شارع قريتنا الضيّق
كنت أسير في طرقات قريتي الصغيرة يوم الخميس 3/2/1429هـ فرأيت أطفالاً صغاراً يلعبون في شارع ترابي ضيق من مجمل أزقة قريتي الغالية عليّ كثيراً فأضحت الذكريات القديمة تساورني وأصبح هذا المشهد يستحضر تلك الأيام فاكتمل شريط الذكريات وبدا متأهباً للسير قدماً أمام ناظريّ..
توقفت على غير عادتي والابتسامة ضيف مفاجئ ارتسم على محياي ورحلت لذلك العالم الجميل أيام كنا نلعب في شارع قريتي الترابي الضيق فلقد ارتوت تلك التربة بالعرق الطفولي الذي لا يعرف غير النشاط فهذه التربة كانت تترصد لنا بأحجارها الملغومة في باطنها لتنهش لحم أرجلنا من الأسفل فالأحذية الرياضية كانت من أشد المتابعين للعبنا من خارج ذلك الملعب عفواً من خارج ذلك الشارع الضيق لأننا نخلعها بعد ابتداء اللعب بعشردقائق على أبعد تقدير.لقد تذكرت تلك الحجارة التي كنا نحضرها مكبّلة الأيدي لنرمي بها في طريق الموت قائمة بدور المرمى فإذا عتا عليها دهس السيارات حملنا فتاتها وألقينا به خارج شارعنا وأحضرنا أسرى آخرين.
آآآه يا إخواني لقد تذكرت تلك الكرة التي أكل عليها الدهر وشرب فلقد أصابتها الشيخوخة وأفرغت الكثير من الهواء الذي بداخلها ولكنها عندما تسطو على بيت أحد كبار السن لا يقيم لشيخوختها وزناً فيغتالها بسكينه وهنا وفي هذه اللحظة بالذات نقيم لها العزاء وقد نذرف الدموع خاصة عندما يرمي بها ذلك الشيخ ونرى آثار طعناته واضحة جليّة على جسدها الذي لم يعرف من أقدامنا غير الركل فعجباً لدموع المحب القاسي..
نذهب لبيوتنا كلنا فائزون فالخسارة كثيراً ما وأدها الكذب الصبياني تحت تربة ذلك الشارع الضيّق فكثيراً ما امتزجت تلك الخسارات بنكهة التعليقات حتى باتت مدرجة في سلّم الإهانات لذلك كنا نئدها تحت تلك التربة التي كانت لنا فعل خلاص من إهانتنا الممقوتة..
مسكينة تلك الأحذية فطالما تركناها تتابع علامات عشوائية رسمناها بأرجلنا بعد رحيلنا فلا نتذكرها إلاّ بعد وقت ليس باليسير من ذهابنا للمنزل فكثيراً ما تركناها في وقدة القيض بدون مغيث أو تحت الأمطار التي تثقل حركتها من جراء الوابل المتساقط على كاهلها فعمرها قد لايتعدى الأسبوع وإن زاد قليلاً ظهرت بمظهر مهترئٍ تتتبعُ الحصى الصغيرة فتحاتٍ في مقدمتها لتستقر فيها مسببة تشتتاً يصرفنا عن التركيز في اللعب..
لقد أوسبت تلك الذكريات الفرحة في داخلي وكان وقوفي قد تعدى الهنيهة بكثير مما جعل أولئك الأطفال يصبغون الإحتدام الشديد على لعبهم ظانين أني أتابعهم وما كنت أتابعهم بل كنت أتابع جسدي الصغير وهو يجري في ذلك الشارع الترابي الضيق برفقة محمد وأحمد وعلي وسعيد و......و....و.........و
(ممّا فاح من حديقة المانوليا)
التعديل الأخير تم بواسطة عصر المانوليا ; 01-11-2011 الساعة 12:20 PM.
|