عرض مشاركة واحدة
قديم 07-05-2017, 04:33 AM   #4
عبق الورد
 
الصورة الرمزية عبق الورد
افتراضي رد: حول حقيقة الالتزام...شكلاً مضموناً


أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه ، أنَّ رجلاً اسمه عبد الله وكان يلقب حماراً وكان يُضحِك الرسول ـ صلى الله عليه وسلم
ـ وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد جلده في الشراب ؛ فأُتِيَ به يوماً فجلد ،
فقال رجل من القوم : اللهم العنه ! ما أكثر ما يؤتى به !

فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : لا تلعنوه ! فو الله ما علمت إلاَّ أنه يحب الله ورسوله). ـ
أخرجه البخاري من حديث عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ برقم6398) ـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ معلقاً على هذا "..
.فنهى عن لعنه مع إصراره على الشرب ؛ لكونه يحب الله ورسوله ، مع أنَّه ـ صلى الله عليه وسلم
ـ لعن في الخمر عشرة : " لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وآكل ثمنها "
ولكن لعن المطلق لا يستلزم لعن المعيَّن ، الذي قام به ما يمنع لحوق اللعنة به ،
وكذلك التكفير المطلق والوعيد المطلق .
ولهذا كان الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروطاً بثبوت شروط ، وانتفاء موانع )
الفتاوى : (10/329_330).

كم من إنسان حين تراه تقول :
الخير يقطر من لسانه وجانبيه ؛ فإذا عاشرته وعاملته عرفت أنَّه ليس كما رأيت ـ وللأسف ـ !

وصدق رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ حين قال عن زمن تختلف فيه مقاييس الناس في المدح والذم :
"حتَّى يقال للرجل : ما أجلده ! ما أظرفه ! ما أعقله !
وما في قلبه مثقال حبَّة من خردل من إيمان)
أخرجه البخاري برقم 7086 )، ومسلم برقم 143).


لقد كان علماؤنا ـ رحمهم الله ـ لا تخدعهم المظاهر كثيراً ؛
فقد تكون المظاهر مع رونقها خواءً ،
وقد قيل : لا يخدعنّك منظر الروضة الغنَّاء إذا كان بعدها جهنم الحمراء !

ولقد كانوا يعرفون أنَّ الانطباع الأول غالباً لا يكون صحيحاً، والصواب هو عدم الاستعجال في الحكم على الأشخاص
، أو الإعجاب بهم لمجرد نظرة عابرة ، وقد خاطب الله ـ عزَّ وجلَّ ـ رسوله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ بقوله :

(فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) [التوبة:55].
بل حذَّر الله ـ عزَّ وجل ـ رسوله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ من الانبهار حين يرى المنافقين قائلاً له:
(وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم)
فحذَّره ـ سبحانه وتعالى ـ من الإعجاب بهؤلاء المنافقين وبأجسامهم وحلو كلامهم ومنطقهم .







عبق الورد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس