🌏 سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم🌏
🪴 الخليفة الأول : أبو بكر الصديق رضي الله عنه🪴
الحلقة. 10
: لقد ذكر الله تعالى فضل أبي بكر الصديق في عدد من الأيات الكريمة في القرإن الكريم،، نذكر منها :
1️⃣ أن الله عز وجل قد شهد له بالصحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار وذلك عند الهجرة ، كما في قوله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة/40.
قالت عائشة وأبو سعيد وابن عباس رضي الله عنهم

وكان ابو بكر الصديق مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار عند الهجرة)
صحيح البخاري ( 3615)
قال الإمام أبو أحمد القصاب، رحمه الله:" (شهد الله عز وجل له بالصحبة، والكينونة معه في الغار من دون الناس، ولخروجه من توبيخ الخطاب وترك النصرة؛ بالمسابقة إلى ما قعد عنه غيره، والمشاركة له فيما يحذر المطلوب، إذ لا نصرة أنصر ممن بذل نفسه للمكروه، وخرج مع المطلوب يؤنسه في وحدته، ويشاركه فيما يتقيه من محذور عدوه"). للقصاب(1/535).
قال الحافظ ابن حجر: " فإن المراد بصاحبه هنا أبو بكر بلا منازع"
من كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة"(4/148).
وعن عمرو بن الحارث، عن أبيه: " أن أبا بكر الصديق، رضي الله عنه حين خطب قال: أيكم يقرأ سورة التوبة؟ قال رجل: أنا، قال: اقرأ، فلما بلغ: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ) بكى أبو بكر وقال: أنا والله صاحبه"
من "تفسير الطبري" (11/466).
2️⃣ كما جاء وصف أبي بكر بالصدق في قوله تعالى: ((وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ،، لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ))) الزمر/33-34،
وهذه الآية مما اختلف أهل التفسير في معناها:
- - قال بعض المفسرون: الذي جاء بالصدق: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به: هو أبو بكر رضي الله عنه،
وروي هذا عن علي رضي الله عنه،قال أن المقصود في قوله

( والذي جاء بالصدق )) هو محمد صلى الله عليه وسلم. وصدق به، هو أبي بكر رضي الله عنه".
انظر: "جامع البيان" (20/204)، و "زاد المسير"(4/ 18).
- وقال آخرون: الذي جاء بالصدق: رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصدق: القرآن، والمصدقون به: المؤمنون .
- وقال آخرون: الذي جاء بالصدق جبريل، والصدق: القرآن الذي جاء به من عند الله، وصدق به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصحيح في هذه الآية العموم، لكن المقصود أن أهل التفسير ذكروا هذه الآية في فضائل أبي بكر، مما يدل على أولوية دخوله في هذه الآية، وغيرها من الآيات الدالة على صدقه.
يقول ابن تيمية: " لفظ الآية عام مطلق لا يختص بأبي بكر ولا بعلي، بل كل من دخل في عمومها دخل في حكمها. ولا ريب أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا أحق هذه الأمة بالدخول فيها، لكنها لا تختص بهم"
من "منهاج السنة" (7/190).
3️⃣ كما وصفه الله عز وجل بالصالح في قوله تعالى

( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)) التحريم/4، ذكر بعض أهل التفسير أن المراد بصالح المؤمنين: أبو بكر وعمر، فعن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، وعكرمة، في قوله عز وجل: وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ التحريم/4، قال: أبو بكر وعمر، وعن عبيد بن سليمان قال: سمعت الضحاك يقول في قوله عز وجل: (وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) قال: أخيار المؤمنين؛ أبو بكر وعمر.
وقد ذكر الطبري هذا القول في تفسيره عن مجاهد، والضحاك. ولكنه رجح العموم، وهو الظاهر.
لكن رجح غيره أن المراد بالآية الخصوص، يقول الواحدي: " وأظهر هذه الأقوال قول من قال: إن المراد بصالح المؤمنين أبو بكر وعمر؛ لأن الخطاب في هذه الآية لابنتيهما عائشة وحفصة، وكأنه قيل لهمما: إن تعاونتما على إيذاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن أبويكما لا يوافقانكما ولا يتظاهران معكما، فإنهما وليان لرسول الله".
"من كتاب فضائل الصحابة"، للإمام أحمد (1/128)، (98)، "جامع البيان"(23/ 97-98)، "التفسير البسيط" (22/18)، "منهاج السنة" (7/294).
4️⃣-كما وصفه الله عز وجل ب( الأتقى.)
ومن الآيات التي ذكر بعض أهل التفسير أنها نازلة في أبي بكر قوله تعالى: ((وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21))) الليل/17-21.
قال ابن كثير: "وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك. ولا شك أنه داخل فيها، وأولى الأمة بعمومها، فإن لفظها لفظ العموم، وهو قوله تعالى: وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة؛ فإنه كان صديقا تقيا كريما جوادا بذَّالا لأمواله في طاعة مولاه، ونصرة رسول الله، فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم، وقال ابن عاشور: ((اتفق أهل التأويل على أن أول المقصود بهذه الصلة أبو بكر الصديق رضي الله عنه" "تفسير القرآن العظيم" (8/422)، "التحرير والتنوير" (30/391).
وقال إبن عباس رضي الله عنهما ( هو أبو بكر يزحزح من دخول النار))٠
فهذه الآية إذا قُدر أنه دخل فيها من دخل من الصحابة، فأبو بكر أحق الأمة بالدخول فيها؛ فإنه هو الأتقى من هذه الأمة، وهو أفضلهم، وذلك لأن الله تعالى وصف الأتقى بصفات؛ كان أبو بكر أكمل قياما بها من جميع الأمة.
ينظر تقرير ذلك في "منهاج السنة" (7/ 376-385)، وأيضا(8/ 493)، وما بعدها.
5️⃣ وصف أبي بكر في القران بأنه (ذو الفضل.)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة، ( تكلم عن عائشة في حديث الإفك )فأنزل الله عز وجل: ((وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى إلى قوله: أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ))[النور: 22]، قال حبان بن موسى: قال عبد الله بن المبارك: هذه أرجى آية في كتاب الله، فقال أبو بكر: والله إني أحب أن يغفر الله لي، فأرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: لا أنزعها منه أبدا" أخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770)، واللفظ له .
وقد أجمع أهل التفسير على أن هذه الآية نازلة في قصة أبي بكر ومسطح، غير أن الآية تتناول الأمة إلى يوم القيامة؛ بأن لا يغتاظ ذو فضل وسعة؛ فيحلف على أن يقطع عطاءه ونفعه عمن كان بهذه الصفة.
انظر: "التفسير البسيط" (16/ 173)، "المحرر الوجيز" (4/ 173).
6️⃣{كما قال تعالى ايضا :
وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (100)
يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم ٠٠٠)
وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤها برفع " الأنصار " عطفا على { وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ }
فقد أخبر الله تعالى أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ،،،
فيا ويل من أبغضهم أو سَبهم أو أبغض أو سبَّ بعضهم ، ولا سيما سيدُ الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم ، أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة ، رضي الله عنه ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويُبغضونهم ويَسُبُّونهم ، عياذًا بالله من ذلك . وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة ، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن ، إذ يسبُّون من رضي الله عنهم ؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه ، ويسبون من سبه الله ورسوله ، ويوالون من يوالي الله ، ويعادون من يعادي الله ، وهم متبعون لا مبتدعون ، ويقتدون ولا يبتدون ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون .
[13798]:- تفسير الطبري (14/438).