عرض مشاركة واحدة
قديم 07-01-2010, 12:23 PM   #1
متعب البحيري
 

متعب البحيري سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية
افتراضي {حصرياُ}قبيلة بني بحير :::::وعبادة الشمس والقمر!::روؤيه بقلمي!

كثيراً ما يستهويني النظر فيما كان عليه أجدادنا الآوائل، وكثيراً ما يرضيني تقصي آثارهم وأخبارهم، فبعد تأملٍ طويل في أوضاعهم وأحوالهم قبل سنين فارطة، ذهبتُ فيما لا يدع مجالاً للشك إلى أن قبيلة بني بحير أنحدرت من قبائل كانت تعبد الشمس والقمر، ومخلفات هذه العبادة لا تزال حاضرة في مجتمعنا البحيري والمنطقة الجنوبية عامة أو العالم العربي إن صح ذلك!
لكن قبل أن ندخل في التفاصيل، سأثيرُ سؤالاً مؤدّاه: لمَ عبد الناس الشمس والقمر والكواكب والنجوم والبرق وغيرها؟؟؟؟
الإجابة ببساطة: لجهلهم بربهم!!! فحين لم تدركه الأبصار، انجرفوا نحو عبادة ما تبلغه الأنظار! فانصرفوا للبحث عن أقوى المخلوقات وأعظمها مكاناً والتي تستحق أن تكون آلهةِ هذا الكون! كان الإنسان البسيط لا يعرف لهذا الكون تفسيراً شاملاً، فكان يسعى جاهداً لبلوغ إجابة تشفي تساؤلاته عن وجود مدبراً لهذا الكون الفسيح، بيد أنه لم يجد ما يُقنعه ويرضيه، فعاد يحيك الفرضيات تلو الفرضيات أملاً ورجاءً أن يوقف سيل تساؤلاته المتراكم! فبزغت حكاية هذه التساؤلات منذ عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام والذي كان يسعى ليعرف ربّه وإلهه، وذلك في مجتمعٍ طغت عليه عبادة الكواكب! فكان يقول هذا ربي، وهذا ربي، وذلك ربي في حيرة من إمره من يكونُ ربه؟؟ وكلماته التي وردت في القرآن شاهدة على إندلاع عبادة الشمس والقمر قبل وبعد ذلك، قال تعالى "فلما جنّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي"، "فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربى" "فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي". فعدمُ الوصول إلى ربٍ معين من هذه المخلوقات فيه دلالة على عدم الرضا الداخلي بأحد هذه الافتراضات، فما كان ممن بعده أو قبله إلا أن عاندوا أو رضوا بعبادة الشمس والقمر واستمروا على هذا الحال حقبة من الزمن طويلة!!!! لأنها – كما يظهر – المتحكمة في أمور الليل والنهار! فعن طريق الشمس، أدرك الإنسان عدد أيامه ووقت زراعته ومحصوله وموسم رعي أغنامه، وعن طريق القمر والنجوم، هُديَ لطريقه في البر والبحر وعرف مواقيت الشهور ومقدم الأمطار والسيول! ولمّا كانت الشمس والقمر مسؤولان عن إحداث كل هذا، أصبحا أقوى قوتين في الوجود بل أجدرُ ما يُعبد في نظر السلف القديم! وقد نشأت في منطقتنا الجنوبية وفي منطقة اليمن في حضارة sheba أو سبأ عبادة الشمس وذلك في زمن سليمان عليه السلام، فكانت بلقيس وقومها يعبدون الشمس بلسان الهدهد "وجدتها وقومها يسجدون للشمس"
ومن الأهمية بمكان أن نذكّر أنّ مجتمعنا البحيري كان قبل عقود دابرة يؤمن بقدرة الشمس والقمر على التحكم في شؤون الحياة وصروفها! فلقد كنتُ اسمعُ قصةً وقت صغري تقول بقوة البرق وقدرته على إحياء الموتى، وتحكي القصة ثعبانين أسودين تم قطعمها نصفين! وبقوة البرق اللامعة، عادت فيهما الحياة مجدداً وعادا سالمين كأن لم يصابا بمكروه! وفي هذا إشارة بارزة على إيمان الأوائل والأجداد بقدرة البرق على إحياء الموتى وهذه الصفة لا يستحقها كما نعلم سوى الآله! بل أن من شأننا حينما كنا صغاراً أن نرمي بأسناننا اللبنية المتهالكة إلى الشمس ونقول "أبدلينا بسن غزال" وفي هذا إيمان قاطع ومطلق على أننا كنّا نظنُ أنّ الشمسَ تستطيع إعادة نمو أسناننا، فوجب قذفها بالسن المخلوع رجاء إبداله! وهذا الكلمة أو العبارة التي يجب قولها تشي بإيماننا أننا نتحدث إلى إله يسمع ويرى ويستجيب لطلباتنا! كما كان آبائنا يوصونا بالتحرز من الخطأ وذكر سن الحمار خشيةَ أن تنفذ الشمس ما نطلبه منها! واستعانتنا بالشمس وقدرتها على إعادة السن فيه ما ينبيء عن إعتقادنا أن للشمس خصوصية الخلق كما يفعل الإله!!
