تلخيص : [ كتاب الصيام ] ..
من الشرح الممتع على زاد المستقنع ..
للشيخ العلّامة :
محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
معاذ بن سامي آل عبدالقادر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد ..
فهذا تلخيص لـ [ كتاب الصيام ] .. من الشرح الممتع على زاد المستقنع ،
لشيخنا العلّامة : محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ،
[ كتاب الصيام ] ..
[ ١ ] الصيام في الشرع :
هو التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب ، وسائر المفطرات ،
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس .
[ ٢ ] وحكمه : الوجوب بالنص والإجماع .
[ ٣ ] ويجب الصوم بأحد أمرين : الأول :
رؤية هلال رمضان ، ولا يجب الصوم بمقتضى الحساب ، فلو قرر علماء الحساب المتابعون لمنازل القمر أن الليلة من رمضان ،
ولكن لم يُرَ الهلال ، فإنه لا يصام ؛ لأن الشرع علق هذا الحكم بأمر محسوس وهو الرؤية .
والرؤية تعم ما إذا رأيناه بالعين المجردة أو بالوسائل المقربة ؛
لأن الكل رؤية .
والثاني : إتمام شعبان ثلاثين يومًا ؛ لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن يزيد عن ثلاثين يومًا ،
ولا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يومًا .
[ ٤ ] وإن حال دون رؤية الهلال غيم ( سحاب ) أو قتر ( تراب ) وغيرهما مما يمنع رؤيته
، حرم صومه ؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
" الشهر تسع وعشرون ليلة ، فلا تصوموا حتى تروه ، فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "
. (١) ولكن إذا رأى الإمام وجوب صوم هذا اليومف ، وأمر الناس بصومه ،
فإنه لا يُنابذ ، ويحصل عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فطره ، وإنما يفطر سرًا ،
وهذه المسألة لم يثبت فيها دخول الشهر ، أما لو حكم ولي الأمر بدخول الشهر فالصوم واجب .
[ ٥ ] وإذا رأى الهلال أهل بلد لزمهم صومه ، فلا يجب إلا على من رآه ،
أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال ، فإن لم تتفق فلا يجب الصوم ؛
لقوله تعالى : ** فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }
، والذين لا يوافقون من شاهده في المطالع لا يقال أنهم شاهدوه لا حقيقة ولا حكمًا .
وكما أنه يختلف المسلمون في الإفطار والإمساك اليومي ،
فيجب أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري ، وهذا قياس جلي .
[ ٦ ] ويصام برؤية عدل ، فبذلك يثبت الشهر ؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما :
" تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه "
. (٢) والصيام بشهادة واحد مقتضى القياس ؛
لأن الناس يفطرون بأذان الواحد ويمسكون بأذان الواحد .
والذي يُقبل من الشهادة ما يترجح أنه حق وصدق ، ويُشترط مع العدالة أن يكون قوي البصر بحيث يحتمل صدقه فيما ادعاه ،
فإن كان ضعيف البصر لم تقبل شهادته
وإن كان عدلًا . وهلال شوال وغيره من الشهور لا يثبت إلا بشاهدين ؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا " . (٣)
[ ٧ ] وإن صام الناس بشهادة واحد ثلاثين يومًا لزمهم الفطر ؛
لأن الفطر تابع للصوم ومبني عليه
، والصوم ثبت بدليل شرعي وقد صاموا ثلاثين يومًا ، ولا يمكن أن يزيد الشهر على ثلاثين يومًا .
[ ٨ ] ومن صام برؤية بلد ، ثم سافر لبلد آخر قد صاموا بعدهم بيوم ،
وأتم هو ثلاثين يومًا ولم ير الهلال في تلك البلد التي سافر إليها ، يصوم معهم ولو صام واحدًا وثلاثين يومًا
، وربما يقاس ذلك على ما لو سافر إلى بلد يتأخر غروب الشمس فيه ،
فإنه يفطر حسب غروب الشمس في تلك البلد التي سافر إليها .
