الموضوع
:
قصص جميلة ذات عبر
عرض مشاركة واحدة
10-24-2024, 05:51 AM
#
229
الرهيب
الاوسمة
مجموع الاوسمة
: 5
رد: قصص جميلة ذات عبر
يحكي احمد قصته ويقول:
أبي لم يكن يُحبُ أمي ، ليست هذه هى المشكلة ... المشكلة تكمن في أنه كان حريصا علي نقل ذاك الشعور لها !
أتَذَّكّر في طفولتي أنه كان يقارن بينها وبين نجمات الإعلانات ويسخر منها
أمي كانت تبكي لكنها ما أبكتني ... كان أبي يحزنها، وكانت تضمّني إلي صدرها .
طالما حكت لي أن أمها ماتت وهي صغيرة وأنها تربت مع زوجة أبيها ... كانت تحكي لى القصص وكنت أستمتع كثيرا بحكاياتها .
لكن أبي كان عصبيا للغاية ودوما يعايرها بوحدتها، وأن ليس لها مكان تلجأ اليه لأن أباها وزوجته لن يفتحا بابهما لها فكانت تبكي ولا ترد .
أبي كان مدخنا شرها وأمي قالت لي ان السجائر مُضّرة وحرام أن تدفع فلوس لتؤذى صحتك وأن عليَّ أن أدعو لأبي ان يتوقف عنها .
أبي لم يكن يصلي بينما أمي كانت تُصّلي وتقول لي أدعو لأبيك ... أمي قالت لي أن الله غفور رحيم ويسامح المخطئ فأحببت الله .
أمي كانت دوماً تقول لي أنّي كاتم أسرارها
في يوم سألتها ليه مش بتضربيني؟
اغرورقت عيناها بالدمع: أضربك ! أضرب الإنسان الوحيد اللي لو دعا لي لما أموت ربنا يرفع درجاتي !
لم أفهم، لكني فرحت، شَعَرتُ أن العلاقة بيني وبين أمي قوية كانت تربيني للآخرة، طالما حدثتني عن الآخرة ... كنت اقول لها بس صاحبي فلان مش بيصّلي وناجح فى حياته!
فكانت تقول من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ... الدنيا للكل يا أحمد، لكن الآخرة لمن يتقي الله.
يوم الجمعة كانت تُذَكّرني بقراءة سورة الكهف والصلاة والسلام على رسول ﷺ
فكانت أُمّي تنتظرني عند باب المسجد منذ كان عمري ٧ أعوام
وتقول لي ونحن عائدان من صلاة الجمعة
إوعي تنساني لما اموت وانت راجع من الصلاة تدعي لي عشان الملايكة تقولّي أحمد دعالك .
سألتها مين هم الملايكة قالت لي دول خلق من خلق الله من نور.
قلت : هما مش موجودين وانا مش هاصدق إلا اللي هاشوفه
قالت يعني أنت مش هتصدق إن فيه أكسچين عشان مش شايفه ؟ المؤمن يؤمن بالغيب يا أحمد ... إيمانها بالله كان عظيماً .
سمعت ابي يصيح هاتجوز قالت امي في أسى اللي يريحك وفعلا تزوج إنسانة عجيبة !!!
اصبحنا لا نراه ولا ينفق علينا. بدأت أمي تصنع التورتات للمعارف وانواع من الكفتة ونقوم ببيعهم ... بكيت وقلت لها لا متعمليش كده !
قالت في إصرار: الحلال مفيهوش عيب !
لم تقل يوما أنا باتعب عشانك،
وبدأ مشروعها يزدهر وأساعدها أحيانا، لم تمن عليَّ يوماً بكلمات مثل شايف تعبي بل دائما مبتسمة راضية !
أبي طَلَّق زوجته وعاد ليفضحنا ويتشاجر مع الزباين ... بكت أمى واعتذرت لهم ... مكث شهر ثم تزوج بأخرى ...
طلبت من امي وانا في الإعدادية ان تفارق أبي، طبطبت عليّ قائلة آسفة اني حطيتك في الموقف ده كان نفسي تنشأ بين أبوين مستقرّين.
قلت بحرارة مش ذنبك انا عارف ... قالت لي نصبر كمان سنة يمكن ربنا يهديه.
كنت مجتهدا وأصّلي وأمي تدعو لي
أتذكر اني دخَّنتُ مع الشباب في ثانوي، لاحظت تغيير في وجهها، قبلتها وقلت لها سامحيني .
لم أترك الصلاة يوما لانها قالت لي أنها روح المؤمن ... أمي تحسّن دخلها وكانت دوما تخبرني به.
أبي سامحه الله تهجم علينا مرات يطلب نقودا، حاله يتدهور.
وفي يوم وانا بالثانوية العامة قالت لي أوعى تقاطع أبوك ... الأب أب وأدعي له أوعي تقع مهما كترت الهموم ... الحبل اللي بينك وبين ربك صلاتك ... لا انسي كلماتها.
