[الغريق]

الصفحة الرئيسة
كتاب ومقالات
قلم جديد
الفول والتميس.. هما السبب
هاشم عبدالله النمر
بالأمس لفت انتباهي احد الاخوة المقيمين مخاطبا زميله «اشتر بريال فول وبريال تميس للعشاء».. مما ذكرني بموقف طريف حصل معي قبل سبع سنوات، حيث كنت في دوره لإدارة المخاطر كان يلقيها مدرب تركي يعمل مستشارا للمدير التنفيذي لإحدى كبرى الشركات المحلية في جدة.
وفي نهاية الدورة تقدمت إلى المدرب التركي مصافحا وأخبرته أنني استفدت كثيرا من هذه الدورة ومن ثم اخبرني ان هذه الدورة هي الاخيرة التي سوف يلقيها في السعودية حيث ينوي العودة إلى تركيا والاستقرار، حينها بادرته وعلى وجهي علامات الاستغراب.. لماذا تنوي العودة إلى بلدك حيث ان وضعك المادي ممتاز جدا، هذا غير المزايا الاخرى كالسكن الفاخر والسيارة وغيرها.. حينها اخبرني أنه اتى إلى هذا البلد قبل حوالى العشرين عاما وانه قد اخذ كفايته وزيادة فقد استطاع ان يبني فيلا فخمة جدا في بلده ويشيد مصنعا كبيرا واستطاع ان يدفع رسوم دراسة ابنائه وبناته للدراسة في امريكا، ومن ثم اخبرني بأنه يجب ان يعود إلى تركيا خلال الايام القادمة لأنه ينوي إنشاء معهد اكاديمي لإصدار شهادات الدبلوم ومختلف الدورات التعليمية.. في هذه الاثناء بادرته بسؤال آخر: كيف استطعت ان تقوم بجمع هذا المبلغ وتحقيق جميع اهدافك التي اتيت من اجلها بينما هناك سعوديون بنفس دخلك المادي ولم يستطيعوا تملك منزل.. فأخبرني: الفول والتميس هما السبب.. فتبسمت مستهزئا ماذا تقصد.. فقال: هذا البلد مكان مناسب لادخار المال، فبإمكانك ان تعيش بمبلغ 10 ريالات في اليوم.. حينها اخبرته بأنك تبالغ، فقال: تعال نحسبها سويا.. الفطور ريالان، ريال تميس وريال للفول، والغدا 6 ريالات، ساندوتش لحم مفروم وساندوتش كبدة وعصير، والعشاء ريالان، ريال فول وريال تميس.. وقال في بعض الايام اكون مفرطا بعض الشيء فقد ادفع 10 ريالات لبروست.. حينها استطرد قائلا هل تعلم ان اغلبية غير النظاميين في هذا البلد يعيش على هذا المبلغ؟
فالسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يقدر السعوديون على ادخار المال لتحقيق اهدافهم حيث ان البيئة التي نعيش بها ولله الحمد مناسبة جدا لتحقيق الاهداف خصوصا في ظل توفير الحكومة للعديد من البرامج المساعدة للمواطن لتحقيق اهدافه من الدعم المادي للمشاريع الصغيرة وتملك المساكن وغيرها.. فهل اهداف المواطن السعودي تختلف عن اهداف المغترب الذي قد لا يجد المزايا المحفزة التي يجدها السعودي لتحقيق أهدافه؟ اخيرا ليس العتب على الفول والتميس لكن العتب على العشوائية في التخطيط للمستقبل.