[ ٩ ] وشروط من يلزمه الصوم خمسة :
الشرط الأول : الإسلام ، فالكافر لا يلزمه الصوم حال كفره ، ولا يُلزم بقضائه بعد إسلامه ،
ويُعاقب على تركه في الآخرة ، وعلى ترك جميع واجبات الدين . والشرط الثاني : التكليف ،
والمراد به : البلوغ والعقل . والشرط الثالث : القدرة على الصيام
، والعاجز ينقسم إلى قسمين :
١- عجز طارئ ، وهو الذي يُرجى زوال عجزه ، وهو المذكور
في قوله تعالى : ** وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ،
فينتظر حتى يزول عجزه ثم يقضي .
٢- عجز دائم ، وهو الذي لا يُرجى زواله ،
فيجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكينًا سواء أطعمهم أو ملَّكلهم .
ويُطعم كل ما يُسمى طعامًا من تمر أو بر أو رز أو غيره .
وأما مقداره فيرجع فيه إلى العرف ، وما يحصل به الإطعام ،
فإذا غدّى المساكين أو عشّاهم كفاه ذلك عن الفدية .
وعدد المساكين على عدد الأيام ،
فلا يجزئ أن يعطي المسكين الواحد من الطعام أكثر من فدية يوم واحد .
أما عن وقت الإطعام فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه ،
وإن شاء أخّر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه . ولا يُجزئ تقديم الإطعام .
وإن أعسر المريض الذي لا يُرجى برؤه أو الكبير ، فإنها تسقط عنهما الكفارة ؛
لأنه لا واجب مع العجز . والشرط الرابع : الإقامة ، فإن كان مسافرًا فلا يجب عليه الصوم ؛
لقوله تعالى : ** وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }
، وقد أجمع العلماء أنه يجوز للمسافر الفطر
. والأفضل للمسافر والمريض أن يفعلا الأيسر ،
فإن كان في الصوم ضرر كان الصوم حرامًا
لقوله تعالى : ** وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } ،
وإن كان الفطر والصيام سواء فالصيام أولى ؛ لفعله عليه الصلاة والسلام
، وإذا كان يشق عليه الصيام فالفطر أولى ؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن صام يوم شق على الناس الصيام في السفر : " أولئك العصاة أولئك العصاة "
. (٤) والشرط الخامس : الخلو من الموانع ، وهذا خاص بالنساء ، فالحائض والنفساء لا يلزمهما الصوم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم مُقررًا لذلك :
" أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تصم " .
(٥) فلا يلزمهما الصوم إجماعًا ولا يصح منهما إجماعًا ، ويلزمهما قضاؤه إجماعًا .
[ ١٠ ] ومن قام به سبب الوجوب أثناء نهار رمضان كأن يسلم الكافر أو يبلغ الصغير أو يفيق المجنون ، فإنه يلزمهم الإمساك دون القضاء ؛
لأنهم لا يلزمهم الإمساك في أول النهار لعدم شرط التكليف وقد أتوا بما أُمروا به حين أمسكوا عند وجود شرط التكليف ، ومن أتى بما أُمر به لم يُكلف بالإعادة .
أما إذا زال مانع الوجوب في أثناء النهار ، كالحائض والنفساء إذا طهرتا ،
والمسافر إذا قدم مفطرًا والمريض إذا برئ ،
فلا شك في وجوب القضاء ؛ لأنهم أفطروا في رمضان فلزمهم قضاء ما أفطروا .
ولا يلزمهم الإمساك
؛ لما روي عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
" من أكل أول النهار فليأكل آخره " . (٦)
والقاعدة :
أن من أفطر في رمضان لعذر يبيح الفطر ، ثم زال ذلك العذر أثناء النهار
لم يلزمه الإمساك بقية اليوم .
منقول