شوية مزاج
قيل : سأل رجل حاتم الطائي .. فقال : يا حاتم : هل غلبك أحد في الكرم ؟!!
قال : نعم .. غلام يتيم من طيء نزلت بفنائه ، وكانت له عشرة رؤوس من الغنم فعمد إلى رأس منه فذبحه ، وأصلح من لحمه ، وقدم إلي ، وكان فيما قدم إلى الدماغ ، فتناولت منه فاستطبته .
فقلت : طيب والله . فخرج الغلام من بين يدي ، وجعل يذبح رأساً رأسا ، ويقدم إلى الدماغ وأنا لا أعلم ، فلما خرجت لأرحل نظرت حول بيته دماً عظيماً ، وإذا هو قد ذبح الغنم بأسره .
فقلت له : لم فعلت ذلك ؟
فقال : يا سبحان الله تستطيب شيئاً أملكه فأبخل عليك به . إن ذلك لسبة على العرب قبيحة .
قيل : يا حاتم فما الذي عوضته ؟
قال : ثلاثمائة ناقة حمراء ، وخمسمائة رأس من الغنم .
فقيل : إذاً أنت أكرم منه .
فقال : بل هو الأكرم ، لأنه جاد بكل ما يملكه وإنما أنا جدت بالقليل من كثير !
أحس الرواية فيها مبالغة ، لأن أهل أول عرفوا بالفطنة والذكاء ، فمو معقول إن حاتم أكل أدمغة كل الغنم وهو مو داري ..!بس بغض النظر عن صدق الرواية من عدمه ، أحس لو حاتم الطائي يجي بزمنا هذا كان أنتحر من البخل والشح إللي أنتشر بين البشر . لا وش ينتحر ؟ هو أساساً ما راح يلقى وقت عشان ينتحر ! هو بيموت موت الفجعه مو الفجأة 
الشح والتقتير و البخل سمة من سمات البشر بهالزمن و ياليت البخل أقتصر على البخل بالأموال لا هناك البخلاء بالعلم والمعرفة ، تلقى الواحد منهم مستحيل يعلم أحد أي معلومة ، ودايم عذره " لازم أنت تدور على المعلومة لأنك أما تتعب عليها ما راح تنساها " ، وفي البخلاء بالمشاعر وهذولي هم البخلاء التعساء ! إللي يبخلون بالتعبير عن مشاعرهم لدرجة تحسهم الموتى الأحياء ! جامدين محنطين عيشين كالمومياءات ! يعني عيشين ومش عيشين ! يبخلون بنظرة رضا ، يبخلون بابتسامة سعادة ومحبة ، يبخلون بكلمة حلوة ، قد ما اتنرفز منهم قد ما أرحمهم لأن حياتهم فاترة ومملة وقاسية .
الله ما أجمل الكرم .. والأخلاق الكريمة .