إنَّ من المهم أن تكون لنا نظرة متَّزنة في الحكم على الأشخاص ،
والإعجاب بهم حين الرؤية الأولى المباشرة
بل لا بدَّ من عَرْكِ هؤلاء بالمعاملة ، لتكوَّن الرؤية الصحيحة المنبعثة عن المعاشرة والمعاملة والمخالقة.
إنَّ من أعظم السلبيات ـ للأسف ـ التي نراها ظاهرة للعيان في بعض المجتمعات الملتزمة
اهتمامَ كثير منهم بإصلاح الظاهر ،
وخصوصاً لمن يدخل للتو في سلك الالتزام، وينتظم في سلك الصالحين ،
مع أنَّ هذا الرجل بحاجة ماسَّة إلى إصلاح الباطن أولاً ، مع أهميَّة إصلاح الظاهر ولا شك ؛
ولكنَّ المنهج التربوي الصحيح يقضي بأهميَّة القيام بإصلاح القلب والباطن .
ومن المؤكَّد حتماً أنَّه في حال إصلاح القلب سينعكس ذلك إيجابياً على ظاهر الشخص ؛
فيتأكَّد إذاً أهميَّة الاهتمام بالجوهر قبل المظهر . ومن المهم أن نعلم أنَّ المعاصي الباطنة أشد وأكبر ضرراً من المعاصي الظاهرة ؛
فمعاصي القلوب قد تكون أشدَّ ضرراً من معاصي الجوارح ، مع أن القرآن دعا لإصلاحهما معاً ، وترك ظاهر الإثم وباطنه ؛
حيث قال {وذروا ظاهر الإثم وباطنه)
قال ابن الأنباري ـ رحمه الله ـ :
المعنى : ذروا الإثم من جميع جهاته.وقال ابن كثير عند تفسيره لقوله ـ تعالى ـ وذروا ظاهر الإثم وباطنه )
عن مجاهد قال : معصيته في السر والعلانية، وفي رواية عنه قال : هو ما ينوي مما هو عامل .
وقال قتادة (وذروا ظاهر الإثم وباطنه ) أي : قليله وكثيره، سره وعلانيته).
فكم من إنسان ملتحٍ ليس له من خدمة الإسلام نصيب !
وكم من إنسان يظهر بأنَّه غير ملتزم إلاَّ أنَّ له دوراً كبيراً في خدمة دين الله ونصرته ، ورفع رايته ،
فاللهم اجعلنا من الملتزمين بدينهم ظاهراً وباطناً ، واستعملنا في طاعتك ، ولا تردَّنا خائبين ، ولا عن بابك محرومين .....
آمين !
بقلم :: خبَّاب بن مروان الحمد
صيد الفوائد
[1] أخرجه الخطيب البغدادي في الكفاية ، وقال ابن كثير : رواه البغوي بإسناد حسن ،
وذكر ابن حجر أنَّ هذا الأثر صحَّحه أبو علي بن السكن ، بينما ضعَّف الأثر العقيلي في الضعفاء ،
وقد خرَّج الشيخ الألباني طريقاً لهذا الأثر في إرواء الغليل(8/260) ومال إلى تصحيحه.