بينما ان اتصفح الانترنت وبالتحديد شبكة اليوتيوب، لاح لي مقطع يجسد الفاشية التي نصبها صدام حسين قبل سنين فارطة حينما كان يعيث في ارضه الفساد، فكان يستهدف "الأعضاء النشطة" في جسد الانسان، فكان يقطع اللسان الذي يصول ويجول ويبدي الحق ويدمغ الباطل، وكان يكسر عظمة الذراع والتي من خلالها تكتب الانتقادات التنويريه، نعم كان يكسر عظمة الذراع (رأيت المقطع بأم عيني) وذلك بوضعها بين قرميدتين (طوبتين) ويهوي بعصاته عليها. وكان يقتل الضعفاء أصحاب الحق برصاصة بسيطة تحتاج فقط ضغطة زر حذف، فيضغط على ذلك الزناد فيحذف بها حياة إنسان مع آرائه ونظراته. كان يرش الغازات السامة على مواطنيه وكان يسالم ضعيفهم الذي يمد له يد المبايعة، كان يستهدف أولئك النفر الذين يعارضونه في الرأي، فلا يفسح لهم مجال للتعبير عن أرائهم. بل رأيت صورة بأسم رجل نعي إلى اهله لأنه لم يتجاوب مع نكته قالها صدام حسين.
ورغم كل هذه المصائب ورغم كل هذة الديكتاتورية السائدة في فترته، إلا أن هناك رجال سفهاء ضعفاء كانوا يقفون معه ويناصرونه حتى ولو بالظلم. أتعرفون لماذا يناصرونه؟ لأن صدام حسين كان يقرأ القرآن وكان يصلي، فلقد رأيت صورته وهو يصلي على سجادة داخل قبوه الذي قبض عليه فيه، ولقد سمعته بأذناي وهو يقرأ أيات كريمة من المصحف المرتل حين اعلنت امريكا الحرب عليه، بل نطق الشهادة في آخر حياته، فقال اشهد أن لا الله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله، هل تعرفون متى نطق الشهادة بعد أن استسلم ورفع راياته. توفي صدام حسين وبقي الناس على اختلاف أرائهم بين مؤيد ومعارض.
السؤال يا اعزائي: هل شخصية صدام حسين ذلك المصلي الذاكر لله تشفع له استبداديته على الناس وقطع ألسنتهم لأنهم يعارضونه؟؟؟؟؟؟
قد يسارع البعض بالإجابة ولكن دعوني احيلكم إلى موقف شخصي حدث لي خصيصاً وأنا في جامع الراجحي بأبها فكنت استمع لمحاضرة لعبدالله المصلح ذلك الشيخ الوقور الخطيب المفوّه، فسأله أحد الحاضرين سؤال مؤداه: ما رأيكم في صدام حسين؟ فقال الشيخ عبدالله المصلح: "لا أريد أن اجيب على هذا السؤال" فلما سأل السائل سؤال غيره، فكر الشيخ وشعر بتأنيب الضمير فقال: دعوني اجيب على تساؤل الأخ: صدام حسين مجرررررررررم، بهذا بدأ والله العلي العظيم لا أظلمه. بهذه الجملة بدأ قال "صدام حسين مجرم" ثم استرسل يعدد صفاته ويقول: صدام حسين كان يستهدف اعضاء معينه لتعذيب بعض الناس كان يقطع الالسن وكان يكسر العظام وكان يعذبهم ولقد رش غازات سامة عليهم. كدت أن استوقفه حينها من شدة الذعر الذي دب في قلبي، كدت أن اقول: يا صاح مهلاً أقل اللوم يا صاحي، ولكنني سكت. كدت أن اقول يا شيخ، صدام حسين كان يقرأ ايات قرءانية وكان يصلي على السجادة بل تشهد بلا إله إلا الله، لكنني أفقت وقلت لنفسي: إن هذا الشيخ الفاضل الوقور الذي بلغ السن الستين ما كان ليتلفظ بما هو باطل، احسبه كذلك والله حسيبه. عندها خرجت وأنا أرجو أن يغفر الله صنيع صدام، توفي صدام وحلت فوضى حسنتها أنها فتحت الباب على مصراعية للتعبير الحر، نعم إنها فوضى ولكنها فوضى أقل شؤما من تلك الفوضى التي تبيح التطاول على اصحاب الحق، وتهرق الأرواح المناضلة وتقتل الأراء الصائبة بلا رقيب ولا حسيب.