المثالية وغرق السادة العظماء
حين ينظر الإنسان لنفسه في مرآة خدّاعة مهلهلة ويرى صوره مغايرة ومشوهة لشخصه الكريم، يعلم انه عاش فترة من الزمن ككتلة صلصالية وهنة شكلتها اراء الآخرين والصالحين في نظره، ومن هنا يتخذ موقفه؟ أما ان يمضي على تبعيته وضعف موقفه فيكون عالة على مجتمعه لا تقدم ولا تؤخر فيتلقى كل ما يسكب في اذنيه دون فلترة وخلخلة، وأما ان يقذف بسهام رأيه الشخصيه فيقتل كل من جبن وضعف وينجي كل افراد القبيلة؟ من عاش لبضعة ايام خلت يجد ذلك الصراع المحتدم بين طائفتين كلها تدعي الحق!!!!، طائفة رأت في نفسها السيادة والسلطة فكانت شراً لا خيرا؟ وطائفة تناضل من اجل احياء مباديء ومُثُل؟ وعلى جانب هذا الصراع وقف حيارى شوهتم تلك المرآة لا يعلمون أي الطائفتين الناجية؟ من بين أولئك الحيارى بالتحديد ظهر لنا رجل مضطرب باعتراف عصبة لسانه بعد ان عجز عن دفع الحجة بالحجة وبعد ان رأى في نفسه العجز عن الدخول في المعركة، فبدأ من بعيد لا من قريب يرمي بسهام عوجاء تبين مسيرها قبل قذفها، ورغم انها عوجاء بائنة إلا أنها اصابت بعض رفاقه الحيارى فقتلت جميع ارائهم بطريقة غير متوقعه. فصار كل الرأي رأيه وصار كل الكلام كلامه. على جانب هذه الفوضى التي بعثها لنا، استمر الصراع المحتدم بين الطائفتين دون تأثر ولأن سهامه العوجاء اصابت من لم يقصد، دخل الميدان بجهل علني ووضع الامور في غير نصابها وسمى الاشياء بغير اساميها فبذر ارائة المتصلبة في عقول بعض المتعاركين المتصحره، فاستطاع بدهاء وذكاء لن يدوما أن يبذر افكاره الوضيعة في عقولهم دون ادنى مسائلة، ثم فلتنظر للتهليل والتطبيل على ذلك الحرث، صار الجميعُ حيارى وأصحاب قرار؟ ومن هنا يبدأ التعجب؟ وعن اي تعجب سنتعجب؟ منهم يا ترى اصحاب القرار الذي نعنيهم؟ وكيف نعرفهم بسيماهم؟ أصحاب القرار يا سادة يا كرام فئة في القبيلة وجد فيهم المؤيدون ملائكية وألوهية تركتهم بنظرة طيبة وخيّرة في نظر الناس، فما أن تفتر شفاهم بكلمة إلا وانطلق الصغير والكبير جميعاً لا فراداً يتلقفوون كلماتهم ويقبّلونها ويشمونها ويذيعونها لأنها الصائبة وفعلاً لا يوجد غيرها صائبة. فأفرز لنا هذا القبول الارعن نفراً من رحم تلك الفئة بعقول مؤدلجة ضاعت بين مطرقة التبعية وسندان الجهل فراح الضحية ما يسمى بالرأي الشخصي. نعم الرأي الشخصي يا اخوة هو الضحية ولا غيره ضحية، فلم يعد هناك من يقول "هذا رأيي الشخصي" ولم يعد هناك من يقول "وفي نظري أن ..." فالكل بعقله منقاد، والكل برجله مجرور، وذلك مقت الضال يؤتيه من يشاء والضال لا يهدي القوم الحائرين.
وبدأ الاستعمار الفكري المضطرب في الزحف دون توقف نحو عقول عديدة ممن رأت صحته لوحدته فبدأت الببغاوات تتطاير في كل مكان وبدأت النظرات تتحد وبدأت الاراء في اتفاق على السائد وأي سائد؟ السائد في نظرتهم هو ذلك الصائب الذي ينبغي ان يبقى حتى وإن رأى البعض عدم صحته ولكأن بكل سائد صواب ولكأن بسائد الاشراك والوثنية القرشية خير من دعوة محمدية؟ وهكذا صوروا لنا الحال والمآل والعلة لازالت رهن ذلك الحائر؟؟
كلنا ننظر في هذا المنتدى وكلنا نقرأ ما يجول وما يصول؟ فمن قدر له ان يقرأ ما سلف من مواضيع يجدها مواضيع عبرت برأيها اللاشخصي عن مفاهيم عامة بتعاريف مغلوطة، فمن اراد ان ينظر لمثال قائم لم يزل، فلينظر لموضوع مشئوم كان مركب غرق للجميع لا مركب نجاة، فأغرق الجميع ولم ينجيهم وتركهم في محيطات شاسعة فأضاع هدف الموضوع واثار فوضى الفضول ولم يصل الموضوع لمبتغاه. وكنت اتمنى ان يصل لذلك المبتغى غير ان المثالية المدعاة لم تزل طابع ذات الموضوع ولم تفارقه، فنزلت مع هذه المناسبة اية نزلت منذ زمن "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم". ولأن المثالية سادت وعاثت في العقول أصبح خطيب القوم لا يعي ما إذا كان يوجه نصحه لمجرمي المثالية أم أنه ينصب نفسه مثلاً ويقول انظروني فهنا تكمن علة المثالية؟؟؟؟ وسبب المثالية القميئة التي لازمته هو غياب عنصر الصراحة والوضوح حتى يصل المطلوب بشكل كامل لا جزئي، نحن قوم لن نرتقي ولن نصل طالما نرى أن الصراحة طليقة بعض المتكلمين، ولن نتقدم ولن نتطور طالما نستمع لا نتكلم، ولن نبلغ المجد طالما الحق دائماً بيد طائفة دون اخرى؟. طالما نغض الطرف عن مسائلة بعض الامور ونردد ما يقال كالببغاوات، فنحن في طريقنا إلى العودة لا المضي وهذا عين ما يريد ذلك الحائر. قرأت قبل فترة وجيزة انتقاص بغيض من احد الفتيات ممن سربلتها افكار ذلك المضطرب جسدت لنا مثلاً في التبعية والانصياع للمرأة العربية في العصور الوسطى؟ فبدأت تهذي بما لا تدري وتهرف بما لا تعرف في محاولة بائسة للنيل من شخص بطريقة فظة تقصم ظهر الذائقة العامة، فأوصدت باسلوبها ابواب الاحترام والتقدير، وبلغ الخبر إلى التطاول على أسماء دون ادنى تخير للألفاظ، فبدأت على غير بصيرة بالنيل من عضو لا لأنه رعديد جبان يخشى كلام الناس، بل لانه نزع القناع ولفظ الاختباء وعرض اسمه كاملاً عياناً بياناً لايصاله للمشائخ وهو علي عالي خنتاش لأنه هو من عرض اسمه مؤخراً؟ فعيرته هذه الراشدة (بتقديم الشين والألف على الراء) باسمه وكم يحمل من سيئات؟؟؟ يا للعار حين يأتي تبعي لا تابعي يطعن في اسماء آبائنا واجدادنا ثم يبرر الصنيع ويضيف على سبابه كلمة "مع احترامي للجميع"؟؟؟ عن أي احترام نحن نتحدث؟ وعن اي تقدير نحن نتكلم؟ إن القبيلة اليوم تشكي ويلات سفهاء ترمي بالانتقادات على عواهنها وهي لا تعي ما تقول فبدأت الجراح في تتابع وبدأت المشاكل في تفاقم ولم نصل سوى رد السباب بسباب وهذا الحال الذي ترونه امام اعينكم. ولن نصل إلى طريقة حضارية للحوار إلا أذا ايقن الحيارى ان الخطأ هو أن يلازم الانسان خطأه وأن الصواب ان يعترف بذلك الخطأ. مالذي جرى لهذه العقول المنقادة؟ اصبحنا جميعاً في عراك دون ادنى فائدة تعود للمجتمع وقاصمة الظهر أن المتحدث يحسب على التيار المتمدن الذي طعن في خاصرته بتصرفاته اللاحضارية.فبتنا وسط سادة استأسدوا بأماكنهم المرموقة وظنوا انهم اهل وصاية بالمثالية فبدأو يعرضونها بطريقة متضاربة؟ إن المثالية التي يتحدث عنها البعض ويضعها بنظرته القاصرة في الحضيض باتت مطلب حضاري ينتهجه المصلحون والناجحون في هذه الحياة؟ وإن العادة قد جرت على تشبه الناس بالاخيار حتى عن طريق التشبه، ولقد قال الشاعر في سابق ايامه:
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاحُ
هذه الدعوة الجلية الصائبة التي تدعو للتشبه بالكرام عل أن يبلغ الانسان بهذا مرتبة الكرماء، ولقد ادرك قائل البيت أن التشبه يعني اتباع مثالية الكرماء ولو بالقليل، فاشار إلى انتهاجها. أما أن نأتي على غير بصيرة ونحط من مباديء على غير دراية، فهذة المصائب وهذه طريقة من يبصق على مباديء عالية فيعود البصاق في فيه. فهو لا يضر سواه، ولكن الضرر اليوم اتسع، فوجدنا اناس يطبلون ويصفقون على غير بينة من امرهم فرحين بما اتاهم راشدهم ولم يرميهم إلا بشرر الاستبداد وفرض الرأي. نحن قومٌ أعزنا الله بقول الحق والصراحة ولسنا كمن تأخذه عواطفه وضعف مكانته بين قومه فيجم ويطرق امام اخطاء جلية في القبيلة على رأسها كثرة النقليات ويدعي المثالية؟؟؟؟؟ هكذا صوروا لنا حال المثالية الساقطة فظنوا انها مثالية الجميع، لتنظروا معي الآن إلى المثالية المدعاة والمختلقة التي يصورها لنا البعض هنا بالمنتدى؟حينما بعث لنا الله عز وجل أحد الاعضاء ليتناول قضية النقليات في مدرسة الفائجة بات الناس يتهجمون عليه ويوعونه "مه مه ايها الجاهل، من ستر على مسلم ستره الله يوم القيامة،" ونسوا قول الحقيقة بل غلفوا مبادئ الاسلام الصافية فأغفلوا اكل مال الحرام والوجوم امام قول الحق عند سلطان جائر، وماهذا المثال إلا لنعلم سلفاً أنما نحن امة صرفتها العادات والتقاليد فأصبحنا سفن تمتطيها السادة المثالية إلى بر الأمان، ولعل الله ان يسخر لهذه السفن من يخرقها ليغرق أهلها الحيارى مع أؤلئك السادة.
((فإما أن تعيش قبيلتنا بعزة ورفعة تعرف كيف تعبر عن رأيها بصراحة دون لف ودوران وإما ان تموت تحت اقدام الخنوع والضياع وبهذا تكون النهاية))
التعديل الأخير تم بواسطة متعب البحيري ; 11-29-2009 الساعة 07:05 AM.
|