كانت تضاعف مجهودها من أجل دراستي ... لم اخذلها حصلت على مجموع 97 ٪
أول مرة أشوف الفرحة تقفز في ملامحها ترتمي لله ساجدة تصدَّقَت .
عملت تورتة ٣ أدوار لي ولها ... مالناش حد يفرح معانا... دخلت كلية طب الأسنان ...
اصطحبتني أول يوم
وتركتني عند باب الكلية ... لم تلاحظ أنني تأملتها عبر السور ... كانت مبتسمة فرحة وقد تعلق بصرها على لوحة الكلية " كلية طب الفم والأسنان "
اقسمت ألا أخذلها،
عدت من الكلية
لأجد أمي ليست بالمنزل، شعرت بالقلق، ثم عادت مرهقة بعد قليل، علمت انها تقيأت دما وذهبت للكشف عند الطبيب.
ثم كانت الأحداث تجري سريعا، حال الكبد متدهور،
احتضنتني كما عودتني وقالت : إوعي تنسي ان الرسول قال المبطون شهيد ارجو ان أكون كذلك،
حضنتها وحضنتنى وقالت: اوعي تزعل،.. الرسول ﷺ مات، ده مصير كل ابن ادم .
انفجرت باكيا قائلا : انا ماليش غيرك
قالت بإصرار : ليك ربنا، اوعي تخسر ايمانك .
قلّ عملها بسبب مرضها ونفقاته وأنا حزين، وأُساعدها، ثم بدأت أطبّق ما تعلمته منها وأصنع التورتات وهي تدعولي ولكن تحذرني من إهمال الدراسة ... لكنّي جمعت بين عملي ودراستي وأكملت
لم أحرج وانا بكليتي من العمل ... أتذكر كلماتها عن الحلال
وأدعو لها ألا تموت ...
وأجلس لآكل معها طعامها الخالي من الملح والدسم فتُرَبتُ على كتفى بحنان .
في عامي الثاني بالكلية وفي ليلة من ليالي رمضان ماتت أمي، دخلت لأوقظها ساعة المغرب فوجدتها ماتت ... احتضنتها وسالت دموعي ماذا افعل وليس لي احد وعمري 19 عاما.
لكني تذكرت الله وتمتمت : انجدني يا رب، عارف أنك معايا دايما ولن تتركنى وحدى .
وأتت جارتنا وزوجها وأبنائها
ساعدني الجميع وصلّى علي أمي كثيرون في المسجد الذي كانت ترافقني فيه لصلاة الجمعة زمان وانا طفل .
بكيت، لكن لم يتركني جيراني رغم أننا لم نكن علي علاقة قوية
كانوا يوميا يرسلون لى الإفطار ويطرقون بابي
مكثت شهرا لا اهنأ بنوم ثم تذكرت كلماتها لي : أنا عملها الممتد
أقسم بالله يا أمي أن أَصْدُق ظنك فيّ ولن اخذلك .
ما عاد أحد يحتضنني لكني سأحتضن الأيتام والغلابة والمحتاجين.
استمررت في صناعة التورتات ونجحت دراسياً
وأصبح لي مشروع ومشروعي يزدهر
وسميته باسم أمي.
الآن بعد مرور سنوات أكتب بعد تخرجي من كلية طب الأسنان ومن عيادتي بعد رحيل آخر مريض لقد تحسّنَت احوالي وأصبح لدى العيادة الى جانب مشروع الحلويات التى تشرف عليه زوجتى وعدد من صديقاتها .
أتصدّق عن أمي وأدعو لها دائما وأقول "اللهم أنر قبرها واغفر لها وأجزها بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا "
أقابل المحتاجين ... وأذكر لجيراني وقفتهم إلي جواري.
زوجتى إنسانة طيبة متدينة أنجبت حمزة الذي أول ما أجاد الكلام علمته الدعاء وعلمته أن يدعو لأمي واصطحبه للصلاة وأحكي له عن انتظارها لي .
أزور أبي علي فترات، طاعة وبر واحتراما لذكرى أمي وتربيتها لي .
أحُب زوجتى أُقدّرها أحترمها وأحسن معاملتها كما كنت أتمنى أن يقدر أبي أمي .
أعامل حمزة كما عاملتنى أمي بحب واحترام، وأقول له أنه عملي الممتد
نعم، الإبن هو عملك لا تقهره ولا تخسره .
الحمد لله أديت فريضة الحج عني ثم عن أمي ... حلمت بها فَرِحَة متهللة
*الحكمــــه*
الابن مال وعمل ودعاء وصدقة وحج وعمرة
حافظو على اولادكم
أحسنوا زرعهم وسقيهم بالدين والعلم والأخلاق
فهم عملكم الجاي بعد الوفاه.
الرهيب
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى الرهيب
البحث عن كل مشاركات الرهيب