[متعب البحيري]

أهلاً وسهلاً بك يا عزيزي وأستاذي القدير محمد والحقيقة أن تحليلك للموضوع جميل ورائع ودقيق واستشهادك بالحديث الذي ذيلت به المشاركة ايضاً في مكانه فجعلتني انظر للأمر من زاوية مختلفة، فألهمني طابع ردك الاسلامي بقصة حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تشبه قصة صدام حسين بشكل دقيق، ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لام أسامة بن زيد حين قتل رجل في طريقه لم يتشهد إلا تحت تهديد السلاح، فطعنه وقتله مع أنه قال لا إله إلا الله، فلما ذكر ذلك للرسول قال "أشققت عن قلبه لتعلم أقالها أم لا". ونظراً لأن صدام هنا يحل محل ذلك الرجل كونه تشهد مخافة المشنقة رغم ايماننا بأنه مولود لاسرة مسلمة، لعل من الإمكان أن نقول أن تعنيف الرسول هنا لدليل على سماحة الرب سبحانه وتعالى وكيف ان رحمته قد تحتضن كل مجرم وسفاك وكل خرج على الاسلام، فكيف بالمولود وهو مسلم.

كما أننا لا نعلم نية صدام حسين ولا نستطيع إن نقرر مصيره الاخروي (جنة أم نار) فالحكم بيد الله عز وجل، مع تحفظي بشأن ذلك الحديث الذي يقول "أنتم شهداء الله في أرضه". أما ما ذكرته وموقفه ضد الشيعة، فلقد كان حقاً حازماً محكماً سيطرته عليهم ولعل الزحف الشيعي الذي اجتاح البلاد ووصل إلى مصر لشاهد على ويلات سقوط الدولة العراقية. قضية الشيعة والسنة هي قضية العالم الاسلامي لن تحل في يوم أو يومين، في نظري قد تحل إذا عزف المنظرين لكل مذهب عن التنقيب عن سقطات مخالفيهم، والاحتكام للشفافية والصراحة.

فكرت يا عزيزي في اهل السنة والجماعة ورأيتهم من أحق الناس، فرغم أن المسيحيين واليهودية يقدحون في الرسول إلا أن الاسلام أحترم عيسى وموسى وأوجب الايمان به، ورغم أن الشيعة تسب ابو بكر وعمر وعائشة إلا أن أهل السنة اجلت علي وعظمت منزلته ومنعت سبابه، من يتفكر في هذا الامر يجدنا لا نسب ونشتم، فيا للمفارقة!

أخيراً لا أعلم ما اقول في ذلك الرجل الذي امتزجت حسناته بسيئاته ولعلي أرى الاحجام عن التعرض لسيرته بعد إعدامه. فكرت في لفظة "استشهاد" فوجدت ان من اصلها معنى التشهد، فهل يمكن أن ننظر لصدام حسين على أنه شهيد كونه تشهد قبل موته؟ أم ان هذه اللفظة مقصورة على المقتول في سبيل الله والغريق والمحروق وقتيل الهدم. وهل يا ترى تعنيف الرسول لاسامة بن زيد على فعلته تدل على رضاه عن ذلك الرجل الذي لم يعرف الله إلا مخافة السلاح كما هو حال صدام حسين الذي ذكر عنه انه يعيث في ارضه الفساد. بالمناسبة، جميلة قصة الحفظ من الأسفل إلى الأعلى إن صحت الاقاويل.

اخيراً شكراً لك يا عزيزي م ح البحيري على التعليق والتوضيح والأجلاء فموضوعي كان بحاجة فعلاً لتوضيح أكثر يضع الامور في نصابها، زادك الله بسطة في الجسم والعلم.

إلى اللقاء