ومما يُعجب لأمرنا أن جعلنا لهذا الآله من الشمس والقمر يداً ووجهاً وإبناً وإبنة، فكانت تُفسر الصبغة الرمادية التي تعلو وجه القمر بخبطة يد الشمس المصبوغة بالحنا، وكان من تفسيراتهم البسيطة لدحرجة أبو جعران للقذارة أنه يريد من ذلك زواج ابنة الشمس!! إقحام هذه الشمس في تفسيرات حياتنا ليس ناتج الصدفة، إنما دلالةٌ على أهمية هذا المخلوق في نفوس أقوامنا قبل عقود! أهميةٌ قد تبلغ مكانة الإله! وليس ما فعله آبائنا بالشمس بقليل قياساً بالقمر، فلقد كان من أمرهم أن قاموا بإحراق الأعلاف وبقايا استهلاكهم إنارة للقمر وقت الخسوف، ولعلها مواساةً لهذا الإله أو محاولة لإنارة طريقه ليعود كما كان، فضلاً عن أنهم كانوا يملؤون البراميل بالمياه تخفيفاً على حرارة القمر الذي زعموا بأنه احترق!!! ممارسات غريبة ومثيرة للتساؤل، ولا يخفى بعضاً منكم ما كنّا نسمعه من تراتيل أو مقولات وأدعية كانت تقال بظهور الهلال أو ما يسمى بالشهر، وتلك الظاهرة برمي الشهب! بل كان الأجداد يحذرون أطفالهم من عد النجوم واحدة فواحدة، لأن ذلك سيُظهر حب الشباب في أردافهم! تساؤل مهم: مالذي جعل آبائنا وأجدادنا يظنون ولو بقليل أن للنجوم طاقة وتأثير على إحداث هذه الإمراض وهذه الطارئات؟ صدقوني لا يوجد غير الإيمان بقدرتها وقوتها في التأثير على البشر!
وهذة الأفعال ما هي إلا مخلّفات للعرب قديماً كما اشرنا، فكانت العرب تسمي ابنائها عبد الشمس وعبد شمس وعبد الشارق وفي هذا جعلوا للشمس عبيداً يعبدونها ويتقربون إليها بإسمائهم! ولقد سميت زهرة معروفة بعبّاد الشمس لأنها تتبع آلاهها فتعبده وتتجه نحوه كل ساعة. بل أن رمي السن كانت من عادة الجاهلية الأولى كما ذكر أيوب صبري في كتابٍ له باسم "مرآة جزيرة العرب"، وذكر أن لقبائل الجنوب نجم يسمى "عشتار أو عشتروت" وهو ابن الشمس! اما ما يتعلق بالقمر، فلقد ذكر أن علماء الآثار وجدوا نقوش ثمودية تسمي القمر باسم "ود" ومنه ظهر اسم "عبد ود" كاسم للشاعر الجاهلي المعروف!
هذه الطقوس التي كانت وربما لا زالت تمارس في قبيلتنا من رمي للسن وإيمان بقوة البرق في الإحياء وعلاقة الشمس بالقمر وحركة أبو جعران وعد النجوم وملء البراميل بالماء وحرق الاعلاف وقت خسوف القمر لدليل على أنها لم تصدر نتيجة العبث والصدفة، إنما هي محصول تساؤلات غامضة كان يثيرها آبائنا وأجدادنا من وقتٍ قديم ودامت كبقايا رسوبية في أذهانهم وقلوبهم، لعلها استطاعت أن تجيب على بعض اسئلتهم المحيرة كسؤال "من الذي يعيد السن المخلوع بعد سقوطه، وسؤال من الذي يحي الموتى من الثعابين؟ فكانوا يسألون ويخلقون إجابات مرضية، يسألون لماذا القمر ملطخ ببقعة، لماذا يظهر حب الشباب في الأرداف، لماذا يدحرج ابو جعران الأوساخ، لماذا يتغير وجه القمر هل احترق ماذا حدث!! هذه الاسئلة التي أسفرت عن طقوس وشعائر تثبت يقيناً بأن مجتمعنا السابق كانت فيه آثار عبادة للشمس والقمر والنجوم والكواكب وغيرها من حوادث طبيعية حتى وإن آمنوا علناً برب الشمس بمقدم حملات الصحوة في القرن العشرين! ويا أسفي على بساطة السماء الزرقاء التي استطاعت أن تثير غموضاً في عينيّ والدي الفضوليتين!!!! بل كانت تقضُ مضجعه كثيراً، فلقد سمعتُ كثيراً وكثيراً أنه كان يقف أكثر من مرة على جبل عالٍ في شعب حمدي ويشير بعصاه إلى السماء محاولاً أن يخرقها بالعصا!! كنتُ اسمعها من عائلتي وغيرهم بطابع التندر والإستنكار، وكنتُ أتعجب معهم، لكنني آمنتُ اليوم أن صنيعه الفضولي لا يعدو أن يكون محاولة كسيحة فشلت أن ترد على بعض تساؤلاته!
يقول الحكيم الإمريكي وليام ويرت William Wirt المولود عام 1772م والمتوفي عام 1834م
استغل كل لحظة فضول في حياتك لإيجاد حلول لتساؤلاتك، لأنك إن تغاضيت عن لحظة الفضول، لن تعود رغبتك وستبقى على جهلك!!!

ملاحظة: ليس في هذا كله شجب لأفعالهم إذ أنهم كانوا على جهل بعلوم الدين وعفى الله عن جاهلهم! لكنها تقصي وإجابة لبعض تساؤلاتي المثارة عن تلك الطقوس!!!!




التعديل الأخير تم بواسطة متعب البحيري ; 07-01-2010 الساعة 12:30 PM.
متعب البحيري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس