الموضوع: الشكر وفضله
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2018, 05:53 PM   #6
عبق الورد
 
الصورة الرمزية عبق الورد
افتراضي رد: الشكر وفضله







نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة.فصل في بيان كثرة نعم الله وتسلسلها وخروجها عن الحصر والإحصاء:

اعلم أن النعم تنقسم إلى ما هو غاية مطلوبة لذاتها، وإلى ما هو مطلوب لأجل الغاية.
أما الغاية فهي سعادة الآخرة، ويرجع حاصلها إلى أربعة أمور: بقاء لا فناء له، وسرور لا غم فيه،

وعلم لا جهل معه، وغنى لا فقر بعده، وهى السعادة الحقيقية.


وأما القسم الثاني: فهو الوسائل إلى السعادة المذكورة، وهى أربعة أقسام:


أعلاها: فضائل النفس، كالإيمان وحسن الخلق.
الثاني: فضائل البدن، من القوة والصحة ونحوهما.
الثالث: النعم المطيفة للبدن، من المال والجاه والأهل.
الرابع: الأسباب التي جمع بينها وبين ما يناسب الفضائل، من الهداية والإرشاد، والتسديد، والتأييد، وكل هذه نعم عظيمة.





فإن قيل: ما وجه الحاجة لطريق الآخرة إلى النعم الخارجة في المال والجاه ونحوهما؟
قلنا: هذه الأشياء جارية مجرى الجناح المباح، والآلة المستعملة للمقصود.
أما المال، فإن طالب العلم إذا لم تكن معه كفاية، كان كساع إلى الهيجاء بغير سلاح،

ولأنه يبقى مستغرق الأوقات في طلب القوت، فيشغله عن تحصيل العلم، وعن الذكر، والفكر، ونحو ذلك.
وأما الجاه فيه يدفع عن نفسه الذل والضيم، ولا ينفك عن عدو يؤذيه، وظالم يهوش عليه، فيشغل قلبه،
وقلبه رأس ماله، وإنما تدفع هذه الشواغل بالعز والجاه.
وأما الصحة والقوة وطول العمر ونحوها، فهي نعم، إذ لا يتم علم ولا عمل إلا بذلك.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثر من الناس: الصحة، والفراغ».
ولما سئل: من خير الناس؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله».


وأمال المال والجاه، وإن كانا نعمتين، فقد ذكرنا ما فيهما من الآفات فيما تقدم،
وأنهما ليسا بمذمومين على الإطلاق.


وأما الهداية والرشد والتسديد والتأييد، فلا خفاء في كونهما من أعظم النعم،

فلا يستغني أحد عن الحاجة إلى التوفيق، ولذلك قيل:


إذا لم يكن عون الله للفتى ** فأكثر ما يجنى عليه اجتهاده






عبق الورد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس