بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الذي رزق الطير المحلق في لسماء بسم الله الذي خضع له كل شيئ بلا استثناء والحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الهادي المصطفى سيد الورى نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
هو رجل أربعيني ذو حال ميسور تعاركه الأيام ، وتعانده الحياة بقسوتها ، كلما أتاها يميناً أتته شمالاً .
كلما أرتقى سلم الحياة زحلقته أو ركلته بعيداً بجبروتها ، لكنه يأبى إلا أن يتغلب عليها في سبيل إسعاد أسرته وتوفير احتياجاتها .
أصبحنا وأصبح الملك لله .
هيا استيقظوا ياأبنائي هاقد أتى فجرٌ جديد ، عله يأتي إلينا بالخير في جنباته ويأتي إلينا بكل مفيد .
أدوا صلاة الفجر ياأبنائي .. ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا )
لنستعد لأعمالنا ومدارسنا .
خذوا ياأبنائي المصروف ولكن لا تنفقوه إلا على كل ماهو معروف .
فيكم تتجدد آمالي وبتفوقكم تتحقق كل أحلامي .
ويوصلهم إلى مدارسهم داعياً لهم بالتوفيق والنجاح ، ويذهب إلى عمله وهو يفكر ... هو اليوم المنتظر الذي يحسب له ألف حساب
يوم الرواتب
كم أنتظر هذا الراتب ولكن فرحتي مقتضبه ، فلكل جزءٌ منه حفرةٌ منتظره .
آه من دفاتر ذلك الدكان إنها تئن وتئن من الديون التي أثقلت كاهلي .. أستعين بالله عليها ..
فكلما فكرت فيها جافاني النوم وأعياني السهر .
السكر و الأرز أسعارها لاتطاق .
ماهذه الأسعار أصبحت نـــار ... نـــار .
انطلق مردداً لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
يصل إلى عمله ويؤدي ماعليه من أعمال ويرجع بعد ذلك إلى بيته وفي طريق العوده يتوقف ..!
لا إله إلا الله .
فرغ خزان الوقود ولابد من تعبئته ، حتى الوقود غلا ثمنه !
ثم يأخذ أبنائه من مدارسهم ليعودوا جميعاً إلى المنزل ، وبمجرد ركوبهم في السيارة يهتف أولاده واحداً بعد الآخر
أبي أريد ألواناً ..
وأنا أريد أقلاماً ..
وأنا حذائي أصبح مهترئاً ..
وأنا تمزقت حقيبتي ياأبي ..
ينظر إليهم ذلك الوالد قائلاً لهم :
بإذن الله الواحد الأحد ، أحقق لكم كل مطالبكم وأنفذ رغباتكم .
لكن رجائي من الله أن تفرحوني بنجاحكم ..
فذلك يبددُ تعبي وينسيني همي .
تمر تلك الساعات التي يرتاح فيها بعد عمله سريعة ، ثم يذهب إلى السوق ليشتري مطالب أبنائه وحاجياتهم ، حاملاً معه لائحةً بأشياء تنقص منزله .
كلما حل مشكلة صفعته أخرى .
وفي الطريق ينظر إلى حذائه ياالله هذا الحذاء أكل الزمان عليه وشرب ، لكني لن أستبدلك بل سأذهب بك إلى الإسكافيّ ليصلحك مرةً أخرى .
وفجأةً .. يلمح ذاك الدائن الذي يرقبه من بعيد وقد انتهت مهلة الدين وكل مايتمنى أن يتناسى دينه ولا يطالبه به ، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .
فما أن تلاقت أعينهما همّ ذلك الدائن بالسؤال عن الأحوال .
وذكره بما كان وأنتظر منه البرهان على صدق الكلام ، فقد كان بينهما اتفاق حتى يبقيا على وفاق .
فسدد دينه على مضض لأن وعد الحر دينٌ عليه .
انطلق عائداً إلى المنزل بعد أن قضى كل حاجاته ، وأنهى كل متطلباته .
وعند الباب عظُم المُصاب ، وجد مالم يكن في الحسبان !!
إنها الضربةُ القاصمه ( فاتورة الكهرباء ) آه من هذا العناء .
ليتك لم تأتِ هذا الشهر وأختفيتِ كل الدهر .
فيها ذلك المبلغ المهول الذي أذهله و أربك ميزانيته .
فقد تكالبت عليه أعباءُ حياته وضاقت الدنيا عليه بما رحبت ، لكنه لم يفقد أمله في الله سبحانه وتعالى ، فسوف يصبر والصبر مفتاح الفرج .
دخل منزله وألتف أبنائه من حوله يهتفون :
جاء أبي .. جاء أبي
وفي لحظة واحده زالت تلك النظرة القلقة وتبدلت بنظرةٍ ملؤها الفرح و الرضا لأنه استطاع تلبية رغباتهم .
ورأى تلك النظرة البراقة في أعينهم التي تزخر بالسعاده .
مر بحجر أبنائه بعد نومهم فرأى في أحدهم معلماً وفي الآخر طبيباً والثالث مهندساً والصغيره أماً فاضلةً أسوةً بأمها التي ساعدته وآزرته في أيامه ولياليه .
رأى فيهم أملاً يكبر ويكبر يعوضه عن تعبه وحرمانه .
آه تنهد تنهيدةً خرجت من صميم .. صميم قلبه محملةً بعبء يومٍ كامل ملؤه التعب و الإرهاق أثقلت كاهله المتفاني في تلبية حاجات أطفاله وبيته وقد شعر بالراحة لأن هذا اليوم انقضى على خير ورأى في نفسه الأب الكادح المكافح الذي يصارع الحياة ويصرعها ، مع مرارة الأيام وقسوتها ..
لكنه مع ذلك يأمل في غدٍ مشرق غدٍ أفضل لأبنائه ..
وبإذن الله غداً يومٌ أفضل .