رد: :: فلسفات رائعة ::
هذا مقال للشيخ الدكتور عائض القرني عرضه علي أحد الأصدقاء وأعجبت به فدونته وكنت سأقوم بعرضه في المنتدى ولم تسنح لي الفرصه فاسمح لي أن أضيفه إلى موضوعك لأنه يدور حول نفس الفكرة وهذا نص المقال :
أنت الوحيد بعد الله الذي تسعد نفسك ،لا تنتظر ظرفا مناسبا قادما من عالم الغيب ، لا تؤجل السعادة والبهجة حتى تحصل على وظيفة أو زوجة أو صفقة مالية أو بيت جديد ، فلن تحصل لك السعادة إذا توفرت لك هذه الأشياء ؛ لأن نفسك سوف تنتقل معك وتصاحبك وهي لم تتغير، أنت المسؤول ،غير أفكارك الآن ، اعتقد أنك سعيد وسوف تسعد لا تبع السعادة بالأوهام والأحلام إذا سكنت في غرفة من طين على بساط ومعك رغيف خبز وكوز ماء فارفع عقيرتك منشدا فرحا مسرورا :
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ، وتصور أنك في قصر شاهق تحف به الحدائق الغناء وتغدو عليك الجواري بجفان ألذ الطعام و أحلى الشراب ، فما الفرق بين هذا و ذاك إلا شعورك فقط ، وشعورك هذا قد يحول لك السكنى في القصر والنعيم والحبور والسرور إلى جحيم لا يطاق ؛ لأنك قد تسمح لأفكارك السوداوية بجمع ملفات الحزن والكدر والكأبة والهم والغم ، والإ قل لي بربك لماذا يتناول الأثريا وهم في ناطحات السحاب عقاقير مسكنة و أدوية مهدئة ؛ لقلقهم وأرقهم ، ولماذا يغرد البسطاء من الناس في اكواخهم كأنهم عصافير تغمرهم السعادة؟ السبب هي أفكار هؤلاء وهؤلاء ، '' وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين امنوا فزادتهم إيمانا '' .
أما كان الناس مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق في خوف وجوع ومشقة وعنت ، فلما أخبرهم بالمستقبل المشرق ، قال المؤمنون : صدق الله ورسوله ، وقال المنافقون : ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ، والظرف واحد والزمن واحد والمكان واحد ، لكن النفوس غيرت النظرة بحسب الوجه ، فغير أنت بوصلة تفكيرك من الان ، حول مؤشر السهم إلى أعلى فسوف يكون أخضر وتخضر معه حياتك ، ولا تتركه يتجه لأسفل فيحمر الهول أمامك .
أما رأيت شخصين يسكنان في بيت واحد ويجلسان على مأدبة واحدة ، وأحدهما سعيد بهيج ، والثاني مكدر محزون ما السبب ؟ وقد اتحد الظرف والزمان والمكان لهما ؟ السبب تفكير كل منهما ، فالأول فكر في النعم وشعر بالخير وأحسن بالمستقبل المشرق ، والثاني تذكر المنغصات وتوقع مستقبلا مظلما .
قال عالم نفس لمريض يتردد عليه مصاب بالكآبه : لو خرجت من جلدك وسكنت المريخ وحولت الجبال ذهبا لبقيت كما كنت مكدرا مهموما مغموما ؛ لأن أفكارك في رأسك لم تخرج ، أعرف أنك غيرت بيتك وسيارتك وقمت برحلات وحضرت حفلات ، لكن فكرك لا زال معك على حاله ، فلهذا بقيت على حالك ، كل شيء يمكن أن تنظر إليه بنظرك إيجابي وسلبي ، فصديقك إذا فكرت في محاسنه وطول صحبته وكرمه احببته واعجبت به ، والسفر مثلا إذا حدثت نفسك أنه متعه وتغيير وتجديد وفسحة رأيته جميلا وحسنا في عينك وقلبك ، وإذا حدثت نفسك أنه مشقة وإرهاق ومخالفة للمألوف وفراق للوطن ، وهجر للأحباب ثقل عليك وصار مملا مكروها.
فكرك هو البوصلة ، فوجهه إلى ديار الأفراح ومطالع السرور ومرابع البهجة تجد الحياة أجمل وأبهج مما تظن .
د . عائض القرني
من زاوية أما بعد
ملحق الرسالة
Posted via Mobile Device
التعديل الأخير تم بواسطة حمود عبدالله ; 08-28-2009 الساعة 12:33 AM.
|