الموضوع
:
🔶🔶قصه تيه بني اسرائيل والدروس المستفاده
عرض مشاركة واحدة
03-07-2023, 03:50 PM
#
1
الرهيب
الاوسمة
مجموع الاوسمة
: 5
🔶🔶قصه تيه بني اسرائيل والدروس المستفاده
كان تيه بني إسرائيل هو إحدى عقوبات الله تعالى لهم على مخالفة أمره وأمر نبيه ورسوله موسى عليه السلام، وإن بني إسرائيل -مع إيمانهم بالله عز وجل في ذلك الوقت، وكان فيهم نبي من أولي العزم، وهو موسى عليه السلام- لما تخلفوا عن أمر من أوامر الله (هو الجهاد ضد الجبابرة في فلسطين) ونصائح نبيهم، عاقبهم الله بالتيه والضياع 40 سنة في صحراء سيناء.
هام بنو إسرائيل على وجههم في الصحراء 40 سنة، وانقطعت بهم وسائل الحياة وسبلها؛ وليس لديهم إلا رحمة الله بعباده، قال تعالى ﴿وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ (سورة البقرة: 57)، وهي تربية من الله لهم وللجيل الجديد الذي بعدهم.
وفي تناول قصة تيه قوم موسى عليه السلام، نجد قول موسى عليه السلام كما جاء في الكتاب العزيز ﴿قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين﴾.
إن هذه الآية قالها كليم الله موسى عليه السلام لما رفض قومه دخول الأرض المقدسة التي فرض الله عليهم أن يدخلوها بالجهاد في سبيل الله تعالى، فقالوا لموسى عليه السلام ﴿قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون* قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين* قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون﴾.
هذا الكلام الذي قاله بنو إسرائيل لموسى عليه السلام بعد ما خرجوا من مصر، ورأوا بأم أعينهم ماذا حدث لفرعون من الغرق والانتقام الرباني، وتأييد الله لموسى عليه السلام، والمعجزات الخارقة، والبراهين الدامغة، والأدلة الساطعة لرسالته ونبوته، ورأوا ماذا فعل وماذا بذل موسى عليه السلام من أجل دعوة التوحيد، والتصدي للاستبداد والدكتاتورية والكفر والشرك المتمثل في النظام الاستبدادي الذي يقوده فرعون، وهم كانوا في ذلة وصغار، فكان النظام الفرعوني يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم، ولقد رأوا الأعمال العظيمة والجهاد الكبير الذي بذله موسى وهارون من أجل استخلاصهم من قمع النظام الفرعوني، ومع هذا كله قالوا لموسى عليه السلام "اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون"، بل آذوا موسى عليه السلام في سيرته ومسيرته، وبعضهم عبد العجل، وبعضهم قال أرنا الله جهرة، حتى اشتكى منهم موسى عليه السلام، وقال "لمَ تؤذونني وأنا رسول الله إليكم؟"، كما قالوا "اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة"، وإن هذا كله بعد الخروج من مصر، ونهاية الطغيان الفرعوني وإغراق فرعون.
وهنا قال موسى ﴿قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين﴾، فقال الله تعالى ﴿قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين﴾.
وحرم الله تعالى على أولئك الجبناء (بني إسرائيل) شرف الجهاد والتمكين، والوصول إلى الأرض المقدسة والتمتع بخيراتها؛ لأنهم نكصوا عن الجهاد، وعصوا الأوامر، فكتب عليهم التيه في الصحراء لمدة 40 سنة.
﴿فإنها محرمة عليهم أربعين سنة﴾؛ الأرض المقدسة محرمة عليهم وممنوعون من دخولها والتحريم هنا تحريم فعلي عام، ويعني الامتناع عنها.
﴿يتيهون في الأرض﴾؛ يسيرون في أرض سيناء مدة 40 سنة، تائهين في شعابها ووديانها وتلالها وكثبانها، محتارين لا يعرفون إلى أين يسيرون، وإلى أين سينتهي سيرهم. فالتيه مرتبط بحالة الإنسان الذي يضل الطريق الصحيح، وهو مرتبط بالمكان، وهنا الصحراء التي ليس لها علامة يهتدى بها، فيتيه ويضل، ويحتار سالكها. وكتب الله على بني إسرائيل التيه في مجاهل سيناء حوالي 40 عاما، ليموت ذلك الجيل الجبان، فـ40 سنة كافية لموت الجيل المصاب بأمراض النفوس الخطيرة؛ الذل والخنوع وعدم احترام القادة الذين ساهموا في إنقاذه من العذاب والبلاء، ولعل ذلك من أثر الطغيان الفرعوني الذي ذاقوه؛ لأن الاستبداد والطغيان له أثره على النفس البشرية، وكان من ذلك الطغيان ﴿ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد﴾، ومن علاماته أيضا ﴿قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين﴾.
وإن الشعوب التي تعيش تحت الأنظمة الاستبدادية وحكم الدكتاتورية، تعجز عن حمل الرسالة والقيم الإنسانية الرفيعة، والدعوة إليها، والجهاد في سبيلها، والمتمثلة في دعوة الأنبياء والمرسلين إلى وحدانية الله والإيمان به وطاعته وتبليغ رسالته في كل مكان.
وكان العيش في التيه 40 عاما، قد ربى جيلا جديدا من أبناء التائهين، ذاقوا شظف العيش وخشونته، وهم يتحركون في الصحراء، فتصلب عودهم، وقويت أبدانهم، وتربت نفوسهم على توحيد الله وإفراد العبادة له والقيم الإنسانية الرفيعة من محبة العدل ودفع الظلم ومحاربة الظالمين، فسارعوا إلى الجهاد والقتال، والمطالبة بالحقوق، ودفع الظلم، والتصدي للظالمين، والانتصار للحق، فعاشوا حياة ملؤها العزة والكرامة
الرهيب
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى الرهيب
البحث عن كل مشاركات الرهيب