخر . 7- الانتباه لطريقة السير على القدمين فلا تمش متراخيًا متكسرًا ولا تمش سريعًا متخبطًا بل وسطًا بين ذلك، وإياك والالتفات أثناء السير أو إدخال اليدين في جيبي الثوب، وإن كنت في سيارتك فعليك أن تكون لطيفًا في قيادتك حليمًا لا يستفزك طيش الآخرين متقيدًا بالنظام لأن فيه سلامتك حسيًا ومعنويًا . 8- التحفظ أثناء الكلام فلا تكن سريع الكلام يتطاير الرذاذ من فمك – كالمدفع الرشاش – في وجوه المخاطبين، ولا تكن بطيئًا تضجر النفوس وتملها . 9- التحفظ في طريقة الجلوس فلا تضع ساقًا على ساق كجلسة أهل المقاهي ولا تجلس معتمدًا على يديك من خلفك ناصبًا قدميك إذ لا تأمن تسربًا يورث ريحًا أو صوتًا . 10- الظرف واللطافة في طرق الأبواب عند الاستئذان وأن يكون الطرق ثلاثًا كما هي السنة إلا إن خشي عدم السماع فله الزيادة بأدب، فإن لم يؤذن له فلينصرف منشرح الصدر لأنّ في هذا خيرًا له . 11- الحذر من ارتياد الأماكن المشبوهة أو التي فيها منافاة كمال سواء كانت أماكن بيع أو شراء أو أماكن عامة . 12- التأدب أثناء استعمال الهاتف فلا تطل الكلام فيما لا حاجة فيه ولا فائدة منه وعليك بالسلام أولاً ثم ذكر الاسم ثانيًا وإياك أن تتصل في الأوقات المنهي عنها . ذوقيات وأخلاق عند معاملة الناس : وفي معاملة الناس يجب على طالب السمو ومريد المعالي أمور مهمة يظنها كثير من المغفلين سهلة لا يعبأ بها ولكنها في مبدأ الكرام مدارج كمال يجب أن تصعد حتى القمة، ومن ذلك : 1- إن الناس يكرهون النصيحة في العلن وقد ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله ما يؤيد ذلك حين يقول : تعمدني بنصحك بانفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة وذلك لأن النصح في العلن فيه نوع شماتة ونوع استعلاء جُبلت النفوس على كرهه وعدم قبوله . 2- الناس يكرهون أن تلقى عليهم الأوامر مباشرة مجردة لأن كل إنسان عزيزٌ في نفسه يأبى الضيم ولو كان مغلفًا كما أن إلقاء الأوامر المباشرة فيه جهل لحقيقة الأمر فـ«ليس الأمر قهرًا لإرادات الآخرين أو تحطيمًا لها ولكنه التأثير عليها وتوجيهها لتتوافق مع الأفعال اللازمة لتنفيذ المهمة الجماعية» (لمحات في فن القيادة ) . وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يستخدم في خطابه الأوامر المباشرة إلا في الأشياء الواجبة شرعًا وكذلك النهي المباشر، وأما ما كان دون ذلك فإنه يُعرَّض به فقد روى أنس رضي الله عنه أنه خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات ما قال له ألا فعلت أو لم فعلت، وقال صلى الله عليه وسلم في قصة المضريين الفقراء : «تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع تمرة» . 3- يكره الناس من يركز على السلبيات دون ذكر الحسنات والواجب على طلاب السمو مراعاة ذلك جيدًا؛ فإن الناس صنوف شتى ولكل منهم شربه وطبيعته وبيئته ومهما يذهب أحدنا صاعدًا في مدارج السمو فإن له زلات وخطايا ومهما يذهب أحدنا هابطًا في دركات اللهو والفساد فإن له حسنات ومزايا، وإذا تقرر هذا وجب على رجل الفضل أن يتعامل مع الجزء الأفضل من الناس ولا يكون قوي الذاكرة تجاه إساءاتهم وسيئاتهم وليكن قويها تلقاء مزاياهم وخيرهم، يجب أن يخالف الحقيقة المرة المؤلمة التي يقول عنها شكسبير: «إننا ننقش أخطاء الآخرين مجسمة على النحاس ثم نكتب حسناتهم على سطح الماء» (لمحات في الإدارة ) . إنك أيها الأخ المبارك لن تجد أبدًا الإنسان الذي ما ساء قط الذي تصفو مشاربه، ولكنك ستجد دائمًا الإنسان الذي ينطوي على خير ولو ضئيل، فإذا وجدته فتعرف إلى هذا الخير الذي فيه، وحاول أن تنميه بتسامحك وتساميك وحدبك، لقد صدق من قال : «هناك طريقان للحياة: طريقة سلبية مبدؤها رؤية مساوئ الرجال والأعمال ليس لإصلاحها بل لاستغلالها بشكل هدام والعودة إليها بمناسبة وبدون مناسبة، وطريقة إيجابية تنظر إلى الأمور بعين الرضا وتبحث عن محاسن الرجال لتنميتها وتحسينها وتعطف على ضعفهم وأخطائهم وتعمل على إصلاحها بكل دماثة» (لمحات في الإدارة ) . 4- لا يحب الناس من يعاملهم باستعلاء حتى وإن كان من أهل الفضل والخير ومن أجل ذلك أنكر الإمام أحمد العارف بأخلاق الناس ونفسياتهم على أحد أصحابه تحديثه الناس وهم في الشمس وهو في الظل : قال أبو عبد الله الجمال : جاءني الإمام أحمد ليلاً فدق علي الباب فقلت : من هذا ؟ فقال : أنا أحمد , فخرجت إليه فمساني ومسيته وقلت حاجة أبي عبد الله ؟ قال : شغلت قلبي؛ جزتُ عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس في الظل والناس في الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر لا تفعل مرة أخرى فإذا قعدت فاقعد مع الناس . 5- يحب الناس من يعلمهم ويحتملهم ويكرهون من يعتزلهم ويضيق بهم ذرعًا . أيها العاكف المسبح سبحْ في عراك الحياة بالآفاق مثل ما كبَّر الأوائل منا ووميض السيوف في الأعناق 6- إن فضيلة الصدق محبوبة من الخلق أجمعين حتى من أولئك الكذابين، ومن ثم وجب على طالب السمو أن يكون صادقًا في حياته كلها وإن كلفه الصدق آلامًا، ما أسرع أن تنقلب إلى لذائذ يتفيؤ ظلالها، ويجب عليه أن يعلم أن الكذب عار في الدنيا وفضيحة يوم القيامة : الكذب أس الشرور وقاعدتها ولو قلبت جميع الشرور في الأرض لوجدت أساسها كذب الأقوال أو الأفعال؛ إن العربي الأول ليستنكف أن يكذب على ناقته وقد هاجها الظمأ الشديد فيقول : أريد أمنيك الشراب لتهدئي ولكنَّ عار الكاذبين يحول فلا يكن أهل الجاهلية أصدق لسانًا وأعز نفسًا وأنت ابن الإسلام الطاهر، وإنها لمعاناة شديدة تقتضي صبرًا على المجاهدة وصبرًا على مرائر الصدق، والنتيجة من بعد أكيدة ومضمونة، يقول ابن الجوزي : «لولا ما عانى يوسف عليه السلام ما قيل له : {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ}» (صيد الخاطر ) . 7- يحب الناس جميعًا الحقَّ ويحبون أهله ومن يفصحون عنه بلسان مبين وقلب ثابت وعقل رصين؛ فإن قول الحق في موضعه فضيلة لا يحمل ثقلها إلا المخلصون «وما ارتفعت المآذن إلا ليعتاد المسلمون رفع الصوت بالحق» . امضِ في الحق جاهدًا لا تبالِ مستقيمًا على الصراط السوي لا تزلزلك صيحة من جهول أو سقيم أو دعوة من غوي 8- يحب الناس الإنسان البسام ويشتاقون لرؤيته كما تشتاق الأرض القاحلة للمطر المغدق، ولا شك أن الابتسامة على يسير حركتها إلا أنها تفعل في النفوس ما لا تفعله كنوز قارون ومع ذلك فهي لا تكلف شيئًا ولكنها تعود بالخير الكثير، إنها تغني أولئك الذين يأخذون ولا تُفْقِر أولئك الذين يمنحون، إنها لا تستغرق أكثر من لمح البصر لكن ذكراها تبقى إلى آخر العمر، لن تجد أحدًا من الغنى بحيث لا يستغنى عنها ولا من الفقر في شيء وهو يملك ناصيتها، إنها راحة للتعب وشعاع