شعر هلال الفارع
غَصَّ الفـراتُ وأَبْكَـى دجلـةَ الألَـمُ == وَطَأْطَـأَ النّيـلُ يـا صَـدَّامُ والهَـرَمُ
وَراحَ يَغْـرَقُ فـي أَنَّاتِـهِ بَــرَدى == وَيُغْرِقُ الْغُوطَـةَ الخضـراءَ مِِنْـهُ دَمُ
وَنَـاحَ مَـأْرِبُ والأُرْدُنُّ وانْكَسَـرَتْ== في صمْتِها القدسُ واسْتَشْرَى بها الألـمُ
وجاءَ مـن عرفـاتِ اللهِ مـا فُجِعَـتْ ==منهُ الْحَجيجُ وما قاسـى لـه الْحَـرَمُ
حتى الأضاحِي بَكَتْ في يومِها كمـدًا ==لمـا تَشَهَّـدْتَ يـومَ الذَّبْـحِ بَيْنَهُمُ
" إلى جَهَنَّمَ " قالوا.. وَيْحَهُـمْ أَنَسَـوْا ==أَنَّ المَجُوسَ عَبِيـدُ النـارِ وَحْدَهُمُ
وليـسَ يَسْبِقُهُـمْ إِنْـسٌ إلـى سَقَـرٍإلا ==الْحكيـمُ وآلُ الـصَّـدْرِ كُلُّهُـمُـو
تَواطَـأَ السُّفَّـلُ الأشْـرارُ واجْتَمَعَـتْ ==دارُ الصَّليـبِ ودارُ الْعُـرْبِ والْعَجَـمُ
وفوَّضُوا مُقتـدى الصَّـدْرِيَّ أَمْرَهُمُ == وبِئْسَ الْمَسِيخُ، وبئسَ الرَّافِضُ الصَّنَـمُ
جـاءوكَ والفجـرُ مَشْغُـولٌ بِطَلْعَتِـهِ==والدِّيكُ يَنْضُجُ فـي صَيْحَاتِـهِ الْحُلُـمُ
وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُـمْ أنْ يجعلـوكَ علـى==سَوَاِدِهِـمْ قَمَـرًا تَشْقَـى بِـهِ الظُّلَـمُ
وَقَفْتَ رُمْحًـا رُدَيْنِيًّـا ومـا طَرَفَـتْ==جَفْنَـاكَ لمـا تَثَاغَـتْ حَوْلَـكَ الْغَنَـمُ
سُوْدُ الْبَراِقِعِ بَلْ سُـوْدُ الْوُجُـوهِ وفـي==عُرُوقِهِـمْ جَـرَتِ الْبَغْضَـاءُ وَالنِّقَـمُ
تَذَامَرُوا حَوْلَ ذاكَ الطَّـوْدِ وَاخْتَلَطَـتْ==عُجْمَاتُهُـمْ، لَكَـأَنَّ الْمُلْتَـقَـى بُـهُـمُ
جـاءوا وكِسـرى يُمَنّيهِـمْ أَسَـاوِرَهُ==وذا سُـرَاقَـةُ يُغْرِيـهِـمْ لِيَنْتَقِـمُـوا
صَعَـدْتَ لِلْقِمَّـةِ الْحَمْـراءِ فَارْتَعَـدَتْ==فَرَائِصُ الْقَـوْمِ وانْهَـارَتْ بِِهِـمْ قِمَـمُ
صعـدتَ للمجـدِ "يـا الله" مُحْتَسِبًـا==وَمَـا تَنَكَّـبَ خَطْـوٌ أوْ وَهَـتْ قَـدَمُ
أَبَيْتَ أنْ يَسْتُرُوا بِالْخَيْشِ وَجْهَكَ عَـنْ==وَجْهِ العراقِ الـذي بِالْحُُسْـنِ يَزْدَحِـمُ
ومـا تَبَـدَّى لَـنَـا إلا مَشَافِـرُهُـمْ==وَأَعْيُـنٌ بِلَهِيـبِ الْخَـوْنِ تَضْـطَـرِمُ
مُجَلَّلِيـنَ بِـخِـزْيٍ لا مَثِـيـلَ لَــهُ==إلا مَهابـةُ كِسـرى وَهْـيَ تَنْقَـصِـمُ
وَهَالَهُـمْ أَنْ رَأَوْا لَيْـثًـا يُسَـاوِرُهُـمْ==مُكَبَّـلاً زَأَرَتْ فـي عَزْمِـهِ الْهِـمَـمُ
يَكَـادُ مِــنْ ثِـقَـةٍ بِاللهِ نَاصِـعَـةٍ==يُدِيرُ حَبْـلَ الْمَنَايَـا عَنْـهُ نَحْوَهُمُ
فَغَـادَرُوا وَعْيَهُـمْ حَمْقَـى يُسَيِّرُهُـمْ==غِـلٌّ يُفَجِّـرُهُ فــي غَـدْرِهِـمْ وَرَمُ
غَالُوهُ في حِقْدِهِـمْ وَالْخَـوْفُ يَمْلَؤُهُـمْ==حَتَّـى تَشْهُّـدُهُ الْمَبْتُـورُ غَاظَهُـمُـو
مـا لِلدُّجَيْـلِ وَلِلأَنْـفََـالِ نِقْمَتُـهُـمْ==الْيَوْمَ "للفـاوِ" يـا صـدَّامُ قـد نَقَمُـوا
يـا أَهْـلَ فـارسَ والدُّنْيَـا مُداوَلَـةٌ==يـومٌ بِيـومٍ وَخَـابَ الْبَـادِئُ الأَثِـمُ
لنـا غَـدٌ، ولنـا مِـنْ بَعْـدِهِ زََمَـنٌ==يُشْفِيهِِ سَيْـفٌ وَسَيْـلٌ جَـارِفٌ عَـرِمُ
إِنّا لَنَرْسَخُ في الْهَيْجَـا، ونحـنُ لَهَـا==و"القادسيـةُ" فـي الأذهـانِ تَحْـتَـدِمُُ
لَـنْ نَسْتَجِيـرَ بِكافـورٍ فليـسَ لَـهُ==في الْمَجْدِ باعٌ، ولا في الْمُنتـدى قَلَـمُ
يا مِصْرُ أينَ بَنُـوكِ الواقفـونَ علـى==ثُغُورِنَـا، وَبِهِـمْ دَانَـتْ لَنَـا الأُمَـمُ؟
يا مصرُ لا تهدئِـي فالنَّـارُ ماضِيَـةٌ==في الثَّوْبِ، والْمَوْجَةُ الْخَرْقـاءُ تَلْتَطِـمُ
وأنـتِ لِلْعِـزَّةِ الْقَعْـسَـاءِ سَـارِيَـةٌ==وللـفِـدَاءِ نَشِـيـدٌ ثـائِـرٌ وَفَـــمُ
يا مصرُ إنَّ بـأرضِ الرَّافِدَيْـنِ دَمًـا==حُرًا يَمُـورُ وَعِرْضًـا بـاتَ يُقْتَحَـمُ
يا مصرُ مَنْ يَنْصُرُ المنصورَ إنْ خَذَلَتْ==راياتِـهِ زُمْـرَةٌ بالْفُـرْسِ تَعْتَصِـمُ؟
ومَنْ يُنَافِـحُ عـن بغـدادَ إنْ عَبَثَـتْ==أيدي الطُّغَاةِ بِهـا، واستَأْسَـدَ الْخَـدَمُ؟
يا أيُّها الْعَرَبُ الأَقْحَـاحُ هـل وُئِـدَتْ==عُرُوبَـةُ الأمـسِ، أمْ أَبْلاكُـمُ الْقِـدَمُ؟
هذا العراقُ الذي بالأمسِ عـاشَ لَكُـمْ==أمامَ كِسرى، يَمُـوتُ اليـومَ بَيْنَكُمُ
هذا العراقُ الذي أَرْسَـى لَكُـمْ شرفًـا==ولم يَفُتْهُ لَكُـمْ فـي الْعُمْـرِ مُصْطَـدَمُ
هذا العراقُ.. وَلَكِـنْ كيـفَ أُسْمِعُكُـمْ==إنْ كانَ يا سادَتِـي أَشْقَاكُـمْ الصَّمَـمُ؟
سَتَنْدَمُـونَ وَلَـكِـنْ يَوْمَـهَـا أَبَــدًا==لـنْ يَنْفَـعَ الأُمَّـةَ الْمَدْحُـورَةَ النَّـدَمُ
ولنْ تَقُـومَ لَكُـمْ فـي الأرضِ قائِمَـةٌ==ولـنْ يُرَفْـرِفَ فـي آفاقِكُـمْ عَـلَـمُ
ناموا.. فقد وَلَغَ الْحُكَّـامُ فـي دَمِكُـمْ==فليـسَ يُوقِظُكُـمْ وَخْـزٌ ولا ذِمَـمُ!!
.