فينبغي أن تعتبر شكر النعمة وكفرها بهذا المثال في غيره من جميع أمورك، في حركتك، وسكونك، ونطقك،
وسكوتك في كل فصل صادر منك، إما شكراً أو عكسه،
وهو الكفر وبعض ذلك تصفه بالكراهة، وبعضه بالحظر.
ومن ذلك أن الله تعالى خلق لك يدين، جعل إحداهما أقوى من الأخرى
، فاستحقت بمزيد القوة رجحاناً وشرفاً على الأخرى،
وقد أحوجك من أعطاك اليدين إلى أعمال، بعضها شريفة
، كأخذ المصحف،
وبعضها خسيسة، كإزالة النجاسة،
فإذا أخذت المصحف باليسار، وأزلت النجاسة باليمين، فقد عكست المقصود
، وخصصت الشريف بما هو خسيس، فظلمته، وكذلك في الرجلين، إذا ابتدأت باليسرى في لبس الخف،
فقد ظلمت اليمنى، لأن الخف وقاية الرجل، وقس على ذلك.
وكذلك نقول: من كسر غصناً من شجرة لغير حاجة مهمة وغرض صحيح، فقد خالف الحكمة في خلق الأشجار
، لأنها خلقت للمنفعة بها، فإن كان كسره لغرض صحيح،
فلا بأس، وإن فعل ذلك في ملك غيره، فهو ظالم،
وإن كان محتاجاً، إلا أن يأذن صاحبه.