07-30-2013, 09:05 AM
|
#2
|
|
رد: [ ليلـة القـدر خيـرٌ مـن ألـف شهـر ]~
تحديد ليلة القدر
قال جمهور العلماء: هي في العشر الأواخر من رمضان، واختلفوا في أي ليالي العشر أرجى على أقوال كثيرة أشهرها:
1- أنها ليلة إحدى وعشرون, وإليه ذهب الشافعي رحمه الله.
2- أنها ليلة ثلاث وعشرون, وهو قول كثير من الصحابة والتابعين.
3- أنها ليلة خمس وعشرون.
4- أنها ليلة سبع وعشرون.
5- أنها ليلة تسع وعشرون.
6- أنها آخر ليلة من رمضان.
7- أنها تنتقل في ليالي العشر الأواخر, وهو قول أبي قلابة وغيره.
القول الأسلم
وأسلم الأقوال هو القول الأخير، وهو أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان؛ وأنها تنتقل في ليالي العشر، فمن قام ليالي العشر كلها, وأحياها بالعبادة أصاب ليلة القدر يقينًا.
قال ابن كثير: (وروى عن أبي قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر. وهذا نص عليه مالك والثوري وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وأبو ثور، والمزني، وأبو بكر بن خزيمة وغيرهم، وهو محكي عن الشافعي، نقله القاضي عنه, وهو الأشبه. والله أعلم».
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: (أرجح الأقوال أنها في الوتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل).
ونظرًا لاختلاف المطالع والبلدان في تحديد بداية الصوم، فإنها تطلب في الأشفاع من العشر الأواخر كما تطلب في الأوتار، لأن الليلة قد تكون وترًا في بلد، وتكون شفعًا في بلد آخر.
وكذلك الوتر له اعتباران: اعتبار بما مضى، واعتبار بما بقي، فإذا كان الشهر تامًا, فالأوتار باعتبار ما بقي هي ليالي الشفع.
وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: (ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي )، وتكون في الوتر منها.
لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.
ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، ولخامسة تبقى، لثالثة تبقى».
فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين، يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح.. وإن كان الشهر تسعًا وعشرين كان التاريخ بالباقي كالتاريخ بالماضي.
وإذا كان الأمر هكذا، فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه).
بل هو خير لكم
روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: «خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة».
قال ابن كثير: «فتلاحى فلان وفلان فرفعت» فيه استئناس لما يقال: إن المماراة تقطع الفائدة, والعلم النافع كما جاء في الحديث: «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» (رواه أحمد, وحسنه العراقي).
وقوله: «فرفعت» أي: رفع علم تعيينها لكم، لا أنها رفعت بالكلية من الوجود، لأنه قد قال بعد هذا: «فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة».
وقوله: «وعسى أن يكون خيرًا لكم» يعني: عدم تعيينها لكم، فإنها إذا كانت مبهمة، اجتهد طلابها في ابتغائها في جميع محال رجائها، فكان أكثر للعبادة، بخلاف ما إذا علموا عينها، فإنها كانت الهمم تتقاصر على قيامها فقط، وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها، ويكون الاجتهاد في العشر الأخير أكثر.
وقال ابن الجوزي: (والحكمة في إخفائها: أن يتحقق اجتهاد الطالب، كما أخفيت ساعة الليل، وساعة الجمعة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره، كان يسهر ليله، ويحمل كله، فيشد مئزره, ويقوم الليل كله).
كيفية أحيائها
قال ابن رجب: (وأما العمل في ليلة القدر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)
وقيامها: إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة.
وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضًا..
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها. والله أعلم.
وقد قال الشعبي في ليلة القدر: ليلها كنهارها.
وقال الشافعي في القديم: (استحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها، وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره. والله أعلم).
وقال ابن الجوزي: (وقد كان السلف يتأهبون لها؛ فكان لتميم الداري حلة بألف درهم يلبسها في الليلة التي يرجى أنها ليلة القدر, وكان ثابت وحميد يغتسلان, ويتطيبان, ويلبسان أحسن ثيابهما، ويطيبان مساجدها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.
وخير الهدي هدي محمد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان تحريًا لليلة القدر.
وقالت عائشة: كان رسول الله ( إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر) (متفق عليه).
وشد المئزر: كناية عن اعتزاله النساء, واجتهاده في العبادة.
وقالت رضي الله عنها: كان رسول الله ( يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره) (رواه مسلم).
إخواني, والله, ما يغلو في طلبها عشر، لا والله, ولا شهر، لا والله, ولا دهر، فاجتهدوا في الطلب، فرب مجتهد أصاب.
قال صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم» (رواه ابن ماجه, وحسنه المنذري).
الدعاء في ليلة القدر
قال ابن كثير: (والمستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات، وفي شهر رمضان أكثر، وفي العشر الأخيرة منه، ثم في أوتاره أكثر، والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»).
لما رواه الإمام أحمد أن عائشة قالت: يا رسول الله, إن وافقت ليلة القدر فبم أدعو؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني» (رواه أحمد وأهل السنن, وقال الترمذي: حسن صحيح).
|
|
|