الموضوع: ضبط الانوثة
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-2024, 06:32 AM   #596
الرهيب
افتراضي رد: ضبط الانوثة

قالت له: ما مثلك يُرد
وقالت أخرى: ما أهجر إلا اسمك
وقالت ثالثة: لم تخلق المرأة للدخول بين الرجال..

هذه العبارات إذا سمعها السّامع لأول وهلة كان لها تأثير السحر على النّفس وتدل على لباقة قائلها.
وقبل أن نفصّل مضمون العبارات الثلاث السابقة لابد من أن نتوقف عند معنى اللّباقة ؟

إن المرأة إذا كانت تتحلّى باللّباقة فإن هذا أجدى بتحقيق الانسجام مع الرجل، ومع الآخرين.

واللّباقة هي استخدام أدب التحدث والتّعامل والكياسة التي تشمل الذّكاء والحكمة والفطنة في التعامل مع الآخرين وهي أحد العوامل الرئيسية لنجاح الإنسان في حياته بصفة عامة وفي حياة المرأة بصفة خاصة.

واللّباقة تعني بكل بساطة: الكلمة الطيبة .. الفعل الملائم .. ردّ الفعل الذكي.

فالمرأة اللّبقة هي التي تلبس كل حال لبوسها "لكل مقامٍِ مقال " وتستطيع أن تحول الموقف المضاد بذكاء الكلمة والفعل إلى صالحها والمرأة الأجدر بها التّحلي باللّباقة لأنها الابنة الرقيقة والزوجة الرائعة والأم الحانية والأخت الصديقة والمتأمّل في شرعنا الحنيف يجد من النّصوص القرآنية والأحاديث ما يهدينا إلى سلوك اللّباقة في تصرفاتنا، فقد قال تعالى في سورة الإسراء { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [الإسراء : 53 ] وقال صلى الله عليه وسلم: « إنّ من البيان لسحرا » وفيه دلالة على سحر الكلمة وأثرها على النفس، وإنّ الإنسان قد يقول الكلمة يهوي بها في النار سبعين خريفاً وقد يقول الكلمة فيحطم بها حياة انسان ونفسية إنسان.

●ما مثلك يُرد
جاء أبو طلحة فخطب أم سليم فكلمها في ذلك فقالت: " يا أبا طلحة ما مثلك يُرد ولكنك امرؤ كافر، وأنا امرأة مسلمة لا يصحّ لي أن أتزوجك ... أريد منك الإسلام فإن تُسلم فذاك مهري ".
الشاهد هنا : " ما مثلك يُرد " ونجد في هذه العبارة اللّباقة والمجاملة وحسن التصرف وكانت أم سليم سبباً في إسلام أبي طلحة حيث أتاها يوماً فقال: الذي عرضتِ عليّ قد قبلت، فانطلق مع انس بن مالك ابن أم سليم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال صلى الله عليه وسلم: « هذا أبو طلحة بين عينيه عزة الإسلام » فسلّم على النّبي صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فزوجّه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، قيل: ما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم في الإسلام.

●ما أهجر إلا اسمك
عن عائشة رضي الله عنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إنّي لأعلم إذا كنتِ عني راضية ، وإذا كنت عليّ غضبى » قالت: من أين تعرف ذلك ؟
فقال: « أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد , وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم » قالت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك " [رواه البخاري] .

الشاهد:" قول عائشة رضي الله عنها أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك " , قال الطيبي : " هذا الحصر لطيف جداً ، لأنها أخبرت أنها إذا كانت في حال الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا تتغير المحبة " وهنا نلحظ قمة اللباقة وفن المجاملة حتى في وقت الغضب , وقال ابن المنير: " مرادها أنها كانت تترك التسمية اللفظية ، ولا يترك قلبها التعلق بذاته الكريمة مودة ورحمة ".

إن الحياة لا تخلو من المنغصات والكدر والغضب حتى بيوت أهل الفضل والصلاح ولكن الاختلاف بين البشر في كيفية التعامل مع المواقف والمشاكل، إنّ التحكم في المشاعر السلبية وكيفية التغلب على مواقف الإحباط والصراع والقلق يُسمى في علم النّفس بالصحة النفسية والتي هي غاية وهدف كل انسان سوي، وقد يقول قائل إن المرأة متخصّصة بارعة في فنون التّعذيب النّفسي للرجل، وذلك باستخدام العبارات المسومة من الشكوى ... والتّحقير ... والزراية .. والاستخفاف .. والنّقار وغير ذلك من فنون التعذيب النفسي، فقد تكون وجهة النظر صحيحة من رؤية الزوج.

ولكن المرأة الأنثى التي يريدها الله هي القادرة على انتقاء ألفاظها واختيار كلماتها وحسن حديثها، فإن هي استطاعت ذلك أمكنها أن تضيف إلى مقوماتها صفات جديدة واستطاعت أن تنفذ إلى قلوب من حولها من أهلها وذوي رحمة

ونحن نسوق هنا موقفاً يدل على لباقة بعض النساء, يروي المؤرخون أن خالد بن يزيد بن معاوية وقع يوماً في عبد الله بن الزبير عدو بني أمية اللدود وأقبل يصفه بالنجل ، وكانت زوجته رملة بنت الزبير أخت عبد الله جالسة فأطرقت ولم تتكلّم بكلمة فقال لها خالد: ما لك لا تتكلمين ؟ أرضاً بما قلتُه أم تنزّهاً عن جوابي ؟
فقالت : لا هذا ولا ذاك ، ولكن المرأة لم تخلق للدخول بين الرجال...

وخلاصة القول:
إن اللّباقة لها من الأهمية بمكان بالنسبة للمرأة . فلباقة المرأة وقدرتها على الحديث الذّكي .. واختيار الكلمة المناسبة .. والفعل الملائم .. ورد الفعل الذّكي .. ولبسها لكل حال لبوسها عملاً بالحكمة " لكل مقامٍ مقال "....

قناة لتسكنوا.



الرهيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس