مواعظ القرآن
صدقة الحياة !
قال الله تعالى : ( ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
[سورة البقرة الآية:261]
من عجيب آيات الإنفاق في سورة البقرة أنها جاءت بين سياقين .
الأول : سياق الإحياء بعد الموت . في قصة الذي مرّ على قرية وهي خاوية ، وقصة إبراهيم عليه السلام حين
قال ( رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى ) .
الثاني : سياق إباحة البيع وتحريم الرّبا ( وَأَحَلّ اللهُ البَيْعَ وَحَرّمَ الرّبَا ) .
وبين هذين السياقين حشد القرآن آيات الإنفاق والترغيب فيه والترهيب من الشحّ أو البخل
أو ترك الإنفاق خشية الفقر . وهذا يعطي دلالات مهمة .
1- الصدقة حياة .
[ الإنفاق ] صورة من صور [ الإحياء ] : إحياء للضمير والإنسانية والحب والعفّة والكرامة بين الخلق.
وحين يكون الشحّ : ينكسر الضمير ، وتموت الإنسانية بين النّاس .فتفسد الأرض بالإفساد فيها ، إذ يكون الشحّ سبباً للغش والمخادعة والسرقة
والاختلاس وأكل أموال الناس بالباطل والتعدّي على الحقوق ..
2- المال يزيد وينقص ، والبركة تزيد ولا تنقص .
فالمال يزيد بحركة ( البيع ) وتباركه ( الصدقة ) ويمحقه ( الرّبا ).
وقدّم ذكر ( الإنفاق ) و ( الصدقة ) على البيع تقديم اهتمام وتشريف ، وتنبيه إلى أن ( البركة ) في المال أهمّ من زيادته في العدد .
3- إبداع القرآن في تصوير قيمة [ الإنفاق ] بالصورة المحسوسة .
فهذه الأرض-وهي مخلوق- تخبّئ فيها[ حبّة ] فتعطيك [ ألف ] حبّة.
فكيف الشأن بالخالق سبحانه،وقد قال ووعد : (وَمَا أَنفَقْتُم مِن شَيءٍ فَهوَ يُخْلِفُهُ وَهُو خَيْرُ الرَّازِقِين) .[ سبأ : 39 ] .
وقال : ( إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) [ التغابن : 17 ] .
•