على ضفاف الذهول وبين الرد والقبول يتردد لفظ مهول ... اصبح وسيلة للقاصي والداني ...
تهدم الامجاد وتنهار الامم ويسود التخلف بخمسة احرف ... تحمل دلائل كثيرة لمن اعتاد على استخدامها ...
فالميم : مهمل....
والشين : شقي ..
والغين : غبي ...
والواو : وغد ....
واللام : لئيم .....
هذه حقائق تجتمع في نفس كل من اخذ هذه الكلمة مطية للتهرب من مسؤليات الحياة ... ودعوني اسرد التسلسل المنطقي للإدمان على هذه الكلمة ...
فتاة دخلت عش الزوجية للتو . لم تكد تنهي اسبوعها الاول مع فتى احلامها . الا وقد بدأ التذمر . لماذ الاكل ليس جاهزا ؟ لماذا البيت ليس مرتبا ؟
والعذر جاهز منذ زمن ... ما ذنبي مشغولة اليس البيت كله فوق رأسي ... وما الحل يا ترى ....
خادمة تقوم بمهام المنزل وتعلن بداية فصل جديد من المشاكل والهموم ....
والعروسة لا تزال غارقة في وهمها ... انا مشغولة وكلكم تعرفون مهام البيت ...
تستمر الحياة .. يصبح في احشائها جنين ... هنا يزداد التذمر وتتضاعف المعاناة .... الام الحمل وقسوة الوهم والمرحلة الجديدة ....
ومرت الايام ...
ولد الجنين طفلا كالقمر ليلة البدر .... ولكن لم تكن الفرحة به بقدر الخوف من الأعباء التي سيزيدها على اعتاق الامم الواهمة . اقصد المشغولة .....
هنا الحل خادمة اخرى تتدبر امر الطفل وترعاه ..... والام ما تزال مشغولة وستظل الى الابد ....
كبر الطفل ...
تناديه الام المشغولة .... اذهب ووآتنا بخبز ... والرد جاهز ... ولا يحتاج الى ادنى تفكير انا مشغول ولن استطيع الذهاب ...
كبر الفتى ...
تستصرخه الام انا متعبة اذهب وآتني بهذه الوصفة والدواء .... ولا جديد انا مشغول الان ... بعد ساعة سأحاول المجيء بها ...
كبر واصبح ابن الثانوي ,,,,
الام غدا عرس ابنة خالتك واريدك ان توصلني مبكرا .... الولد نعم ... وتنتظر الام ولا احد ... تتصل عليه ... انا في الطريق .... وتستمر المعاناة .... واخيرا وصل ....
واوصل الام الى زفاف ابنة اختها عشاء ... والعذر انا آسف كنت مشغول ....
كبر واصبح جامعيا ...
ولم تنته المأساة لا زالت الكلمة تطاردنا من مرحلة الى اخرى ....
الام الحنونة وقبلها المشغولة . يابني انت كبرت ونريد ان نفرح بك . الولد عذرا امي فالوقت ليس مناسب فأنا مشغول بالدراسة ....
انتهت الدراسة وتخرج من الجامعة وتوظف . الام الان لاعذر لديك العروس جاهزة ...
الولد عذرا امي فأنا مشغول بعملي واريد ان استمتع بحياتي دون ارتباط ....
وبعد سنوات توالت وازمان مضت ...
اتى الابن لأمه اريد ان اتزوج ... الام عذرا بني الوقت غير مناسب انتظر بعد فترة ...
واخيرا اتفق الطرفان على ان الوقت اصبح مناسبا وتم الامر بعد معاناة ....
تزوج الابن . ولم تكد المسألة تنتهي ... زوجته مشغولة كما كانت مشغولة امه ... وهو لايزال في سباته يغط ... مشغول ومشغول ....
وفي احد الليالي . وبينما هو يشاهد احدى المباريات اذ بجواله يرن ... من ... انها خادمة امه . مابك ... قالت امك متعبة .
قال بعد ان تنتهي المباراة سأتي أي بعد عشرين دقيقة ....وفعلا تحرك بعد المباراة ...
وصل وامه على مشارف الموت... فلم يكد يدخل من الباب الا ولفظت انفاسها الاخيرة ...
مرضت امه وهو مشغول . نادته فكان مشغول .... ماتت وهو مشغول .
صاح وبكى . ندم وشكى . ولكن فات الاوان ولا ينفع البكاء على اللبن المسكوب ...
اهتدى الولد بعد هذه الحادثة والتزم فأصبح لا يفارق المسجد ... بين مصحفه ومحرابه ...وان خرج يخرج لعمله
عاد لربه واستغفر لذنبه ...
ولكنه اهمل زوجته المشغولة . وطفله الصغير الذي ولد في خضم هذه الاحداث ... كان لايهتم بهما مطلقا فوقته كالآتي :
عمل في الصباح ... عودة بعد الظهر ...غداء سريع ... بعد العصر في المسجد يحفظ القرآن . وبعد المغرب عمل تطوعي ... وبعد العشاء عودة للعشاء وخلود للنوم في التاسعة ... وهلم جرا ... ويوميا هكذا ...
اذا نوع في برنامجه .. فزيارة سريعة للسوق واخذ للاغراض اللازمة للمنزل ... او حضور لمحاضرة او ملتقى ,,,
وفر لزوجته وابنه المال ... ولكن هل هذا لوحده كاف ... اين الرعاية اين الاهتمام ... (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ))
طبق احكام الشرع في كل شيء الا في اهله . قام بأمر ربه واسقط امر اهله ...
انا لا اقول لاتدعو ولا تصلي ولا تعبد ولكن ساعة وساعة .. ولأهلك عليك حقا ... وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (( خيركم خيركم لأهله وانا خيركم لأهلي ))
وما النتيجة التي ستجنى من هذا الاهمال . ضياع الولد وربما انحراف الزوجة لا سمح الله . والمشاكل كثيرة ...
هنا ستعود الدورة وتستمر المأساة لكلمة مشغول ولا نهاية ....
هنا لا اقول مشغول ... ممنوعة ... ولكن الممنوع ان تصبح ديدنا وطريقا سالكا للتهرب من المسؤليات ...
وكل يطبق على نفسه . ويعرف عيبها ... واللبيب بالاشارة يفهم ....
ولكم تحياتي .... انفاس حرف ...