فضل ليلة القدر

[الرهيب]

س/هل فضل ليلة القدر خاص بالقيام، أو يتعداه لكل الطاعات؟
ج/الأعمال متفاضلة في العشر، ليست رتبة واحدة، أفضلها القيام ثم الاعتكاف، والاعتكاف وسيلة للقيام؛ لانه يعين الإنسان على قلبه لئلا يتشتت بأودية الدنيا في نهاره، وهما أخص عبادتين في العشر لمداومته عليه الصلاة والسلام عليهما، وهاتان العبادتان هما خصوصية التعبد في ليلة القدر، ثم الصدقة،لفعله عليه الصلاة مع جبريل، عليه السلام، ثم العمرة لما ورد فيها من تفضيل في رمضان، وما فضل في رمضان يتفاضل بحسب فضل رمضان، ثم سائر العبادات إلحاقا ببعضها؛ لهذا ألحق طوائف من السلف الطاعات كلها بالقيام؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: العمل، في ليلة القدر والصدقة، والصلاة، والزكاة.. أفضل من ألف شهر".
(الدر المنثور: ٨/ ٥٦٨).
وقد نقل ابن رجب في لطائف المعارف، مقولات كثيرة عن السلف تثبت زيادة الفضل لكل طاعة في الأزمنة الفاضلة، إلحاقا للعبادات بعضها ببعض. وهو ما ذهب إليه ابن باز، والألباني.
حتى قال سفيان الثوري: "الدعاء في الليلة.. أحب إلي من الصلاة".
بل لو قيل: إن قصر فضل ليلة القدر على القيام قول حادث، لم يكن بعيدا.
لأننا متى وجدنا أصلا عمليا عن السلف، والنصوص العامة تساعد على هذا فيكون فهمهم وعملهم كاشف معنى النص رافع لاحتمالات تقييده، فيجب التمسك به، وترك التضييق على النفس وعلى العباد لأن نشاط الناس يختلف في الازمنة الفاضلة.
كما أن من مقاصد الأزمنة الفاضلة تحريك التفس إلى الله بالتعبد له، كما في الأمكنة الفاضلة كالحرم المكي، فالفضل خاص بالصلاة والطواف، ولكن يتعدى لعموم الأعمال من الصدقات وقراءة القرآن والصيام ونحوها؛ فلها عموم فضل لا خصوصة .
فيكون لكل طاعة فضل في ليلة القدر، ولكن ليست على رتبة واحدة، لعموم فضل ليلة القدر في قوله تعالى:"ليلة القدر خير من ألف شهر".
ولكن لا يلزم كون كل عبادة خير من ألف شهر، بل ينالها الفضل بحسب ما يحيط بالعبادة من نوعها، وكيفية أدائها، كما في تفضيل صلاة الجماعة على الفذ بخمس أو سبع وعشرين درجة، لا يلزم أن كل من صلى جماعة، ناله كامل الدرجات، بل يتفاضل بحسب كيفية الأداء وما يحيط به.
وهذا التقرير تجتمع عليه المعاني والدلالات في غالبها، ويجمع بين السعة على الناس في الأعمال الصالحة، مع التفاضل بينها. والله أعلم.


الشيخ سليمان النجران