الأمل للبائس وأجمل العزاء للمحزونين، إنها مفتاح الشخصية ودليل السهولة والبساطة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بسامًا في وجوه المؤمنين وكان يعدها إحدى الصدقات، وكان حريصًا على إدخال الابتسامة على الوجوه العابسة، فقد سأله أعرابي أن يحمله فقال : «إنا حاملوك على ولد الناقة» وقال لما سألته عجوز مرافقته في الجنة : «لا تدخل الجنة عجوز» فولت باكية فقال : «ردوها» ثم تلى قوله تعالى : {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا}» [الواقعة: 35-37] . قال عباس العقاد : «من سعة النفس أن ينهض الرجل بعظائم الأمور بل أعظمها جدًا ووقارًا وهو إقامة الأديان وإصلاح الأمم وتحويل مجرى التاريخ ثم يطيب نفسًا للفكاهة ويطيب عطفًا على المتفكهين» (عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم) . 9- يحب الناس فيما يحبون : خلق اللين واليسر فهم بحاجة ملحة إلى الليِّنِين الهيِّنِين الذين يسهلون عليهم ما يجدون من ثقل الهموم وقساوة الظروف . لا تفرح النفس الكريمة إن رأت أختًا حزينة فابكي مع الباكي ومدي للضعيف يد المعونة إنهم بحاجة إلى الموطئين أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون، فإذا توفرت هذه الصفة الكريمة في نفس طالب السمو توفر له تبعًا لذلك من حصاد القلوب الشيء الكثير . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" مع الأصفياء والخُلَّص "* مما يجب على طالب السمو نحو أصفيائه وأهل بيته وقلبه : السكوت عن ذكر المعايب والمماراة والجدل المذموم وعدم السؤال فيما يحرج وكتمان السر وعدم القدح والسكوت عن كل ما يكرهه إخوانه، والتودد باللسان وتفقد الأحوال وإظهار انشغال القلب بهم وإبداء السرور بما يفرحهم، والثناء عليهم عند غيرهم وذب الغيبة عنهم والدعاء الخالص لهم والوفاء والإخلاص والثبات على الحب إلى الموت والإحسان لأهلهم وأصدقائهم بعد الموت، وأن لا يتغير على إخوانه عند حصول نعمة كبيرة له وترك التكلف والتكليف ... يجب أن يكون لهم أبًا برًا عطوفًا وأخًا محبًا نصوحًا مكاشفًا . إلى ما لا ينتهي من أخلاق وذوقيات يجب أن تتوفر في نفس طالب السمو؛ فاليوم خلق وغدًا مثله حتى يجتمع سيل خلقي مهذب . وعلامة هذه الأخلاق والذوقيات الأنس بها من قبل النفس والعقل والقلب ويعضدها عرف الناس . ومما يجدر التنبيه عليه في هذا الموضع : الجد الجدّ في مسألة اكتساب الأخلاق أو معالجة العيوب حتى وإن بدا صغيرًا في العين ومن فرَّط فقد حكم على نفسه بالعجز عن الكمال؛ يقول أبو الطيب : ولم أر في عيوب الناس شيئًا كنقص القادرين على التمام «حق إن أكبر العيوب عيوب الناس جميعًا أن يرضى الإنسان النقص في قول أو فعل أو فكر وهو قادر على أن يبلغ التمام، ذلكم أعظم العيب لأنه عيب كلي يرضي الإنسان بما دون الغاية في كل أموره ويرضي الجماعة بما دون الغاية في كل شؤونها، وما الجماعة إلا وحدانها، والإنسان مدعو في هذه الحياة إلى العمل ليزيد في نفسه وفي جماعته حتى يبلغ التمام أو يقاربه جهده، والكمال لا ينال إلا بمحاولته والسعي إليه والكد له والصبر في طلبه، تعترض الإنسان عقبات لا حيلة له فيها وهو إن ثار وصبر اقتحمها اليوم أو غدًا؛ أما إن وقف محتارًا وكف عن المسير قادرًا لا سبيل إلى بلوغ الغاية ولن تتم الأعمال التي تيم الإنسان بتمامها في هذه الحياة» (الشوارد) . |
رد: مطالب السمو..💫
*مطالب السمو..💫*
*" في طريق الهندسة النفسية "* كن جميلاً ترى الوجود جميلاً : الحياة فوارة بكل ما هو لذيذ ومسعد، مليئة بالخيرات الحسية والمعنوية، ولكي نتمتع بما فيها – مع مراعاة الخطوط الفاصلة بين الحرام والحلال والمكروه والمباح – يجب علينا أولاً : أن نخرج النفس من همومها وأوهامها لا مكان للسوء إلا في النفس السيئة لا بد من رؤية صافية ترى الوجود جميلاً لا عيب فيه كل ما حولها يقود إلى حقيقة السعادة . «أُومِنُ أن الحياة ليست بالسوء الذي يتوهمه الناس، إننا إذا نظرنا إلينا من جانب واحد وجدنا جبالاً من الهموم وأنهارًا من الغموم؛ ولكن الحياة لها جوانب كثيرة؛ فيها الفرح والمرح، لا تقف متصلبًا مشلولاً أمام المشاكل وإنما حاول أن تخرج منها، حاول أن تدوس على متاعبك وتستأنف السير، ولا تجعل المتاعب تدوسك» . إذا عشت بهذه النفسية المتفتحة للحياة وانطلقت من قيد الظنون والأوهام فاعلم أن النجاح حليفك والسعادة قرينتك، وأن جبال الهموم قد ذابت من وَهَجِ نشاطك وإقبالك على الحياة كما تذوب جبال الثلج إذا تلاطمت حولها الأمواج الفائرة . خضوع يكسب العز : مما لا شك فيه أن هذه النفس الشريفة الوثابة لا تستطيع الصمود ولا الاستمرار في طريقها العصيب إلا بتوفيق الله عز وجل؛ بأن يكون ناصرها ومعينها ووليها من دون الخلق، ولكي يصل الشاب الطموح إلى هذه القوة الهائلة المكملة لنفسه: لا بد أن يبذل حياته كلها لله عز وجل، وهذه الحياة لا قيمة لها ولا اعتبار إلا بالانطراح بين يدي الله عز وجل، فيكون الشاب ذليلاً خاضعًا منكسرًا بين يدي مولاه مرددًا قولَ عبد الوهاب عَزَّام بصدق ولهف : أنا وحدي ضعيفُ حولٍ عاجزٌ معدمٌ كليلٌ جبانُ وأنا منك في غنىً واقتدارٍ وشجاعٌ تهابه الشجعانُ يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله : «فليس شيء أحب إلى الله من هذه الكسرة والخضوع والتذلل والإخبات والانطراح بين يديه والاستسلام له؛ فلله ما أحلى قوله في هذه الحال : أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني، أسألك بقوتك وضعفي وبغناك وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذل لك قلبه» . ثم يفيض في هذا الخضوع؛ فيمرغ جبهته في التراب ساجدًا ملحفًا بالسؤال قد أذَلَّ دموعه منتظرًا سكب الرحمات في قلبه والسكينة في نفسه : قلت لليل كم بصدرك سر أنبئني ما أروعُ الأسرار قال ما ضاء في ظلامي سرٌ كدموع المنيب في الأسحار فإذا أدام طالب السمو تذلله وتخضعه ولزم المحراب تفتحت له أبواب السماء، ونال المراتب السَّنِيَّة وتحَقَّقَ له المراد، قال بعض الصالحين : «ما فتح الله تعالى على عبد حالة سَنِيَّةً إلا باتباع الأوامر وإخلاص الطاعات ولزوم المحاريب»، واستشهد بدعاء زكريا وكيف أن الله وهبه يحيى وبشره به وهو قائم يصلي في المحراب (نحو المعالي ) وهذه العبودية المتمثلة في الخضوع والتذَلُّل تورِثُ العَبْدَ تمامَ الكِفاية من ربه؛ يقول عبد القادر الجيلاني : «...هات حقيقة العبودية وخذ الكفاية في جميع أمورك» (الفتح الرحماني ) . |
| الساعة الآن 04:53 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
ارشفة ودعم SALEM ALSHMRANI
F.T.G.Y 3.0 BY: D-sAb.NeT © 2011
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات بني بحير بلقرن