عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2024, 05:59 AM   #1
الرهيب
افتراضي ‏قصة : الصحابي كلاب بن أمية

‏كان أمية بن الأسكر الكناني من سادات قومه ، هاجر وولده كلاب إلى المدينة في خلافة عمر بن الخطاب ، فأقام بها مدة ثم لقي كلاب ذات يوم طلحة بن عبد الله والزبير بن العوام فسألهما : أي الأعمال أفضل في الإسلام ؟
‏الغزو في سبيل الله ، و اشترى كلاب غلام ‏يقوم مقامه في خدمة أبويه، وذهب كلاب إلى عمر بن الخطاب وقال له : أرسلني إلى الثغور فقال عمر : أحي والداك ؟
‏قال : نعم
‏قال: فاستأذنهما
‏وبعد إلحاح شديد أذن له
‏وكان كلاب شديد البر بهما ،ذهب كلاب إلى الجهاد ، ومرت الأيام على الأبوين بطيئة ثقيلة ، وما لبث أن اشتد الشوق بالوالد ‏فصار البكاء رفيقه في ليله ونهاره ، وذات يوم جلس أمية تحت شجرة ، فرأى حمامه تُطعم فراخها فجعل ينظر، فرأته العجوز فبكت وأنشأ يقول :

‏لمن شيخان قد نشدا كلابا
‏كتاب الله لو قبل الكتابا

‏أناديه فيعرض في إباء
‏فلا وأبي كلاب ما أصابا

‏فإن مهاجرين تكنفاه
‏ففارق شيخه خطأ وخابا

‏تركت أباك مرعشة يداه
‏وأمك ما تسيغ لها شرابا

‏ثم اشتد حزن أمية على ولده كلاب وطال بكاؤه حتى أصابه ما أصاب يعقوب عليه السلام ، وفقد بصره فاخذ قائدة بيده ودخل به على عمر وهو في المسجد فانشده :

‏أعاذل قد عذلت بغير علم
‏وما تدرين عاذل ما ألاقي

‏قال: كنت أوثره واكفيه أمره، وكنت إن أردت أن أحلب له لبنا أجيء إلى اغزر ناقة في ابله ، فأريحها واتركها حتى تستقر، ثم اغسل اخلافها ( ضروعها ) حتى تبرد، ثم احلب له فاسقيه

‏فبعث عمر إلى أمية فجاءه، فدخل عليه وهو يتهادى وقد ضعف بصره وانحنى فقال له : كيف أنت يا أبا كلاب ؟
‏فإما كنت عاذلتي فُردّي
‏كلاباً إذ توجه للعراق

‏ولم أقض اللبانة من كلاب
‏غداة غد وآذن بالفراق

‏فكتب عمر برد كلاب إلى المدينة، فلما قدم ودخل عليه قال له عمر : ما بلغ من برك بابيك ؟
‏فقال له : كما ترى يا أمير المؤمنين
‏فقال : يا أبا كلاب ما احب الأشياء إليك اليوم ؟
‏قال : ما أحب اليوم شيئا ، ما افرح بخير ولا يسوؤني شر
‏فقال عمر : بل على ذلك
‏قال : بلى كلاب أحب انه عندي فاشمه شمه وأضمه ضمة قبل أن أموت، فبكى عمر وقال : ستبلغ ما تحب إن شاء الله ‏ثم أمر كلابا أن يحلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث بلبنها إليه ففعل وناوله عمر الإناء وقال : اشرب يا أبا كلاب فأخذه فلما أدناه الى فمه
‏قال : والله يا أمير المؤمنين أني لاشم رائحة يدي كلاب، وقال له : هذا كلاب عندك وقد جئناك به فوثب إلى ابنه وضمه، وجعل عمر والحاضرون يبكون
‏وقالوا لكلاب : الزم أبويك فجاهد فيهما ما بقيا ثم شأنك بنفسك بعدهما وأمر له بعطائه وصرفه مع أبيه.وتغنت الركبان بشعر أبيه فبلغه فأنشد يقول:

‏لعمرك ما تركت أبا كلاب
‏كبير السن مكتئبا مصابا

‏وأما لا يزال لها حنين
‏تنادي بعد رقدتها كلابا

‏لكسب المال أو طلب المعالي
‏ولكني رجوت به الثوابا

‏وكان كلاب من خيار المسلمين فلم يزل مقيما عندهما حتى ماتا وقد نزل كلاب البصرة وإليه تنسب " مربعة كلاب ".


‏من كتاب :
‏الإصابة في تمييز الصحابة - ابن حجر بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب- الألوسي



الرهيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس