10-08-2017, 05:16 PM
|
#2
|
|
|
رد: برنارد لويس .. زارع الألغام للمسلمين
صاحب الوجهين
يصف البعض برنارد لويس بأنه يشبه الإله الروماني «جانوس» صاحب الوجهين، وجه إنسان ووجه إله، فلويس يقدم ذاته تارة على أنه الباحث الأكاديمي، وأخرى بوصفه السياسي، والمنظر الثيولوجي، وفي هذا الجانب الثاني الخطر الأعظم، لا سيما تجاه الإسلام والمسلمين، فقد أكد دائماً في كتاباته العداء الإسلامي الحتمي وبالضرورة للمسيحية، بل رفضه لغيره من الأديان والثقافات الأخرى، وذهب إلى أن المسلمين يعادون السامية بدليل موقفهم الرافض لدولة إسرائيل، وفي نهاية كتبه يحرص عادةً على ترويج المنظومات ذات مسحة الإسلاموفوبيا التقليدية، من عينة أن المسلمين لا يحسنون استيعاب ما اقتبسوه من الغرب، ولذلك باءت مساعيهم للحاق بركب المدنية الحديثة، مدنية الغرب، بالفشل الذريع، فراحوا يبحثون عن «كبش فداء»، هنا وهناك، لتبرير تخلفهم، وعجزهم وقصورهم، ويصبون جامّ غضبهم على الغرب، دون أن يدركوا ما وقعوا فيه من أخطاء، هي عنده تتمثل في رفض الحضارة الغربية والعداء للسامية، وينتهي إلى نتيجة واحدة «فالمسلمون قوم أوغاد بطبعهم، يكرهون الآخر، ويرون ذبح الغرب واليهود انتقاماً لعجزهم وتخلفهم».
تدعونا رؤية لويس السابقة إلى التساؤل: هل يستحق هذا الرجل المهرجانات التي تقام في ذكرى مئويته، ولا يزال حياً؟
الأمر المؤكد هي أنها تنافي وتجافي أي موضوعية تاريخية، فالرجل لا يناقش استحقاقات الاستعمار الغربي ودوره في تخلف شعوب المنطقة، وينسى أو يتناسى الرؤى الاستشراقية المغلوطة من زمن «مونتكروتشي»، وصولًا إليه، أما حديثه عن العداء للسامية، فيبطله الحضور اليهودي في العالم العربي قبل قيام دولة إسرائيل، فقد عاش اليهود في الشرق الأوسط من طنجة إلى القاهرة وصولاً إلى دمشق وبغداد وبقية بلاد الشام، أياماً يترحمون عليها، ولعل أفضل من تصدى لمقولات لويس المنحولة، كان الكاتب المصري الأصل، الفرنسي الجنسية آلان جريش، في مقال شهير له بمجلة «اللوموند ديبلوماتيك» الفرنسية ذائعة الصيت تحت عنوان «برنارد لويس وجينة الإسلام»، وفيه ينقد وينقض الرؤية العنصرية عند لويس للمسلمين، وفي نهاية مقاله يتهكم ساخراً بالقول: «لا بد أن عالماً أمريكياً سيكتشف قريباً (جيناً) للإسلام، ذاك الذي يفسر لنا لماذا المسلمون مختلفون عن باقي البشرية المتحضرة»، ويُرجع جريش العبارة السابقة إلى البروفيسور إدوارد سعيد، المسيحي العربي الفلسطيني الذي تصدى طويلاً لأكاذيب لويس حين أشار إلى أن: «جوهر أيديولوجية لويس في ما يخص الإسلام هو أنه لن يتغير، وأن أي مقاربة سياسية تاريخية أو جامعية للمسلمين عليها أن تبدأ وتنتهي من كون المسلمين هم مسلمين».
الحديث عن لويس في حاجة إلى مؤلفات قائمة بذاتها، لا سيما موقفه من «القدس» حيث إن كتاباته تعمل على إقناع القارئ الغربي بأن الوجود الإسلامي في القدس وجود غير مشروع، فيه افتئات على المسيحيين واليهود، وأنهم مغتصبون لموقع المسجد الأقصى، واهتمامهم بالقدس اهتمام طارئ، ومن ثم يصبح تمسك الفلسطينيين بالقدس مجرد نكتة، وتعدٍّ على حق اليهود «التاريخي» في المدينة.
في مئويته يبقى برنارد لويس «زارعاً للألغام»، وفي مئويته نحتاج إلى فصيل فكري عربي مخصص ومكرس لدحض افتراءاته بموضوعية وعلمية من دون تعصب أو كراهية.
|
|
|